( بقلم : محمد الاوسي )
اشد ما اثار دهشتي وذهولي ما قرأته في موقع كتابات حول المقارنة البائسة بين طهران وتل أبيب وتركيز الكاتب خضير طاهر بمقالته الموسومة "متى يدرك العراقيون ان عدوهم ايران وليس اسرائيل مضيفاً بان تل أبيب الاقرب والاحب من طهران وهو ما يضعنا امام تساؤلات خطيرة واستفهامات مثيرة ورؤية تصحيحية للوعي المهزوز الذي يغزو كتابات هذه الايام.واود التأكيد على ثقافة خاطئة تكرست في مرتكزات الوعي العراقي وهو التعامل مع الاحداث بردة الفعل والانفعال الخاطىء وبعقلية الاضداد كما وقع في هذا الفخ المغالطاتي الكثير من الاخوة السنة بعد سقوط النظام.
باختصار شديد ان الخوف من الشىء لا يعني بالضرورة تقبل ضده ورفض الاشياء لا يعني قبول اضدادها فقد تكون الاشياء كاضدادها ولا تفترق عنها باضرارها. الفخ الفكري الذي وقع به الكثيرون هو تصورهم بان كراهية الشىء تجعلهم مصطفين مع انداده واضداده.
الاخوة السنة ونتيجة صدمة السقوط للنظام الطائفي في العراق في التاسع من نيسان 2003 لم يفرقوا كثيراً بين اخطاء صدام وكوارثه وبين اعدائه القادمين بعد سقوط فتوهموا بان سقوط صدام اسقط هيبتهم ومستقبلهم وانفعلوا بطريقة خاطئة حتى تصوروا ان الحديث ضد صدام هو حديث ضدهم بينما الواقع ان صدام لا يمثل السنة بادنى صلة ولن يحقق لهم الا الدمار والخراب والضياع. وتخندقوا مع الصفوف المعادية للعراق الجديد وخسروا الكثير من الامتيازات والمواقع ولولا انتباهة الحزب الاسلام سابقاً والصحوة لاحقاً لدفع السنة الثمن كما دفع الشيعة الثمن في بدايات تأسيس الدولة العراقية بعد عام 1920.
ومثقفو كتابات والمعادون لايران والتجربة العراقية الجديدة وقعوا بنفس الفخ وتوهموا بان عدونا هو صديقهم حتى لو كان اسرائيلياً وان من يقف ضد ايران سيصطف معهم ويكون صديقهم وتورطوا في معادلة خاطئة وفق مقدماتها الخاطئة وهي اما ان تكون ايرانيا او اسرائيلياً بينما تستطيع ان لا تكون ايرانياً ولا اسرائيلياً بل تكون عراقياً.الحقد الاعمى على ايران لا يجعلنا نتعاطف مع الكيان الصهوني وندافع عمن يدافعون عنه كالنائب مثال الالوسي.لست في سياق الدفاع عن ايران ابداً بل لن اسمح لاي طرف اقليمي او دولي للتدخل في شؤوننا الداخلية واحترم خصوصيات بلادنا واستقلاليتها كما نحترم جيراننا واصدقائنا ولكن علينا ان لا نحرق ونسحق الذاكرة ونغمط الشمس ضياءها ونورها.
ايران مهما قيل ويقال عنها هي جارة وشقيقة وصديقة وقفت معنا في عهد المعارضة وانفقت الملايين من الدولارات وتحملت ضريبة تاييد المعارضة العراقية وفتحت حدودها التي تفوق 1200 كلم لكل العراقيين النازحين والمهاجرين والمهجرين بينما اغلقت كل حدود الاشقاء بوجوهنا ولن يسمح بلد عربي للعراقيين من دخوله الا سوريا الاسد التي كانت تتعاطف وتتكاتف مع العراقيين في عهد الراحل حافظ الاسد.
لا يمكن ان نتغافل ونتجاهل عن مواقف ايران المشرفة مع العراقيين ولولاها لاصبح اغلب المعارضين اما في المقابر الجماعية او في حكم الخدم للطاغية صدام المقبور. ان الحقد على ايران والتحسس منها لا يقودنا بالضرورة الى الوقوف مع اعدائها كالكيان الصهيوني الغاصب.
https://telegram.me/buratha