( بقلم : احمد عبد الرحمن )
اذا كانت الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجالس المحافظات السابقة، والانتخابات المقبلة، تمثل جزءا مهما من معالم وملامح ومصاديق نجاح العملية السياسية في العراق الجديد، وجزءا من المؤشرات والبراهين والدلالات الواضحة والجلية على عمق واهمية التحولات والمتغيرات الجذرية الحاصلة، فأنها في ذات الوقت تعبر عن الاسس والمرتكزات الصحيحة التي بنيت عليها العملية السياسية.
وحينما نتحدث عن الاسس والمرتكزات الصحيحة، فأننا نعني بالدرجة الاساس الدستور الدائم، الذي مثلت كتابته والتصويت عليه من قبل غالبية ابناء الشعب العراقي الانجاز التأريخي الاهم. ومن الخطأ الاستهانة بذلك الانجاز التأريخي او التقليل من اهميته بالنسبة لكافة العراقيين من دون استثناء، ومن غير الممكن التجاوز او القفز او الالتفاف عليه تحت اية ذريعة من الذرائع او اي مبرر من المبررات، لانه كان نتاج جهود وتضحيات مضنية وجبارة.
واليوم حينما يتهيء العراقيون لخوض ملحمة انتخابية جديدة، تفوق في اهميتها الملاحم الانتخابية السابقة، في نفس الوقت الذي تمثل فيه تعزيزا للنتائج والاثار والمعطيات الايجابية التي جاءت بها، فأنما يعني ذلك استفتاء اخرا على الدستور، وترجمة اخرى صادقة للممارسة الديمقراطية السليمة. ان الدستور الذي اقر النظام الديمقراطي الاتحادي التعددي في العراق، وطوى صفحات الديكتاتورية والاستبداد والتسلط والقمع والتغييب والاستئثار، ينبغي الحفاظ عليه وصيانته وعدم انتهاكه والتجاوز عليه، وينبغي التعامل معه كمرجعية اساسية، والفيصل لحسم الخلافات والاختلافات، لان ذلك من شأنه ان يؤدي الى الحفاظ على التجربة العراقية الجديدة وتجنيبها المنزلقات الخطيرة، والخيارات السيئة، ودفعها باستمرار الى الامام.
والانتخابات، سواء كانت برلمانية او انتخابات لمجالس المحافظات، او لمجالس الاقضية والنواحي، هي المصداق الابرز والاوضح، والمشاركة الحقيقية في رسم سياسات البلد وادارته وتقرير شؤونه المصيرية، هي مصداق اخر لايقل وضوحا ولا اهمية من الانتخابات، ان لم يكن احد معطياتها ومصاديقها. وبقدر ما يحترم الدستور بقدر ما تتحقق الكثير من المكاسب والمنجزات، وبقدر ما تكون الانتخابات سليمة وشفافة، بقدر ما تكون صورة عراق الغد مشرقة، والافاق واسعة وفسيحة لتحقيق الكثير من اماني وتطلعات وطموحات ابناء شعبنا العراقي. الدستور هو المرجع المقدس للجميع.
https://telegram.me/buratha