بقلم : علي الملا
اي طرطرا تطرطري
تقدمي تأخري
تشيعي تسنني
تهودي تنصري
تعممي تبرنطي
تعقلي تسدري
هذه ابيات من قصيدة (اي طرطرا) لشاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري التي نظمها عام 1945م بأسلوبه الساخر والجميل الذي امتازت به العديد من قصائده السياسية اللاذعة في نقدها والرائعة في صياغتها أمثال قصيدة (تنويمة الجياع) , وبقراءة هذه القصيدة والتمعن بكلماتها ترتسم امامي صورة عدد من البرلمانيين في مجلس النواب العراقي الموقر الذين وصلوا الى هذا المنصب (بالدفرات) والذين لا يعرفون أبسط قواعد السياسة وادارة الدولة وحدود المصالح الوطنية للبلد ولا يميزون بين الناقة والبعير ولا يعرفون من اللغة غير كلمة (كلا امريكا).
ان المتتبع لوقائع القراءة الأولى للأتفاقية بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية يسمع صوت الزعيق والنعيق من هؤلاء الذين لا يريدون ان يسمعوا ولا يجعلون غيرهم يسمع , وانا هنا لست بمعرض الدفاع عن الأتفاقية أو الأنتقاص منها , ولكن أسلوب (سوق مريدي) الذي يعتمدونه في تعاملهم السياسي , متناسين انهم اصبحوا نوابا في البرلمان وان عهد (العرباين) قد ولى وحلت مكانها (المونيكا) ولكن يبدو من المستحيل تغيير الطباع التي جبلوا عليها .
واذا اردنا ان نسألهم عن سبب الرفض لقالوا ان سيادة العراق ستمس وكرامته ستهان !!! وان سألتهم ماهو مشروعكم البديل عن الأتفاقية لهتفوا بصوت واحد (كلا امريكا) , ولا أدري من يعطي الذريعة لأمريكا أن تبقى في العراق لعدم الأستقرار الأمني هل هم المثقفون وعقلاء القوم أم المتمترسون في الأزقة الضيقة والمتحصنون بين العوائل الآمنة.
ان اكثر ما يستوقفني في قصيدة شاعرنا العملاق هذا البيت :
تعممي تبرنطي
تعقلي تسدري
فلله درك ايها الجواهري وكأنك في عام 1945م كنت ترى ما يدور في الألفية الثانية من سرعة الأنقلاب من وضع الى وضع ومن زي الى زي ولو كان في أربعينيات القرن الماضي بدلات زيتونية ومرقطة لعرفت كيف انها ستتحول الى ملابس سوداء تقف خلف شعارات براقة وتيارات متقلبة ولأضفت هذان البيتان :
ترقطي تزيتني
تسودي تصدري
تعفلقي تلثمي
توحشي تبربري
ففي كل خطوة تخطوها الحكومة وكل قانون يشرعه مجلس النواب نجدهم أول المعارضين لسبب او بدون السبب وكأنهم (يعملون بمبدأ خالف تعرف) ولا تهمهم النتائج بل ما يهمهم هو الرفض سواءا كان في مصلحة العراق ام لا ولم نسمع منهم كلمة نعم واحدة ابدا , الا اللهم لحارث الضاري فقد كانوا يقولونها له بملئ الفم ( نعم أنت وكيلي) , وأما ما يدعونه من حرب على المحتل فأنها خرافة مكشوفة مثل خرافة (السعلوة) التي لا ينبهر بها الا الأطفال الصغار .
وهنا أدعو الأخوة المخلصين في البرلمان العراقي أن يناقشوا الأتفاقية بأريحية تامة وبعقلية متفتحة ولا يضعوا نصب أعينهم غير مصلحة العراق فقط وأن لا يجعلوا لعملاء دول الجوار التي لا تريد للعراق الا الخراب والدمار اي منفذ لتمرير مخططاتهم الخبيثة فالعراق أولا والعراق أخيرا ورحم الله شاعره الكبير محمد مهدي الجواهري .
https://telegram.me/buratha