بقلم نزار الكرادي
من الضروري للمجتمعات ان تتابع الامور السياسية والتطلع على مجريات الحدث في بلدانها ، ومعرفة ما هو النافع والمضر في مصالحها . واليوم الحدث الاكبر الذي اصبح متناول النقاش والتباحث والتنظير بين القوى السياسية داخلياً وخارجياً ، وكلام وسائل الاعلام والشارع العربي عامة والعراقي خاصة هو موضوع الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة الامريكية . ان وقائع المشهد السياسي جعلت الكثير يسأل ، ماهي الاتفاقية الامنية ؟ ولماذا الاتفاقية الامنية ؟ ولماذا اختلاف الرؤى في الاتفاقية الامنية ؟؟
للتعريف البسيط للاتفاقية الامنية واسباب ابرامها نقول : ان مجلس الامن وضع العراق تحت الوصاية لقراره المرقم (1453) تحت البند السابع من ميثاق الامم المتحدة ، فلا بد من الخروج والتخلص من هذه الوصاية ، وكذلك المشاكل التي دخل بها العراق مع الولايات المتحدة منذ غزو الكويت ، ودخول القوات المتعددة الجنسيات الى العراق في عام 2003 ومابعد ذلك ، كان من المفروض التخلص من هذه المشاكل ، وكذلك الولايات المتحدة الامريكية تريد التخلص من كابوس اسمه العراق .
كل هذه الامور وغيرها تحتاج الى ابرام اتفاقية ترضي الطرفين كسائر الاتفاقيات الاخرى بين الولايات المتحدة والبلدان التي عقدت معها اتفاقيات امنية ، إلا ان العراق يحاول في اتفاقية تختلف عن اتفاقية الدول الاخرى وعدم تقديم امتيازات للولايات المتحدة الامريكية والتنازل عن حقوقه في السيادة او تنازلات تضر بمصلحة الشعب العراقي . لذلك دخلت الاتفاقية في اشكالات لبعض بنودها مع الولايات الامريكية ، حيث طالب العراق بتعديل النقاط الخلافية ، إلا ان الولايات المتحدة الامريكية تريد تمرير الاتفاقية دون تعديل وتحاول الضغط على الحكومة العراقية لتوقيعها .
فقد دخلت الاتفاقية الامنية في مجابهة القوى السياسية بين الرفض والقبول والصمت والتحفظ على بعض البنود من مسودة الاتفاقية ، وتم تشكيل لجان لدراسة الاتفاقية وحدثت مباحثات وجلسات لمناقشتها ، ويمكن تقسيم الرأي العام حول الاتفاقية الى اربعة اراء مختلفة :-
الاول : الرفض.. رفض بعض السياسيون الاتفاقية رفضاً قاطعاً بكل بنودها الايجابية والسلبية ، وحرم بعض رجال الدين المسيسين التعامل بها دون الرجوع الى الايجابيات الواردة في بنودها ، كما نظم البعض تظاهرات واعتصامات ، وعبر البعض عن الرفض في دول خارج العراق ، وتحدث بصوت جميع الشعب العراقي بالرفض ، مع العلم لاتوجد احصائية دقيقة لعدد الرافضين لهذه الاتفاقية بسبب عدم معرفة اغلب العراقيين تفاصيل هذه الاتفاقية كما فعل التيار الصدري والفضيلة .
والثاني : القبول .. حيث طالب بعض السياسيون بقبول الاتفاقية ووصفوها بالانجاز الكبير وان العراق سيدخل مرحلة جديدة من الانتعاش ، دون النظر الى النقاط السلبية في مضمون المسودة ، كما فعل الاكراد والقائمة العراقية .
والثالث : الصمت .. حيث عبر بعض السياسيون عن رأيهم للاتفاقية بالصمت متخوفة من مصيرها بين القبول والرفض وتنظر للحدث من بعيد بحذر ، كما فعل رئيس مجلس النواب محمود المشهداني والحزب الاسلامي .
والرابع : التحفظ .. حيث تحفظ القسم الاكبر من السياسيين على بعض النقاط في بنود الاتفاقية التي لاتصب في مصلحة العراق وسيادته ، وهناك اشارة الى سبع نقاط هي محك الخلاف والتحفظ من قبل الجانب العراقي عليها ، كما فعل الائتلاف العراقي الموحد .
هناك محاولات وضغوط امريكية لتمرير بنود الاتفاقية بنقاطها السلبية التي لاتخدم مصلحة العراق ، هذه الضغوط متمثلة بتصريحات وتحذيرات من عدم المصادقة على بنود الاتفاقية شبيهة بالتهديدات ، وتتزامن مع هذه التهديدات توترات امنية في بغداد معروفة الاسياب ، وطالبت بعض القوى السياسية الداخلية والخارجية بالكف عن الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة .
واخيراً وبعد هذه الاحداث على المواطن العراقي التطلع على بنود الاتفاقية التي نشرتها وسائل الاعلام ، والتطلع على نقاط الخلاف ، لقول كلمته بالحكمة ويطالب بتعديل النقاط للحفاظ على سيادة بلاده ورفض الجهات التي تتحدث بأسمه والمطالبة بالاستفتاء الشعبي على الاتفاقية .
https://telegram.me/buratha
