( بقلم : محمد المرهون (القطيف) )
لم تعد الكلمة صوتاً مخنوقاً كما تبتغي السلطات، ولم تفلح بقتلها ودفنها مع كل المحاولات في هذا الاتجاه، فالصوت الذي يبحث عن الحقيقة لنشرها وترويجها يصل صداه لكل ناشد وطالب، ويقرع بطبله الحكومات الطاغية التي تضع أصابعها في أذانها أو تستغشي ثيابها حنقاً وانزعاجاً من تلك الكلمة المدوية.
إن السلطات السعودية باعتقالها للشخصيات العلمائية والمثقفة تظن أن بمقدورها أن تكبت كل صوت عن المطالبة بحقوق الناس أو أن تخرس كل لسان عن التفوه بأي كلمة فيها إدانة للأعمال اللإنسانية واللادينية؛ في حين أن هناك امتداداً وتموجاً يتجاوز شخص هؤلاء الشخصيات الخلاقة التي تنمو في افيائها الشخصيات الحقوقية والاجتماعية والدينية، فلمصلح لا يتمثل في شخصه وإنما يتمثل في منهجه وإيمانه وحركته والمتربين تحت منبره والمتأثرين بأفكاره.
إن من يتصور أن المسيرة الرسالية الذي بدأت بأنها ستنتهي بتواري بعض شخصياتها أو اعتقالها أو تهديدها أو إقاف بعض نشاطاتها لمدة أو أي أمر آخر هو شخص واهم لا يقرأ الواقع بعين فاحصة، فوراء المسيرة الرسالية كثير من المؤيدين في المنطقة وخارجها بل وفي الدول المحيطة بنا، والمنهج الذي يتبنى العمل والمطالبة بحقوق الناس الدينية والمدنية لا يختزل في حركة شخصية أو أكثر، وإنما يتجاوز هذه الأطر الضيقة إلى حركة مجتمع وأمة، بل ويتجاوز ذلك إلى كونه مبدأ يتأبى عن التأطر بأي إطار، لأنه منهج رباني رسالي، والشخصيات التي تحمله إنما وظيفتهم تطبيقه ونشره والدعوة له، وهو باق ما بقيت الحياة، لأنه بمثابة الكلمة الطيبة {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}.
والله سبحانه وتعالى قد جعل هذه الكلمة الطيبة تسير ضمن سنة وقانون متى ما حملها البعض ونطق بها، فهي {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا}، ولا يستطيع أي صاد أن يقف أمامها، بل هي كلمة تصعد إلى الله بالعمل الجهادي الدءوب، وهي التي تأخذ مداها في الواقع وإن وقف أمامها المستبدين، فالعزة والمنعة من الله، يعز به من يشاء ويمنع {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ}.
https://telegram.me/buratha