( بقلم : علي الحمداني )
الوظيفة العليا للمرجعية الدينية تتلخص بتحديد الموقف الشرعي والوظيفة العملية للمكلفين ومراقبة الاداء الشرعي للامة ومنع انزلاقها وانحرافها. ومن هنا فان موقع المرجعية لم يكن موقعاً دنيوياً وان تعلق بافعال العباد وتكاليفهم لانه يتصل بالشريعة وبيان الحكم الشرعي واستنباطه من مصادره المعروفة (القرآن الكريم والسنة المطهرة والعقل والاجماع). الاداء المرجعي اداء معنوياً وارشادياً واخلاقياً ومسؤولية المرجعية مسؤولية خطيرة للغاية فاذا فسد العالم بكسر اللام فسد العالم بفتحها وان الانحراف الذي يصيب الامم الاخلاقي والديني يتحمل العلماء في الغالب مسؤوليته.
وخلال الفترة الماضية التي سبقت سقوط النظام الصدامي لم يكن دور المرجعية واضحاً لانها كانت محاربة ومشغولة بالدفاع عن نفسها ومحاصرة من قبل ذاك النظام الاجرامي. وبعد سقوط النظام الصدامي سنة 2003 وجدت المرجعية الدينية نفسها في مواجهة واقع جديد لا يمكن الانعزال عنه او تغافله فتوفرت للمرجعية الدينية مساحة من التوجيه والالزام والاوامر.وكان ذلك اختباراً عسيراً للمرجعية الدينية لكي تثبت جداراتها على توجيه مسارات الامة بالاتجاه الصحيح. وما زاد الاوضاع تعقيداً وادخل المرجعية في مخاضات صعبة هو الشد الطائفي والصراع المذهبي والتفجيرات التي طالت المراقد والمساجد والحسينيات وبالاخص التفجير الارهابي الآثم الذي طال المرقد المقدس للامامين العسكريين في سامراء والذي وضع البلاد والعباد على كف عفريت وادخال البلاد على ابواب فتنة طائفية وحرب اهلية لا تبقي ولا تذر.
وشمرت المرجعية عن ساعديها ودخلت الميدان من اجل نزع فتيل الفتن والازمات واخمدت نار الفتنة الطائفية واعلن بوضوح انها مع الجميع ولا يقودها استهداف الشيعية ومراقدهم وحسينياتهم الى مواقف مماثلة ومنفعلة لان الارهاب لا يمثل السنة او اي مذهب اخر. وامرت المرجعية بعدم التصدي لاي فعل تفوح منه رائحة الطائفية وحذرت من تعيم العقوبة ومن ردود الفعل غير المنضبطة واوكلت حفظ الامن والقانون والقضاء بيد الاجهزة المعنية لكي لا يدخل العراق الى حافة الهاوية. والحكمة العالية والحرص الكبير والابوة المخلصة للمرجعية الدينية التي تميزت بها المرجعية كانت الضمانة الاكيدة لحقن الدماء وتأكيد وحدة الصف وتعميق المحبة والوئام بين مكونات الشعب العراق.
وشعر الاخوة السنة بل وجميع المكونات والاقليات ان الامام السيستاني هو المنقذ الحريص على دمائهم ووجودهم وهو صمام امان و رمز المحبة والسلام والتآخي ولن يخطو خطوة او يتخذ موقفاً الا لمصالح العراقيين جميعاً.واما على مستوى الموقف الشيعي ومحاولات الاخرين من ايجاد صراع شيعي شيعي عبر ايجاد بؤر توترات كاحتلال المساجد والحسينيات التابعة لمعتمديه ووكلائه فتعامل مع هذه المحاولات بوعي وحكمة لا تتوفر في غيره مطلقاً. وقد شكا اليه الكثير من معتمديه وانصاره ومقلديه ما حصل لمساجدهم من سيطرة واحتلال من قبل اميين وجهلة لا يفقهون احكام الصلاة فضلاً عن الدين فأجابهم جواباً اسكتهم عبر تساؤله : الا يصلون في المساجد التي احتلوها واغتصبوها فاجابوه نعم فقال لهم دعوا المساجد لهم.
الامام السيستاني يدرك خطورة رد الفعل المماثل وما يمكنه من ايجاد صراعات داخلية من اجل انتزاع هذه المساجد كما ان يعتقد باهمية حرمة الانسان ودمه على البنيان والجدران بل انه يعتقد ان حرمة المؤمن اشرف من الكعبة كما اشار الرسول الاكرم الى ذلك فليس من الصحيح ان تراق الدماء من اجل استعادة المساجد المحتلة.الا يحق لنا ان نطلق على الامام السيستاني بانه الضمانة الاكيدة لحماية الجميع بلا استثناء.
https://telegram.me/buratha