المقالات

قوت الناس بين التشريع والمتاجرة


( بقلم : حسن الهاشمي )

بما أن النظام الإسلامي يشجع دائما على الإنفاق والبذل في سبيل الله لإشاعة روح التكافل الإجتماعي في أوساط الشرائح المختلفة، وبما أن العدالة الإجتماعية لا يمكن لها أن تتحقق إلا بالتوزيع المتكافئ بين أفراده، وأقول المتكافئ لكي لا تغمط حقوق العاملين والمتفوقين والساعين في هذه الحياة الدنيا مع حفظ حقوق الطبقات الفقيرة والمعدمة وكبار السن وذوي العاهات والبلوى فإن حقوقهم مصونة في العيش الكريم ضمن المجتمع الإسلامي المتآخي المتحابب في الله ورسوله وعترته الطاهرة الذين أوصوا المسلمين قاطبة بالإنفاق الواجب والمستحب لتحقيق العدالة والتكافل الإجتماعي في توزيع الثروات حتى تردم الفجوات الهائلة بين أفراد المجتمع الإسلامي والجميع يعيش في كنفها مع تفاوت معقول ومقبول وليس تفاوت مقيت يسحق فيه الضعيف بما متع به الغني كما يحصل في المجتمعات المادية والرأسمالية، وانطلاقا من هذه الفكرة فقد حث الإسلام على الإنفاق بشقيه الواجب والمندوب لتقليل الهوة بين الغني والفقير وهو على كل حال امتحان للغني في البذل وللفقير في الصبر، وكلاهما تقضى أيامه ولياليه بما تحمل من تخمة وشظف ولكن الباقي منهما المواقف الإنسانية التي ينتشي إزاءها الغني في العطاء والفقير في الصبر وحياة العفاف والكفاف.

والدين الإسلامي كما يحافظ على المصلحة العامة فإنه يحافظ على المصالح الشخصية ويؤكد أن مال المؤمن ودمه ونفسه حرام وكذلك الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم، لذلك يدعي البعض أن الإسلام هو مزيج بين الإشتراكية والرأسمالية وهذا التفسير مرفوض مردود على قائليه وإنما التشريع الإسلامي هو من عند الله وهو أعلم باحتياج البشر، والأحكام الإلهية هي التي تعالج جميع المشاكل وليس من الضروري معرفة كنه الأحكام ولربما عقولنا لا تتحمل تفسير فلسفة تشريع بعض الأحكام وأنها غير منصوصة العلة وإنما هي أمور تعبدية تكون على أساس أن الله تعالى لا يريد من أحكامه سوى اللطف والرحمة بالعباد.

وللوصول إلى الحالة المثلى في توزيع الثروات وبسط العدل والقسط بين أوساطنا، فإن الإسلام حث الجميع على السعي والعمل والكد والكدح والمثابرة في الحصول على الرزق الحلال بعد استخراج الحقوق الشرعية التي تكفل الطبقات السفلى في المجتمع، ولهذا جاء الثناء على الطبقات الكادحة حتى أن الرسول الأعظم كان يقبل بعض الأيادي العاملة الكادة على العيال وهو يقول يدا يحبها الله ورسوله، وفي هذا الإطار جاءت التأكيدات في الأحاديث المروية عن المعصومين أن اليد العليا خير من اليد السفلى، ولولاها لما أمكن بناء المؤسسات الاجتماعية ودور الأرامل والأيتام والتواصل مع العوائل المنكوبة والمتعففة، وإنما الأفضلية والخيرية جاءت من صميم المصلحة العامة ولا مجال للشأنية والشخصنة في التشريع الإسلامي، وإنما النوع الإنساني والخدمة للبشرية والتسامي عن الماديات والسفاسف هي المطمح الكامن وراء التشريع الإلهي.

ومن هذا المنطلق فنحن نكرر ما قاله خطيب جمعة كربلاء المقدسة سماحة السيد الصافي من ضرورة محاسبة الذين يتاجرون بقوت الناس ونشد على يديه عندما وجه كلامه للمسؤولين المعنيين أن ينتبهوا إلى تحقيق التكافل الإجتماعي، ويخلصوا في القول والعمل ويجتنبوا الغش والخداع فمن غشنا ليس منا ويحاسبوا كل من يحاول أن يتاجر بقوت الناس ولاسيما أولئك الذين يتربعون على الكراسي، حيث أن نتيجة الإهمال هم أطفال العراق يذهبون إلى الهلاك!! فلماذا هذا التماهل وهذا التكاسل لإرجاع الأمور إلى نصابها؟! ونقول كما قالها سماحة السيد نرجو من الله أن يقيض لهذا البلد أناسا يشعرون بمعاناة الآخرين ويتحسسون بمعاناتهم حتى يكون الفقير أول المستفيدين، ويشعر المواطن بالاطمئنان وهو يرفل في بلد يسوده الصحة والأمان.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك