( بقلم : هادي جلو مرعي )
لدي شعور ان هذا الموضوع (يلعَّب النفس) لكني فضلت الخوض فيه لما رأيت من اخطاء سياسية عربية ترتكب بحق العراق -فهذا ليس مهماً- المهم ان الاخطاء تعود بالضرر على الشعوب والحكومات العربية.اغلب دول العالم تهرول لبناء سفارات في العراق، وارسال مبعوثين على اعلى مستوى، بينما لم تفعل الدول العربية الشقيقة شيئاً مماثلاً لهذا، وظلت في الغالب، اما مترددة، او مشككة او تبعث (كارتون مساعدات) وانا شخصياً استلمت كارتونة من هذا فيها رز وعدس وفاصوليا وعلبة معجون طماطم، وشاي، واشياء اخرى غير الشاي نسيتها.
سمح العرب الذين يرتبطون بصلات وثيقة للولايات المتحدة الامريكية، لجهات عديدة بان تصف الحال بالطريقة التي لاتلائم مستقبل العلاقة مع الشعب العراقي، وكان بالامكان استدراج هذا الشعب بعيداً عن الحكومات المتتالية منذ نيسان 2003، دون ان تبعث اشارات اليه انه محاصر وعليه ان يدفع ثمن ارتباط حكوماته بالمحتل الامريكي الذي لايجرؤ على النظر -مجرد نظر- الى خارطة بقية الدول العربية او المساس بامنها او بناء قواعد عسكرية على اراضيها وتجرأ في غفلة من الزمن واحتل العراق.
احدى اهم الاخطاء التي ارتكبها العرب انهم جعلوا العراق مجرد (بورسعيد) اخرى لاستقبال البضائع السورية والايرانية، والصينية، دون ان يكون لشركات عربية او مستثمرين او تجار من اقطار مجاورة للعراق او بعيدة عنه اي اثر في الاقتصاد العراقي، وعلى مدى نصف عقد من الزمن ولااعتراض على الوجود الاقتصادي لايران وسوريا، ولكن اتساءل لماذا لايملأ العرب الفراغ، ما داموا يشعرون بان ايران وسوريا تلعبان دوراً سلبياً في المنطقة. فلا هم فتحوا اذرعهم للشعب العراقي ولا هم سمحوا بان تجري الامور بطبيعتها وتركوا الامر (محيراً).
واذا كانت حكومات عربية لاتساعد العراق بظنها انه صار جمهورية شيعية، فهذا من اكبر الاخطاء الاستراتيجية التي قد ترتكب، لان العراق فيه من المكونات ما لايجهله العرب، وفيه من المسلمين السنة من لهم ثقل كبير جداً، وكان يمكن للعرب ان يلعبوا دوراً ايجابياً من خلال التدخل الهادئ لتنظيم العلاقة بين اكبر طائفتين فيه بدل النظر الى الامور بتشاؤم لايحقق رجاءً لاحد ولا يسمح للامور ان تاخذ مجرى غير الذي خطط له الواقع الذي يفرض معطيات يصعب تغييرها وعلى الاخوة العرب ان يتاكدوا ان العراق ليس جمهورية شيعية بل هو جمهورية عراقية تضم طوائف عدة اثبت ابناؤها خلال هذه السنوات انهم يرغبون بالعيش المشترك وبعثوا برسالة عبر جميع القنوات الموصلة للصوت والصورة للذين يريدون للعنف ان يكون عنواناً للبلاد تقول: سلاحكم ما يجيب دولة.
هادي جلو مرعي
https://telegram.me/buratha