( بقلم : عبد الزهرة الساعدي )
سؤال وجيه وجدير بالاثارة وطرحته على نفسي وانا لم اكن مجلسياً ولا بدرياً ولا صدرياً ولا دعوتياً بل مواطن واكب اداءات الحركات السياسية بعد سقوط الطاغية صدام وبنى تصوراته عن تجربة حسية ووجدانية وميدانية وسأدعم وجهة نظري بالادلة الواقعية التي عشناها عن قرب. لا اريد أن اهاجم الاخرين وانتقد تجربتهم ولكن من حقي ان اقارن بين من تولوا امورنا وامسكوا بزمام امورنا في البلاد في المرحلة الماضية التي أعقبت سقوط صدام المقبور. عشت في منطقتين احدهما يسيطر عليها التيار الصدري والاخرى يديرها المجلس الاعلى ووجدت الفارق بين هذين النموذجين البارزين وسوف اشير الى اهم نقاط المقارنة والافتراق بين هذين الفصيلين واترك الحكم الاخير لضمير ووجدان القراء الكرام.
واود الاشارة العابرة في بداية هذه المقارنة الى ان المجلس الاعلى يمتلك وعياً متقدماً وتجربة كبيرة في استيعاب الاخرين وانتقاء خطاب معتدل يؤثر بالواقع ويعمل بهدوء لتحقيق اهدافه بينما التيار الصدري فقد استعار من النظام السابق وطريقة حزب البعث اساليبه في توجيه الناس والضغط عليهم عبر التهديد والخطف والقتل.كنت من سكنة مدينة الصدر في القطاعات الاخيرة منذ اكثر من ثلاثين عاماً نعاني التهميش والضياع والاهمال بسبب سياسات النظام السابق الخرقاء وبعد سقوط الطاغية صدام في التاسع من نيسان سنة 2003 استبشرنا خيراً بالعراق الجديد واعتقدنا ان المرحلة السابقة بكل ظملها وظلامها قد انتهت ولن تعود وان الامل كبير بازدهار العراق واعمار وتأهيل هذه المدينة المظلومة.
ولكننا صدمنا بوجود جماعات منفعلة ومتطرفة سيطرت على واقع هذه المدينة رفعت صور شخصياتها الدينية في كل مكان واعلنت بكل وضوح غلق هذه المدينة التي اطلق عليها بعد التغيير مدينة الصدر للصدريين وحدهم وليس من حق اي جهة سياسية او حزبية من التحرك في هذه المنطقة ومنعت الشخصيات الحوزوية الا المحسوبة على مكتب الشهيد الصدر. واعلنت حملة لتأميم المساجد والحسينيات واحتلالها وتسليمها الى شخصيات نافرة من انصاف المتعلمين وبدأ مكتب الشهيد الصدر يمارس دور الفرقة الحزبية في العهد البائد بل فاق على الفرق الحزبية في مطاردة وقهر المواطنين وفرض عليهم قناعات دينية ما انزل الله بها من سلطان.
وفوجئنا بالمحاكم الشرعية التي يديرها متفيقهون ومعممون لا يفقهون من كتاب الله آيتين وتحولت منطقة السدة في اخير مدينة الصدر الى مقبرة لضحايا الصدريين المغدورين من السنة والشيعة وسادت عمليات الخطف والاغتيال والتعذيب في مكاتب الشهيد الصدر لمعلومات كيدية غير موثقة واصبح الناس في واقع لا يحسدون عليه بل ان الكثير من ابناء هذه المدينة اخذ يقارن بين سلوكيات الصدريين والبعثيين فلم يجد فارقاً كبيراً الا فرق واحد ان البعثيين لا يقتلون ضحاياهم امام منازلهم او يعدومون معارضيهم بسبب الطعن والقذف بالحزب والثورة بل هناك محاكم ولو صورية في ابو غريب تحاكم هؤلاء وباحكام مختلفة بينما هؤلاء البعثيون الجدد المرتدون رداء الصدر فاخذوا يعدمون الناس لاسباب مضحكة وقد تم اغتيال صحفي من جريدة الصباح يسكن الحبيبية لانه قال امام جماعة في منطقته عبارة "ان صح التعبير" في اشارة الى عبارة مقتدى الصدر المفضلة والتي يطلقها دائما فيما صح التعبير او لا يصح.
وما شاهدنا من جرائم وانتهاكات لحرمة النساء واعتقالهن وتعذيبهن بحجج واهية يعجز عنه المقام ويحتاج الى مساحات مطولة ومفصلة. وقد استخدموا فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اسوء استخدام دون ان يعرفوا شروط وظروف هذه الفريضة فمنعوا الاحتفالات بالافراح والاعراس والمناسبات وعندما فاز منتخبنا الكروي في بطولة اسيا منع جيش المهدي احتفالات المواطنين فلجأ اغلبهم الى الكرادة للتعبير عن فرحهم وسرورهم لفوز المنتخب العراق.
وقد انتقلت بعد عام 2007 الى منطقة الكرادة الشرقية حيث تدار في اغلبها من مكاتب المجلس الاعلى ومنظمة بدر ولاول مرة اشعر بالامان وانسانية الانسان واي مواطن يتجول في اسواق الكرادة المزدحمة يشاهد الفرق بين اخلاقية المجلس الاعلى وسلوك غيره فليس هناك محاكم شرعية وليس هناك لجان لفرض الحجاب على النساء بالقوة والتهديد وليس هناك منع لاحتفالات الناس بافراحهم او التعبير عن ارائهم فمن ينتقد المجلس الاعلى لا يتلفت يميناً او شمالاً بل يشعر الانسان بمنتهى الامان والاطمئنان بل والاخطر من ذلك كله ان بعض المحتفلين بالاعراس ليالي الجمع تتحرك سياراتهم على مقربة من مكاتب المجلس الاعلى واحيانا يترجلون للتعبير عن افراحهم لشعورهم بالامان وعدم الاستهداف. وهذه المفارقة والمقارنة هي المشهد الواقعي في كل المحافظات ولا تحتاج الى تدليل اكثر لشعور الجميع بهذه الحقيقة. لهذه الاسباب وغيرها مما لا يحسن الاشارة اليها سوف انتخب المجلس الاعلى ضمانة لحاضري ومستقبل اطفالي وبلدي.
https://telegram.me/buratha