( بقلم : ميثم المبرقع )
يبدو ان طبائع البشر تمتلك نزعة الحنين الى الماضي بكل ظلامه وظلمه حتى لو كان الماضي قاسياً وموجعاً.وقد يكون ذلك نابعاً من اسباب موضوعية تبدو مقنعة في اغلب الاحيان لان ذكريات الماضي تستعاد الى الذاكرة بشكل شفاف لا يخالطها ثقل الظروف وقسوتها ولذا يكون التغني بالماضي السحيق تمتعاً.لكن ما يدعو الى الوقفة الجادة هو الحنين الى سنوات النظام العجاف بسبب نقص الخدمات او تردي الوضع الامني او بعض الارباكات في الحياة والمجتمع والنظام. هذا الحنين المشوه والمشوش الذي يطلقه بعض الناس بعفوية وبعض المغرضين بخبث من اجل الاساءة الى التجربة العراقية الجديدة وتحولاتها الكبيرة. لا نريد المقارنة بين العهدين السابق واللاحق لان هذه المقارنة باطلة وغير صحيحة كمن يقارن بين الجحيم والنعيم وبين الاذلال والكرامة.
ربما واحدة من منجزات العراق الجديد هو فضاءات الحرية التي وفرها لهؤلاء الذين يحنون الى النظام الاجرامي السابق وينتقدون ويتحركون بكل حرياتهم وارادتهم. ان غياب الامن في بعض المقاطع الزمانية والمكانية في العراق لا يكون مبرراً باي حال للحنين الى الحقبة الماضية خصوصاً ان ما يحصل من تردي امني ليس سببه العراق الجديد بل سببه بقايا البعث وعصابات القاعدة. وان هذه التجربة الجديدة تشبه الى حد بعيد عملية جراحية كبرى لاسئصال ورم خبيث هيمن على الجسد العراق منذ اربع عقود من الزمن واي مضاعفات جانبية وتداعيات غير متوقعة لا تدعونا الى الندم على اجراء هذه العملية الجراحية مهما كانت العناية الفائقة او النقاهة المركزة فان الندم عليها يعني قبولنا بتهرىء الجسم بالورم الخبيث ومخاطره.
نقولها بكل ثقة بان جميع الذين يحنون الى النظام البائد ويثيرون الغبار على العراق الجديد قد تغيرت اوضاعهم المعيشية والشخصية بشكل ايجابي افضل مما كان في العهد السابق بكثير بل انهم كانوا لا يجرأون على نقد أي مظهر سلبي في عهدهم المظلم بينما هم الان اسعد حالاً وافضل مآلاً بل ان اوضاعهم الحالية فاقت حتى اوضاع ضحايا النظام السابق من المجاهدين والمتضررين وذوي الشهداء والسجناء.
https://telegram.me/buratha