( بقلم : د.سيف الدين احمد )
لقد وافق الجميع عندما حاولت الحكومة الفرز بين البعث الصدامي والبعثي الذي فرض عليه البعث وقالت الحكومة ان المصالحة الوطنية تفرض ان يسير قانون المساءلة والعدالة لكن يبدو ان هذا القانون كان محاولة من الحكومة لاعادة البعثيين الصداميين وغيرهم لان هيئة اجتثاث البعث كانت حائلا امام عودة البعثيين بغض النظر عن نزاهة هذه الهيئة لكن كان هناك هيئة حاولت الحكومة التخلص منها حتى يفسح لها المجال في اعادة البعثيين
لقد كان التصور المطروح في الشارع ان اي قرار يشرع من قبل البرلمان للنظر في حقوق السجناء او عوائل الشهداء او اعادة المجاهدين يظل مطروحا على مكاتب المسؤوليين الحكوميين والوزراء او يهمل ويحفظ على رفوف دوائر الدولة حتى تعلوه الاتربة فيما نرى ان قرارات تنفع البعثيين سرعان ما تنفذ وتصير قانون يحترمه موظفوا الدولة حتى ان البعض من المجاهدين راح يزور اوراق تثبت انه بعثي من اجل ان يحصل على حقوق بسرعة خاطفة وهي من مفارقات العملية السياسية الجديدة فعندما تكتب اليوم انك مضطهد ينظر اليك في وزارات الدولة التي يعشعش فيها الفساد المالي والاداري على انك كائن قادم من خلف الحدود او انك تستجدي او انك لست بعراقي فيما يجامل موظفوا الدولة البعثيين وكأن البعثيين هم الوطنيين
وهذه المجاملة تبدأ من ديوان رئاسة الوزراء الذي يحتفي ويستضيف البعثيين يوميا بل ان رسائل رئيس الوزراء للبعثيين المجرميين يوميا تصل الى سوريا والاردن ومصر تستجدي عودة البعثيين الذين قتلوا العراقيين بدعوى الكفاءة والوطنية فيما يهمش ويبعد يوميا المجاهدون تحت مسميات يوما طائفية واخرى مليشياوية وثالثة مهنية ولا اعرف كيف تسمح الحكومة العراقية لنفسها ان تعتبر ضباط الجيش الكبار من ازلام صدام بالمهنيين ولا اعرف ماهي مهنيتهم هل قتل الابرياء والمجاهدين في انتفاضة شعبان المبارك مهنية ام ان تصفية المجاهدين الذين حاولوا ازاحة النظام هي وطنية ام ان قمع زوار الامام الحسين مهنية ثم ها هي وزارة التعليم العالي والتربية والتجارة والنقل وغيرها من الوزارات تعييد يوميا كل البعثيين حتى حملة شهادات الاعدادية والبكلوريوس تحت مسمى المهنية والكفاءة فيما تتجاهل الاساتذة الذين كانوا يلقبون بالاساتذة في بريطانيا واليابان وامريكا وهم من العلماء وتدعي انه لاتوجد درجات وظيفية ولا اعرف من اين تمنح وزارة التعليم العالي لقتلة الشعب العراقي واصحاب الزيتوني الدرجات فيما لاتجد درجة لتعيين عالم عراقي مشهور في الاوساط العالمية .
كنا نرى ان اصلاح الحياة في العراق لايمكن ان يكون بتغيير وزير فقط او وكيل وزير بل بتغيير شامل لكل الوظائف لذا اقر بريمر وكان قراره صائب ان لايقود اي مؤسسة او دائرة عراقية موظف بعثي لكن جاءت الحكومة العراقية فاخرجت المعيين بقرار الدمج لانها اتهمتهم يوما بعدم المهنية واخرى بالمليشات وثالثة بالبحث عن شهاداتهم لكنها لم تبحث يوما عن شهادات البعثيين ومدى مصداقية تلك الشهادات التي يحملونها لان شهادات البعثيين مزكاة من حزب البعث المجرم .
الغت الحكومة قانون اجتثاث البعث ولاحقت الهيئة لكننا لم نر لحد الان هيئة جديدة باسم هيئة العدالة والمساءلة وكنا نأمل ان نرى محاكم تقوم الحكومة بافتتاحها لانه واجبها للتحقيق مع البعثيين لتخرج البريئين الى عالم الحياة العامة فيما تحتجز المجرميين على جرائمهم وان العدالة الانتقالية تقتضي اولا محاكمة البعثيين المجرميين والطلب من البعثيين غير المجرميين تقديم اعتذار عن انتسابهم لحزب البعث القمعي لانهم كانوا تحت يافطة البعث الذي فتك بالعراقيين وليس مكافأتهم باعادتهم الى دوائر الدولة بل راحت الحكومة الى ابعد من ذلك عندما دفعت تعويضات عن الفترة القصيرة التي انقطعوا فيها عن الدوام فيما لم تعوض المجاهدين الذين اخرجهم صدام منذ خمس وثلاثين عاما كما لم تقم الحكومة لحد الان بمنح الجنسية العراقية لابناء المهجرين والمقموعين العراقيين وكان من المفترض ان تقوم الحكومة اولا بفتح هيئة خاصة تمنح الجنسية للعراقيين العائدين واللاجئين في دول العالم من قمع صدام وتعوضهم عن سنوات الهجرة والحرمان لا ان تتركهم عرضة لتهكم موظفي الدولة البعثيين .
الجيش والشرطة اليوم بيد البعثيين بعدما اخرج المجاهدون ويبدو ان بريمر الامريكي كان ارحم من حكومة اياد علاوي والجعفري والمالكي التي تدعي الجهاد والمعارضة فقد قام رئيس الوزراء بفصل واعفاء الضباط المجاهدين دون ذنب فيما اعاد البعثيين ونرى اليوم مدى انتكاسة الملف الامني عند استلام البعثيين للامن فقد عادت مفخخات الحقد والجريمة تستهدف العراقيين من جديد وها هي الموصل وديالى ينخرها الارهاب والقتل لان قادتها كلهم بعثيون كما ان رئيس الوزراء راح بتجاوز القانون العراقي الذي يقول ان الموظفيين في دوائر الدولة يعينون حسب الكثافة السكانية في البلاد وبنسب تتناسب مع وجودهم الحقيقي على الارض لا كيف ما يرى رئيس الوزراء فما الفرق بين تعينات البعثيين ابان حكمهم وبين اليوم حيث عادت الاغلبية للقمع فيما صارت الاقلية هي المتحكمة في تسيير دوائر الدولة .
على الحكومة ان تفتح محاكمها لتميز بين المجرم وغير المجرم من البعثيين او تتنحى لانها خرجت عن مسار التغيير العراقي وان قانون المساءلة والعدالة ان لم تقم الحكومة بالعمل به فعلينا العودة الى هيئة اجتثاث البعث حتى تصفي هذه الهيئة موظفي الدولة لان الفساد استشرى بسبب كثرة البعثيين في مؤسسات الدولة واصرارهم على تبني ثقافة البعث في السرقة والرشوة والغش وغيرها من سلوكيات انتفض العراقيون للقضاء عليها غير مرة .
https://telegram.me/buratha