المقالات

قدسية كربلاء ومظاهر الاحتفال


( بقلم : طالب عباس الظاهر )

لا بأس في تعبير الإنسان أحياناً عن سعادته ودواعي فرحه بما يعتقده ملائماً لمثل تلك المناسبة ، واحتفاله بالطريقة التي يرتئيها لنفسه وذويه ، كالزواج على سبيل المثال، شريطة أن لا يتسبب ذلك في أذى الناس وإزعاجهم ، وربما إرعابهم بإطلاق الأعيرة النارية وفيهم الطفل والمرأة والمريض أو الإساءة للمجتمع بطريقةٍ ما ، أو الإتيان بتصرفات مشينة تخدش مشاعر الآخرين ، كون الاحتفال بمثل هكذا مناسبات خاصة ، لا يعني بأي شكل من الأشكال ، تجاوز الحرمات وإباحة المحظور من خلال الخروج على الأعراف والتقاليد المتعارف عليها ، وقد أقرتها الشريعة المقدسة ، كما جاء في الحديث الشريف: " المسلم من سلم الناس من يده ولسانه " والأهم من كل ذلك محاولة الإساءة - دون قصد طبعاً - لمكانة مدينة مقدسة مثل مدينة كربلاء الحسين عليه السلام ، من خلال مكبرات الصوت ، وارتفاع أصوات النساء وخروجهن متبرجات ، وإطلاق المفرقعات والتزمير والتطبيل ، وربما بالرقص والغناء البعيدين كل البعد عن مبادئ ديننا الحنيف وأجواء مدينتنا المقدسة المعمدة بالدم الطاهر لأبي الأحرار ودماء أهل بيته وأصحابه الأبرار، فضلاً عن تجنيها على قيمنا العربية الأصيلة.

فإذا ما كانت مظاهر الاحتفال في مدينة كربلاء المقدسة لا تراعي مثل تلك التقاليد الاجتماعية والمواريث الدينية، ويتم التجاوز عليها في خضم حمأة الاحتفال وهيجة التعبير غير المنضبط عما يجيش في دواخل النفوس من الكبت والحرمان ، خاصة من قبل بعض الشباب المتأثر بآخر صرخات الموضة بمباركة الآباء وذوي الشأن والرأي من الأقرباء ؛ سواء في ارتداء الأزياء العجيبة أو قصات الشعر الغريبة وغيرها من مظاهر، فيبدو البعض منهم بحركاته الهستيرية كأن به مس من الجنونَ! وهو يقوم بمثل تلك الأفعال الشاذة متشبهاً بالنساء أحياناً ؛ فإذا كان مثل هكذا تصرف يبدر من بعض شبابنا في مدينة كربلاء المقدسة ، فكيف إذن يمكن تصور تصرفات أقرانهم في مدن البلاد الأخرى !.

أخيراً.. فان التعبير عن مظاهر الفرح ومراسيم الاحتفال به ؛ ينبغي أن لا يجردنا من قيمنا الأصيلة ومبادئ ديننا ، ومن ثم ينسينا احترامنا لقدسية مدينتنا الطاهرة وخصوصيتها المتفردة من بين مدن الأرض قاطبةً ، ولعل الأهم إغفالنا لحقوق سوانا ،وقد أوصانا ديننا الإسلامي العظيم بمراعاتها ، إذن لا ينبغي أن يتسبب فرحنا في إحزان الآخرين أو في جرح مشاعرهم ، وربما إلحاق الأذى بهم بالأصوات والحركات، أو إرباك حركة سير السيارات في الشارع ، وخلق الزحام والاختناقات المرورية ، وربما وقوع الحوادث أحياناً ؛ فكم من عرس انقلب على العريس وأهله وبالاً من خلال وقوع حوادث الدهس والاصطدام أو نشوب النزاعات الفردية أو الجماعية أو الاشتباك مع رجال الدولة في السيطرات وغيرها ، بسبب بعض التصرفات المتهورة ، مما يؤدي إلى نتائج غير محمودة العواقب ، وبدل دخول العريس عشه الزوجي يبات ليلته في السجن أو المستشفى !، وربما تحولت أيضاً سرادق الاحتفال بالعرس ذاتها إلى إقامة مراسيم الفاتحة على روح احد الضحايا الأبرياء لمثل ذلك الاحتفال من بعض المتهورين وحمأته الصارخة ، وهيجة التعبير غير المنضبط!.

أقول في النهاية : إن حرية الفرد في التعبير عن أفراحه وأتراحه؛ ينبغي لها أن تقف عند حدود بدء حرية الآخرين من أفراد المجتمع وان لا تتجاوزها بأي حال من الأحوال، مثلما نشهده في الكثير من التصرفات والمظاهر والأفعال السلبية التي لا تراعي للناس حقوقاً خصوصاً من الجيران وقد أوصانا الله كثيراً بحسن الجوار أو حتى من غيرهم ، ومن ثم عكسها صورة مشوهة عن شباب المدينة وأخلاقهم ، والأدهى تجاوزها على حرمة مدينتنا المقدسة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
جمال الديواني
2008-10-29
لولا الحرمين لاتعدو كربلاان تكون واحدة من القصبات المتناثرة على حافة الصحراءمثل جرف الصخروانما (مصرت)لضمها الجسد الطاهر لسبط الرسول واخيه ابي الفضل وهي تعتمد في اقتصادهاعلى حركة الزائرين وهم ياتون للمقدس فيها وليس للتفرج على كيفجيةيرتجفون ويعوون راقصين وطبعا هؤلاء اقلية ضئيلة جاهلة في احسن التفاسيران لم يكونوا منفذين لاجندةتريد طعن الشعب في مقدساته انسجاما مع حملة الاساءة للرسول ونباح القرضاوي وقيء بقايا البعث والغالبية من الكربلائيين الكرام يتشرفون بمجاورةالحسين ويتحملون ماجورين ملايين الزوار
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك