( بقلم : ميثم المبرقع )
لا ننكر ان بعض الاحزاب قد حاولت تكريس الفئوية على حساب الوطنية وقربت افرادها على غيرهم من الاكفاء والمقتدرين وسعت الى مصالحها الخاصة واهملت بقية مواطنيها.ونعتقد ان الحزبية التي تعمل لصالح اجندتها هي صنمية مقيتة تعبأ الجماهير لاغراضها الفئوية الضيقة وتتباعد من الحس الوطني والانتماء الديني والوطني وتعكس مشاهد مقززة للانانية والشخصنة والمزاجية. ولكن مع وجود هذه المحاذير والاستغلال السلبي للتنظيمات الحزبية والاستفادة الخاطئة للدور الحزبي وافراغه من محتواه الهادف والملتزم.
وتبقى البلاد والعباد بدون التنظيم الحزبي والتعبئة الجماهيرية غارقة في الفوضى والانفلات والارباك والضياع.لولا الحضور السياسي للقوى الوطنية والاسلامية في العراق الجديد لتحول الواقع العراقي الى عصابات جاهلة وضالة وخارجة على القانون لا تتعامل مع الناس الا بقوة التهديد والقتل والقمع. قد جربنا سيطرة وهيمنة الجهلة والسفلة على مقدرات امورنا ورأينا كيف عبثت هذه العصابات والجماعات الظلامية بمصير الناس وكيف حولوا البلاد الى ساحة محاكمات ميدانية تعدم من تشاء وتخطف من تشاء دون رقيب او حسيب. ان القوى السياسية واحزابنا وتشكيلاتنا لم تكن مفلسة ابداً بل تمتلك رصيداً جماهيرياً وتضحوياً ونضالياً كبيراً يؤهلها لكي تأخذ دورها السياسي في توجيه مسار الناس بالاتجاه الايجابي.
ماذا يكون حالنا لو لم تكن لدينا هذه الاحزاب والقوى السياسية الوطنية وماذا سيكون الوضع العراقي في حال غياب هذه القوى الوطنية ومن سيسد الفراغ الامني والسياسي وكيف نتصور المشهد السياسي في العراق في حال انحسار دور وحضور القوى السياسية وما هي القوى المفترضة التي يمكن ان تملأ الفراغ بدلاً عن الاحزاب الوطنية الفاعلة.
هل عناصر القاعدة والبعث والعصابات الخارجة عن القانون جديرة لادارة شؤون الناس وقيادة دفة البلاد وقد جربنا المناطق التي وقعت تحت هيمنة هذه القوى الظلامية وعبثها باوضاع الناس وكانت هناك تجربة حكم في افغانستان سيطرت خلالها طالبان على السلطة ونصبت محاكم ميدانية في الشوارع فترامت اطراف الناس ورؤوسها في الساحات العامة لا لذنب اقترفوه او جريمة ارتكبوها بل لاسباب تافهة ومضحكة ابرزها ان احد المعدومين قد حلق ذقنه واخرى لم تلبس نقابها وثالث شرب مسكراً وتم اعتقال فريقين لكرة القدم في احدى ساحات العاصمة الافغانية كابل بسبب عدم ملابس تنافي الاخلاق بحسب العقيدة الطالبانية الهزيلة والمنحرفة.
وتجربة عراقية في بعض مناطقنا التي سيطرت عليها عصابات القاعدة او العصابات الخارجة على القانون تحولت الى نموذج قاندهار جديد وتم محاربة صالونات الحلاقة واغلاق محلات بيع الثلج باعتبار ان الثلج بدعة لم تكن موجودة في العهد النبوي. وبيع الخيار والطماطم ومنع ظهور الماعز في الساحات العامة لعدم التزامها بالحجاب والاسلامي ومخالفتها العفة والستر. وبرزت ظاهرة المحاكم العلنية والاعدامات في الساحات العامة لاسباب مضحكة ومنع الاحتفالات في الاعراس والمناسبات السارة لانها تتنافى مع (الاخلاق الاسلامية).
وفي قبال ذلك هل يمكن المقارنة بين هذه النماذج المضحكة والجاهلة وبين القوى السياسية في العراق التي أثبتت تسامحها واعتدالها وعقلها الاستيعابي في احترام ارادة وكرامة وحريات الناس. هذه الاحزاب ليست مفلسة ولن تكون مفلسة لانها تمتلك رصيداً جماهيرياً وتأريخاً مشرفاً وحضوراً فاعلاً ومنهجاً واضحاً، وان من يقف ضدها او يشوش عليها هو المفلس والمستكع على ساحات التجريح والتسقيط والتشويه.
https://telegram.me/buratha