المقالات

اثر الدعاوى الكيدية والاخبارات الكاذبة على مركز الموظف العام

1403 22:44:00 2008-10-08

( بقلم : فارس حامد عبد الكريم نائب رئيس هيئة النزاهة )

قال تعالى: ( إن ينصركم الله فلا غالب لكم ).قبل ايام وجدت في بريدي رسالة تتضمن مقالاً لكاتبة ما ، يتحدث عن صراع الديكة في هيئة النزاهة والمؤامرات التي تحاك على حد زعم الكاتبة فيما بين رئيس الهيئة وبين نائبها .واحب اطمئن كاتبة المقال (سما هادي) ما لم يكن اسما مستعاراً ، اننا لسنا من اصحاب المؤامرات او ممن ينساق الى دروبها المظلمة لاننا نحب العمل بحرية تحت الشمس الساطعة.من جانب اخر تؤكد حقائق التاريخ القديم والحديث ان لكل تجربة انسانية ايجابياتها وسلبياتها فضلاً عما يتكون لها من مريدين ومناوئين وخاصة في مراحلها الاولى .ان الخيار الناجح لكل منظومة اجتماعية او سياسية او اقتصادية يستند منطقياً او ينبغي ان يكون كذلك الى الخيار الذي تتفوق ايجابياته على سلبياته ، فالحرية كمطلب انساني تاريخي على سبيل المثل لا تخلو تجربتها من سلبيات تتمثل في قابلية استغلال بعض مظاهرها لتحقيق مأرب شخصية كأساءة استعمال الحق في التعبير مثلاً، ولكن تلك السلبيات من الضألة بحيث انها لا تصمد امام الايجابيات الجمة التي توفرها الحرية للشعوب خاصة في مجال الخلق والابداع الانساني. وعلى ذات النحو قيل ان للدكتاتورية ايجابياتها ومنها سرعة اتخاذ القرار والخوف العام الذي يقود للامن العام ، الا ان ايجابياتها بالمقابل ضئيلة للغاية ازاء الضرر الذي تلحقه سلبياتها بالكيان الاجتماعي وخاصة في مجال شل القدرة على الخلق والابداع .

وللاسف وكما يبدو لي بصورة عامة فان الصراع على الكراسي والمؤامرات التي تحاك من اجلها قد توسعت دائرتها في العراق الجديد ، والسبب اصله ايجابي ولكن وسائله سلبية احياناً. والسبب الايجابي يتمثل في ان المنصب العام ، من الناحية النظرية على الأقل ، قد أصبح متاحاً لجميع المواطنين تطبيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص الدستوري ، ولم يعد حكراً على فئة او طائفة معينة كما كان عليه الحال في تاريخ العراق القديم و الحديث حتى سقوط اخر رمز من رموز البغي والعدوان والدكتاتورية. اما الوسائل السلبية التي توصل الى المنصب العام فهي عديدة منها نظام المحاصصة الذي تناولناه بالدرس والتحليل في احد بحوثنا وبينا أثاره المدمرة على الواقع الاجتماعي العراقي واشرنا الى الحل الواجب الأتباع لتجنب تلك الاثار.(1)

كما ان المؤامرات والدسائس كما يبدو لها دور في هذا المقام ومنها الدعاوى الكيدية والاخبارات الكاذبة بحق العديد من كبار الموظفين التي تأخذ وقتاً طويلاً من التحقيق الاداري والجزائي قبل ان تثبت براءة من اتهم بناءاً على أخبار او دعوى كيدية ، فيحقق خصومه أغراضهم الدنيئة خلال تلك الفترة وهي حرمانه من منصبه او الترشيح لمنصب أعلى . والحال ان مجرد الاتهام لا ينبغي ان يؤثر باية بصورة من الصور على مركز الموظف ، ذلك ان براءة المتهم ثابتة بموجب الدستور والقانون حتى تثبت إدانته بموجب محاكمة قانونية عادلة .وقد انتبه مشرعنا العراقي الحصيف منذ تأسيس الدولة العراقية الى ذلك ونصت قوانين الخدمة المتعاقبة على ان من شروط الوظيفة العامة ان لا يكون المتقدم الى الوظيفة العامة محكوماً بجنحة او جناية مخلة بالشرف ، ولاستبعاد المواطن من الوظيفة او استبعاد الموظف من وظيفته يجب ان تتوفر ثلاثة شروط:

1ـ ان يكون محكوماً ، أي صدر حكم نهائي بات اكتسب الدرجة القطعية بإدانته . وعلى هذا لا يجوز قانوناً ان يكون مجرد الاتهام او الإخبار سبباً في منع تولي الوظيفة العامة او من الاستمرار فيها ، لان المتهم بريء .

2 ـ ان تكون الجريمة التي ادين عليها جنحة او جناية. وعلى هذا تستبعد المخالفات سواء كانت ادارية او جزائية من اطار منع تولي الوظيفة العامة او الاستمرار فيها.

3 ـ ان تكون الجريمة مخلة بالشرف. وهي تلك الجرائم التي نص القانون حصراً على اعتبارها جرائم مخلة بالشرف. فالقانون هو القانون ولا يجوز تعديل احكامه او اضافة شروط اليه الا من خلال الجهة المختصة بذلك وهي السلطة التشريعية.

ومن الأخطاء الإدارية التي لاحظتها أثناء عملي هو ما لجأت اليه العديد من الادارات العامة من خلال الاستفسار من هيئتنا فيما اذا كان الموظف المراد تقليده منصب او ترفيعه لمنصب قيادي متهماً بقضية فساد اداري او مالي ، ذلك ان الاتهام الكيدي والاخبار الكاذب عملية سهلة للغاية لا تتطلب سوى الاتصال هاتفياً بالخط الساخن او الكتابة عبر البريد الالكتروني وتوجيه التهم جزافاً للناس . اما البت في هذه المزاعم فيتطلب في العادة وقتاً طويلاً وسلسة من الاجراءات قد تمتد الى اعوام.

ومن هنا يمكن تصور حجم الضرر الذي يلحق بالموظف وبسمعته اذا اعتمد تقييمه الوظيفي وترفيعه وترشيحه للمناصب على مجرد الاتهام وهو امر غير جائز قانوناً. وللاسف فان ضحايا العدالة كثيرون جراء الدعاوى الكيدية والاخبارات الكاذبة.

تجربتي الشخصية نموذجاًتعرضت خلال عملي الوظيفي الى جملة من مؤامرات وادعاءات الخصوم الطامعين في المنصب الذي اشغله في هيئة كنت من بناتها منذ الايام الاولى لانشائها وتمكنوا من عزلي لفترة من الزمن منه بناءاً على مزاعم وادعاءات كيدية ، ولكن بفضل الله تمكنت من رد هذه المؤمرات وقال القضاء العادل كلمته في هذا المقام ، واستمر ذلك سنة كاملة حتى عدت الى منصبي ، ولم يخلو ذلك بالتأكيد من المعاناة والالم فضلاً عن قطع الراتب طوال تلك الفترة.كنت وقتها في ايفاد رسمي خارج العراق وتحدثت الصحف ووكالات الانباء عن تهم وصدور اوامر القاء قبض بحقنا فاتصل بنا احد اعضاء مجلس النواب المرموقين وسألني هل ستعود للعراق ، فأجبته على الفور ولماذا لا اعود ؟ ، نعم سأعود وسأدافع عن نفسي بالطرق القانونية وانا واثق من نفسي ومن عدالة القضاء .  وفعلاً لجأنا للطرق القانونية للدفاع عن نفسنا ورد كل الاباطيل ومن ثم تمكنا من استرداد حقنا ولم نسمح لاحد ان يستغل ما تعرضنا له اعلامياً لحساب جهة على حساب جهة اخرى ، وامتنعنا عن اية تصريحات او مهاترات اعلامية ، لان نثق ان للحق طريق يوصل اليه هو القضاء ، وهكذا كان حكم القضاء لصالحنا ، الذي بادر دولة رئيس الوزراء الى الامر بتنفيذه ، وهذا ما رسخ ايماننا وزاد اعتزازنا بدولة الدستور والقانون الذي يقود دولته تجربتها التاريخية الفريدة في ظل ظروف محلية واقليمية غاية في التعقيد.

ومع ذلك فان تجربتي هذه ولاشك قد وفرت لي الكثير من الفوائد ، قال الله تعالى: ( وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُم) ، فما اصابنا لم يكن ليخطئنا وما قضاه الله لنا هو الخير كله .ان اهم ماخلصته من تلك التجربة ، وانا امارس عملي مجدداً كنائب لرئيس هيئة النزاهة (بحكم قضائي وامر من دولة رئيس الوزراء لتنفيذه ) ، هو تأكيد تلك النصيحة التي نصحني بها والدي القاضي ـ رحمه الله ـ الذي خدم في القضاء والعدالة اربعين سنة قاضياً وعضوا في محكمة تمييز العراق (1953 ـ 1994) .

لقد قال لي والدي وانا استهل عملي في هيئة النزاهة عند تأسيسها عام 2004 ، ( رجل القانون والعدالة يجب ان يخاف من الله وحده قبل غيره .. مسؤوليتك امام الله كبيرة ، ولا اعرف ان كنت انا مسروراً ام لا وانت تتولى هذا المنصب ،لان الخطأ فيه قد يكون ظلماً فادحاً ، وقد يؤدي الى تحطيم اسره وقطع مصدر رزقها ، ولذلك كن حريصاً ودقيقاً وانت تنظر في الادعاءات والاخبارات، كما ان منصبك هذا سيخلق لك الكثير من الاعداء والخصوم والله خير حافظاً وهو ارحم الراحمين ، مبروك.... واستدرك قائلاً وهو يقبلني ولكني اثق فيك وفي قدراتك فلا تفرق بين العراقيين ابداً اياً كان دينهم او مذهبهم فهذه اخلاق اهلك وعشيرتك وحاول ان تخدم وطنك والناس باقصى ما استطعت ).

هذه النصيحة الخالدة من وجهة نظري لم تفارق ذهني وعملت بها ما استطعت ، فكانت سر نجاحي وحب زملائي لي في العمل ، وعند عودتي كانت مظاهر الفرح بينهم واضحة واستقبلوني برش الحلويات والهلاهل وهكذا كنت قد (حظيت بالشعبية) كما عبرت الكاتبة المشار اليها في مقالها. نسأل الله تعالى ان يبارك لنا مشوارنا الجديد ، وان يبعد عنا كيد الكائدين ومؤمرات الصداميين وممن يحاول تسلق المناصب عن طريق التأمر ، اللهم آمين .وما غايتنا الا خدمة ابناء شعبنا على احسن وجه.

**************************1ـ يمكن متابعة البحث على الرابط :http://farisalajrish.maktoobblog.com/فارس حامد عبد الكريم العجرش الزبيديFaris Hamid Abdul Kareem AL Ajrish نائب رئيس هيئة النزاهة ماجستير في القانون Master in Lawباحث في فلسفة القانون BAGHDAD - IRAQوالثقافة العامةبغداد ـ العراق http://farisalajrish.maktoobblog.com/

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
بديع السعيدي
2008-10-10
اية كيدية بالله عليك اننا راينا الموظف الفلاني الموجود بدائرة ما وغيره من الموظفين اكثرهم لايملكون المهارة واغلبهم لم يحصلوا على شهادات ابتدائيه والكثير منهم كان من الذين تستروا على البعثيين وضباط الامن في بيوتهم بالانتفاضة الشعبانيه المباركه فاي موظف يا اخي العزيز تسال عنه ولا تحتاج الامور الى كيديات وتلفيقات لانها واضحة كوضوح الشمس وخير مثال على ذلك قصة حميد ابو الامن ضابط امن كرمة بني سعيد من الذي تستر عليه في بيته انه الان موظف بمكان مرموق فاذا اردت ان تصل للحقيقة فتابع الموضوع بنفسك وشكرا
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك