المقالات

لماذا لاتوجد مشكلة بين العلمانية والدينية في دولة أسرائيل ... نتعلّم كعراقيين !.

1273 19:38:00 2008-11-01

( بقلم : كاظم شلتاغ )

من التجارب السياسية المعاصرة الديمقراطية الفريدة في التاريخ الحديث هي التجربة الصهيونية الاسرائيلية التي جمعت بين كل المتناقضات وصهرتها بحيز واحد لتنتج فيما بعد دولة قوية ، ولعلنا نحن العراقيين بحاجة ماسة الى دراسة وتأمل كل النماذج السياسية البشرية التي استوعبت جميع مواطنيها بنوع من روح الالفة والمحبة لنسأل فيما بعد عن : كيف استطاعت هذه الدولة او تلك ان تجمع كل هذه التناقضات الداخلية ومع ذالك هي سائرة بلا مشاكل ؟. عسى ولعل بعد هذا ان نستفيد من احدها في بناء واقعنا السياسي الذي ليس له وجود الا في اساطير الف ليلة وليلة البغدادية !.

ان من اهم مميزات التجربة الاسرائيلية الصهيونية في واقعنا المعاصر والتي ينبغي التركيز عليها في المرحلة الراهنة هي قدرة هذه التجربة على استيعاب العلمانيين من ليبراليين رأسماليين غربيين مع نقيضهم اليساريين الاشتراكيين مضافا اليهم نقيضهم الدينيين الاسطوريين في حيز واحد ، فياهل ترى : كيف استطاعت هذه التجربة ان تقنع الكلُّ السياسي لاسيما منهم الدينيين والعلمانيين على الجلوس على طاولة واحدة ، لاوبل صهر هذين التوجهين في علاقة مصيرية بحيث اننا غدونا لانستطيع التمييز بين العلماني والديني في دولة بني صهيون ؟.ثم لماذا نحن نجد هذه الظاهرة وكأنما هي من طبيعيات الامور السياسية في دولة الغار والشمعة اليهودية ، بينما نجد ان هناك طلاق بائن وثلاثي الابعاد في دولنا العربية والاسلامية بمافيهن العراق بين الاسلاميين والعلمانييين المتعلمنين ؟.

ماهي القوة او الفكرة او الهدف او الحكمة التي استطاعت اقناع علمانيي اسرائيل ومتدينيها على الغاء مصطلح الصراع بينهما على الايدلوجية الفارغة والتوحد الى حد الانصهار في مصلحة وجودهم السياسي المشترك ؟.ثم لماذا اذا حاول بعضنا ان يدمج بين التيارين العلماني والديني في احد دولنا او في التجربة العراقية الجديدة تقوم الدنيا ولاتقعد حزنا وبكائا على ايدلوجيا التعلمن او الدين الانتمائية لكل فصيل من الفصائل السياسية باعتبار ان هناك انفصام لاعودة فيه بين العلمانية والدين في هذه الحياة ؟.

الغريب في التجربة الاسرائيلية كنموذج نستطيع دراسته بعمق والاستفادة منه بحرارة : ان هذه التجربة اليهودية اول من سعى لها هم يساريي بني صهيون تحت النظام السياسي القديم في العالم القيصري الروسي ، ثم جاء بعدهم ليرفدهم التيار الليبرالي الراسمالي المناهض انذاك للعالم اليساري الاشتراكي ، لتكون الليبرالية الصهيونية مع اليسارية الاشتراكية الصهيونية اول من اتحد في العالم لقيام كيان دولة من العدم على ارض فلسطين العربية !.ثم بعد ذالك جاءت المفاجئة الكبرى في العالم المعاصر وهي مفاجئة ان اليسار الاشتراكي اليهودي ومعه الراسمال الليبرالي اليهودي في العالم هم من اقام الدولة على اكتافه في نفس الوقت الذي اصرّ التيار الاشتراكي اليساري على ان تكون دولة اسرائيل يهودية دينية مئة بالمئة ؟. أليس هذا عجيبا ان يقيم اليساريون دولة دينية في فلسطين المحتلة العربية مع العلم ان اليسار والدين اول من دعى لتدمير بعضهما والبعض الاخر في العالم الحديث على يد وافكار وفلسفات ماركس اليهودي وسبينوزا الليبرالي اليهودي وباقي فلاسفة اوربية الشرقية والغربية الذي نتغنى نحن باسمائهم في عالمنا العربي المسطول ؟.

هل يعني هذا ان اول من روّج في عالمنا الثقافي العربي والاسلامي للصراع بين العلمانية والدينية هم اليهود انفسهم ، ومن بعد ذالك ذهب هم في الاتجاه المعاكس بالتمام لنشتغل نحن بعملية الصراع ويشتغلوا هم بعملية الوحدة والبناء ؟. هل عندما يندمج العلماني والديني يصنع المعجزات لذالك توجهت دولة اسرائيل للدمج الكامل بينما عندما يُزرع الصراع بين التيارات الدينية والاخرى العلمانية يعمّ الخراب ؟.

عندما انظر للكنيست الاسرائيلي اجد ان صاحب اللحية والجديلتان الذي يقضي جلّ وقته باكيا متعبدا ناسكا عند حائط المبكى جالسا بكل الحب والرحمة والاخوية مع السيدة ليفني زعيمة حزب كديما التي تعاقر الخمر كل ليلة وتدخن من السجائر مالايطاق تعداده ، فهل يعنى هذا ان هناك خطئا في المعادلة السياسية الصهيونية ام ان هناك مسار صحيح في هذه العملية هو الذي هيئ يهود العالم ليصبحوا اسياده بلا منازع ؟. نعم يبدوا اننا نحن العراقيون بحاجة الى اخذ الحكمة من التجربة الاسرائيلية اليهودية لنهدئ قليلا من افتعال الازمات الفكرية والاعلامية بين مايسمى التيار المتعلمن والتيار الاسلامي ، والا ليس من المعقول ان لدينا في العراق ثلاث مكاميع من المتعلمنين الجهلة وانا رابعهم مقيمين الدنيا وغير مقعديها على التيار الاسلامي ، لالشيئ الا بسبب خوفنا على الايدلوجيا وحمدية صالح من ان تمنع من الرقص مع احترامي وحبي للرقص طبعا ؟.

ان التجربة الصهيونية تعطينا نحن في العالم اليوم درسا لايمكن تجاوزه ببساطة مفاده : ان هناك وبالامكان ان يتوحد الانسان على هدف اعلى يجمع الكل الوطني والجغرافي على اتجاه واحد مع وجود اختلافات هنا وهناك لهذه التكتلات البشرية في الايدلوجيا وفي الافكار وفي الايمان ...، لكن كل هذا لايمنع ان تكون الامة متقدمة نحو هدفها الاسمى في الاعمار وفي البناء وفي الحفاظ على الامن وفي المطالبة بالتنمية الاقتصادية وفي الدفاع عن الكيان القائم ..... مع وجود اختلافات صبيانية هنا وهناك تسمى بالاختلافات الايدلوجية والتي اكتشفنا مؤخرا ان ماهي الا لعبة خلقها الاستعمار القديم لزرع الشقاق والفرقة بين ابناء الوطن الواحد !.

نعم المشكلة في الوعي الانساني وليس بالفكر الديني او العلماني ، فالانسان عندما يكون مهيئا تربويا وقادرا حضاريا على ان يكون اكبر من الايدلوجيا العلمانية والدينية عندها نصل الى انسان لايجد حرجا مطلقا ان يكون علمانيا ولكنه عند صندوق الاقتراع ينتخب اسلاميا من اصحاب اللحى الطويلة الذي يختلف فكريا مع العلماني الاخر لابل ونجد المتدين يخطب في برلمان الدولة بينما العلماني في فسحة روحية عند حائط المبكى على الذنوب التي اقترفها الاباء مع الله فيما مضى من ازمان !.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
سامي جواد كاظم
2008-11-02
بعد التحية لا اتفق معك اخي الكاتب فيما ذهبت اليه واليك راي اسرائيل دولة شتات والقادم من الخارج ليكون له وطن يكون سعيه من اجل غنيمته واذا ما اثار مشاكل مع بقية الاشتات القادمة من الخارج فسوف يؤدي الى ضياع الغنيمة ، واما اعتقادك ان لا وجود لاعمال ارهابية او طائفية بين اليهود فهذا غير صحيح ولو تتبعت تاريخ اليهود ومللهم وكيفية اغتيال بعضهم البعض بسبب اختلاف الراي على شكل الاله الذي يعبد لرايت العجب العجاب فهنالك يهود قبل بناء الهيكل ومع الهيكل وبعد الهيكل والتجريم فيما بينهم على قدم وساق . والان مشكلة اسرائيل هو كيفية تثبيت وطن ونيل الاعتراف بها لا على اساس ما لديها من ترسانة نووية ودعم امريكي لها مع السيطرة على اموال ضخمة تؤثر على الاقتصاد العالمي بل على اساس اعتراف حاله حال الاعتراف بين الامم. واما العلمانية والدينية فالعلمانية مسخّرة للدين باعتبارهم شعب الله المختار فلهذا لابد من تذليل كل الافكار من اجل اليهودية والكلام يطول ولكن هذا المختصر شكرا جزيلا
كاظم شلتاغ
2008-11-02
عمي ابو ستير الله ايخليك محمدنا رسول اللج جان ايكَول : خذو الحكمة انا وجدت !. عمي او ستير الله ايخليك : احنه النريد نعرف قوة عدونا وكيفية انحش حشيشة !. سامحني ياعمي على العنوان
yasser
2008-11-02
I agree 100% I think ther's something to learn from them.the iraqi people need any help they can get. to buld their country.doesn't matter what's come from.and responding to one of the readers . israel is state.regardles you like or not.and just let you know they lead the world.so it's very strong "dawla"
أبو ستير
2008-11-02
عمي الله يخليك ... أي دولة إسرائيل ، منذ متى نطلق على هذه الغدة السرطانية المتهالكة دولة ؟ (( عمي الله يخليك غير عنوان مقالك و حتى مضمونه )) هل يصح أن نتخذ إبليس اللعين مثلا في الذكاء ؟ الله يسددك المرة القادمة إنشاء الله إذا كنت ناوي للخير . و أخيرا سامحنا يا عمي الله يخليك .
حسين الشروفي
2008-11-02
انا ارى انه لا يمكن تعميم الحالة الاسرائيلية على باقي الدول حيث ان ما يجمع المتدينين و العلمانين في (اسرائيل) هو الصهيونية و التطرف مع اختلاف درجة هذا التطرف من حزب الى اّخر
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك