( بقلم : ناهدة التميمي )
استاجرنا سيارة من باب المعظم الى مركز المدينة .. وبعد ان ركبنا وانطلقنا قال السائق .. انا اعرف الشخص الذي امامي وما بداخله وما يضمر حتى لو كان جنيا ..ثم قال: انتم كرخيون من لهجتكم .. قلنا نعم نحن كرخيون اي من الكرخ القديمة .. فاردف ومن تعرفون بالكرخ قلنا له البيوت الفلانية والفلانية .. وعندما اطمئن لنا قال هذه سيارتي الخاصة اعمل بها تاكسي ولي فيها مآرب اخرى .. واضاف بانه كان ضابطا بالامن الخاص وانه امضى عمره بالتحقيقات ولذلك لايصعب عليه معرفة البشر وتمييزهم .. قلت له: لماذا لاتعود للعسكرية والان يعيدون الضباط .. قال ليس الان فالامريكان يجرون معنا مباحثات وهم يحدثون توازن طائفي ووعدونا خيرا والمباحثات مستمرة .. قلت: ولكن هذا الامر صعب الان لان الشيعة سيطروا ايضا في الجيش والشرطة والامن ومن الصعب ازاحتهم .. اجابني محتدا بعد ان انهال بالشتائم عليهم , سترين.. ثم مادورنا نحن الم اقل لك ان لي في سيارتي هذه مآرب اخرى .. انا ومجموعتي نجوب المدينة لنصطادهم يعني ( نخمطهم ) ونوديهم بالباباي ..
ثم راح يسرد لنا بعضا من هذه الحكايات قال .. وبما انكم من اهل الكرخ .. هل تعرفون علي ماما قال من معي نعم انه سماك من اهل الكرخ فاطمئن اكثر وقال هو من جماعتنا وذات مرة عزمنا تسعة من الشبان الشيعة على عشاء سمك مشوي على الشريعة اي شاطي النهر وعندما وصلوا واكتمل عددهم احطنا بهم واوثقنا ايديهم وعشيناهم ( خوش عشة ) كل واحد طلقتين براسه .. ثم استرسل بالكلام ليقول انه استاجره ذات يوم شخص واثناء تجاذب الحديث معه جاء الكلام عن الجعفري .. فقال الراكب( السيد خوش سيد) عندها اغلقت زجاج السيارة والابواب باحكام حتى لايهرب واخذت اسوق بيد وانهال عليه ضربا باليد الاخرى وهو يستغيث شرطة حرس ولكن لااحد يسمعه واخذته مباشرة الى الصليخ وفتحت الباب ودفعته وسلمته للمجاهدين هناك .. قلت وماذا عملوا به قال راح ياكل بامية مع الملائكة .. سالته يعني ..؟؟ قال ذبحناه ..
عندها لم ننبس ببنت شفة .. قال انا مسدسي ال16 دائما تحت مقعدي واستخدمه عند الضرورة او عندما اصطاد احد الصفويين او المتعاطفين مع الحكومة .. واضاف: ذات يوم ركب معي شخص قد يكون شرطي او عسكري فانتهزت الفرصة على الطريق السريع وضربته باخمص المسدس على ام راسه واظنها ضربة كانت قاتلة وفتحت باب السيارة ودفعته متدحرجا واظنه قد مات .. .. كاد يتكلم المزيد عن قصص الرعب والاجرام هذه لولا اننا وصلنا للمكان الذي نريد ولم نصدق انفسنا اننا نجونا منه ونزلنا بسلام والحق يقال هو لم يشأ ان ياخذ الاجرة منا لولا اصرارنا باعتبارنا من جماعته كما يعتقد ..
وفي السيدية كدنا نختطف انا واختي لولا عناية الله وحسن التصرف من قبل ارهابي اخر .. فقد استاجرنا شخصا وبعد دقيقة من الانطلاق وبعد ان سالنا من اي العمام نحن اعتذر بانه نسي موعد كان له مع صديق .. ذهبنا لنشتري قيمر واذا به ياتي مسرعا الينا لنركب ثانية وعندما صعدنا اتصل بشخص او اشخاص بصوت هامس لم نسمع منه شيء مما اثار الشك فينا وبعدها راح يقول لنا بطريقة مريبة كما ترون السيارة بدون ارقام او اوراق ثبوتية اي الان لو ذهبت بكم الى اي مكان لااحد يستدل على السيارة فهمست لاختي ان تترك الامر لي وان حاول اي شيء فسوف انهال عليه بكعب الحذاء على راسه حتى افقده الوعي عندها اطمأنت قليلا .. وعندما حاول الاستدارة الى احدى الشوارع الفرعية اي ليس الطريق المعتاد- الشارع الرئيسي وهو الوحيد المسموح بخروج ودخول السيارات منه .. ظهر بالصدفة شرطي مرور قال له ممنوع عندها انتهزت الفرصة وقلت له اه لقد نسينا شيء نريد النزول هنا وخلصنا انفسنا من مصيدة ..
ما اريد قوله ان الارهابيين مازالوا يجوبون بغداد يختطفون الابرياء والسذج ومن ليس له حس امني او لايحسن التصرف او الكلام مع هذه الاشكال .. وانا بتجربتي البسيطة هذه استطعت ان اكشف عددا منهم .. فاين الاجهزة الامنية والامن الوقائي والحصانة الامنية لتثقف المواطن وتوعيه الى التصرف في مثل هذه الحالات او اكتشاف امثال هؤلاء كما ان السيطرات الامنية المنتشرة والكثيفة هي استعراض للقوة وتاكيد على هيبة الدولة نعم, ولكنها لاتمنع الانفجارات ولا الارهابيين من التجوال بحرية في شوارع بغداد واختطاف وترويع الاخرين .. بالعكس قد تكون هذه السيطرات الكثيرة والازدحامات الكثيفة والاختناقات المرورية هي غاية مايتمناه الارهابيون لتفجير انفسهم او سياراتهم المفخخة في اكبر عدد من الناس .. ولو ان الحواجز رفعت واصبح هنالك انسيابية ووضعت سيطرات محدودة على منافذ بغداد والشوارع الرئيسية تكون مزودة باجهزة كشف اسلحة ومتفجرات لكان افضل للشرطة والمواطن .. كما ان تطوير الامن الوقائي والارتقاء بمستوى اداء الاجهزة الامنية ليوازي مالدى الارهابيين من تكتيكات وطرق هو اجدى من السيطرات الكثيرة التي غالبا ما لاتعمل شيء بقدر تمررالسيارات دون تفتيش وتتسبب في الازدحامات ..
والغريب اني عندما ركبت الطائرة متوجهة للبلد الذي اقيم فيه من دمشق جلس بجانبي شخص عراقي قال متثاقلا متى ياتي الافطار حتى انام .. ثم اردف ولو انه سيكون بيض مقلي كالمعتاد وعندما جاء الافطار بيض مقلي كما قال سالته كيف عرفت .. قال انا منذ سنين اسافر الى سوريا كل كم شهر تقريبا .. قلت وماذا تعمل .. قال اشحن سيارت الى سوريا وابيعها للعراق .. قلت ولكن لايسمح باقل من موديل 2007.. اجاب هذا ماتقوله الحكومة اما نحن فلنا طرقنا نصدر سيارات قديمة من كل موديل ولون وهناك ندخلها من منافذ معينة حيث ينتظرنا رجال من الغربية يقومون بشد لوحات لها واوراق ثبوتية كانها من زمان في العراق ويبيعونها بعد ذلك بالداخل .. قلت وقد يستعملونها للتفخيخ والتفجيرات ..قال متهربا من الامر لااعتقد .. قلت بداخلي يارب هل كتب لي في هذه الرحلة ان لا التقي الا الارهابيين والمهربين..!!؟؟
اقول رغم هذه النماذج السيئة ورغم الازدحامات والغلاء الفضيع في بغداد فان اهلها مازالوا طيبين وكرماء وفيهم نخوة وشهامة وحب المساعدة وهذه صفات لم ارها في اي مدينة عربية اخرى ..بغداد تبقى درة الدهر وعطر الزمان وحبة القلب ومنية النفس وبهجة الروح .. بغداد والشعراء والصور .. ذهب الزمان وضوعه العطر .. يالف ليلة يامكملة الاعراس يغسل وجهك القمر ..
ناهدة التميمي
https://telegram.me/buratha