المقالات

حسرة وألم وانتخابات


( بقلم : مهند السماوي )

كما توقعت وتوقع معي الملايين من فوز اوباما برئاسة الولايات المتحدة نظرا لتفوقه في استطلاعات الرأي،الا ان ذلك لا ينفي ان التغيير معه ليس شموليا سواء في امريكا او في الغرب عموما،فتغيير الوجوه السياسية لا يصاحبه بالضرورة تغيير جذري في السياسة الداخلية والخارجية الا بمقدار قليل،وفي تقديري اذا كان تغيير الوجوه السياسية من اقصى اليمين الى اقصى اليسار مثلا كما هو الحاصل في فوز اوباما،فأن التغيير لن يزيد في اقصى الحالات بين ربع الى ثلث السياسات الخارجية والداخلية،بسبب كون السلطات السياسية موزعة بين الحكومة والبرلمان والقضاء بالاضافة الى الرأي العام ومن ضمنه السلطة الرابعة وهي الصحافة،وبالتالي فأن الرئيس القادم سواء في امريكا او في اي بلد غربي اخر فأنه محكوم بقوانين وانظمة تقيده وتجعل سلطاته السياسية محدودة،وليس كما هو حاصل في بلدان العالم الثالث عندما يكون الملك او الرئيس هو صاحب السلطات غير المحدودة،ولا تقف بوجهه اي قوة داخلية وبالتالي يعبث بمصائر الناس كما يحلو له ويصدر من القوانين بدون استشارة احد !.

تركيز الديمقراطيين واوباما سوف يكون الداخل الامريكي كما سوف يحقق حكمه فوائد اكثر بالمقارنة لو فاز جمهوري آخر،والفائز الوحيد هو الذي خلق تلك الديمقراطية واعني به الشعب الامريكي.

ماجعلني اتحسر اليوم بألم وبشدة كون شعوبنا العربية محرومة من تلك النعمة،بل يزداد ألمي وحزني عندما ارى المهزوم ماكين يهنئ الفائز اوباما بنجاحه في الانتخابات الرئاسية،وتلك عادة درج عليها المتنافسون على سدة رئاسة البلاد سواء في امريكا او في اي بلد اخر في الغرب...بينما في بلادنا العربية،فأذا حصل وجود من ينافس الرئيس في اعادة انتخابه(لاحظ اعادة وليس انتخاب وجوه جديدة!)فأن ذلك المنافس الذي يحرم من النزاهة بالطبع اذا كان محظوظا لكي يعيش بهدوء!فأن ايامه سوف تكون في السجن كما حصل لمنافس حسني مبارك في مصر،ايمن نور والذي تجرأ لكي يحاول التغيير في بلد احوج اليها بعد اكثر من نصف قرن من حكم العسكر،والذي يقبع في السجن بدون وجه حق بينما يجلس الذي يستحق السجن خارجه يتلذذ بالحكم الى آخر نفس في عمره وسوف ينقل التلذذ الى ابنه ومن يدري لعل احفاده ايضا!،الا اذا ازاح شعب مصر جدار الخوف من صدره وازال حكمه المقيت!.

حسرات اخرى تضاف تباعا،فالحال في مصر افضل من بلاد اخرى!فلا وجود لمنافس للرئيس في سوريا او السودان او اليمن الذي اخطأ رئيسه مرة عندما قرر عدم الترشح ولم يصبر على كذبته اسابيع! حتى رجع وبأشد حالات الخوف من ضياع الحكم وبصورة هستيرية للترشح ...لا بل لا وجود لانتخابات اصلا حتى لو مزورة وصورية كما هو الحال في ليبيا!.

وامس قرأت عن الرئيس الجزائري المنتهية ولايته الثانية بوتفليقة،وهو الذي يعتبر مناضل يساري!وكبير في السن ايضا(لا حدود لتطلعات الحكام وآمالهم ولا خوف من الله سبحانه)رغبته في تغيير دستور بلاده لكي يبقى في حكمه بلا تحديد لفترات زمنية...يريد حكما مفتوحا... وصلاحيات مفتوحة...ولو بيده لطلب حياة مفتوحة!...ولولا الموت لقبع حكامنا الى الابد...غالبا ما يتمنى المرء ان تأتيه الاخبار بموت حاكم عربي! يعرف ان الذي يأتي بعده يكون نسخة ولكن تغيير الوجوه القبيحة ايضا نعمة!.

رئيس جديد لاقوى بلد في العالم يأتي من اب ليس امريكيا!بل من طالب كيني سكن مؤقتا في امريكا!وايضا من اصل مسلم لبلد مسيحي...وفوق ذلك اسود لبلد غالبيته بيض!...هل يمكن تصور ذلك في بلادنا التي تحرم المواطن الذي جاء اجداده قبل بضع مئات من السنين من بلد مجاور او دول اخرى،من البقاء في بلده وليس الترشح!...او تمنع الافراد الذين ينتسبون للاقليات من الاديان والمذاهب والقوميات ...بل من الجنس الاخر،المرآة!... مرارة شديدة وحسرة على وضع يعود للعصور الجاهلية...ولكن بدون شعراء!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك