( بقلم : صباح رحيمة )
عام 1986 التحقت للعمل في مسلسل ( وا معتصماه ) كمخرج مساعد مع المرحوم د.محمد يوسف الجنابي وكان من بين المشاهد ما يكون تصويرها في مدينة سامراء وهذه المشاهد تتطلب تحضيرات كبيرة من اكسسوارات وبشر وخيول وامكانية السيطرة عليها وتحريكها بالشكل المطلوب لانها مشاهد تحرك الجيش العربي باتجاه عاموريا . فيلزمنا اعداد كبيرة من الخيول وعناصر من الجيش الفرسان وغيرهم من المشاة وهؤلاء لابد لنا من تزويدهم بالزي الكامل والاسلحة وتوزيعهم على شكل مجاميع وهكذا تحركنا الى سامراء وعند الملوية وبالتحديد في الساحة المجاورة انزلنا اغراضنا وراح الحوار يدور لفي كيفية الحصول على العدد الكافي في مثل هذه المدينة وهل يمكن استخدامهم حتى النهاية وكثير من الاسئلة وكنا قد اتصلنا ببعض الاصدقاء والمعارف من الفنانين الذين ابدو استعدادهم للتعاون ولكن كان المرحوم المخرج قلقا وغير واثقا من تلك الوعود والتطمينات وكان ينظر الي وهو يخبرني عنها ويكرر السؤال علي في امكانية نجاح هذه المهمة خصوصا واني انا المسؤول عن نجاحها او فشلها وان اطمئنه بان العملية ستسير وفق ما خططنا .
كان وصولنا بعد الفجر بقليل اذ سارعت ومسؤولي الازياء والاكسسوار بتهيأة الازياء كل زي على حدة وعلى شكل صفوف في كل صف عشرة يوضع فوق كل واحد منها سيف وترس وصفوف اخرى يوضع رمح وترس وهكذا جهزنا ما يقرب من ثلثمائة قطعة .كانت اول وجبة في التوزيع لجنود وحدة الخيالة والمخرج لاينفك يروح ويرجع قلقا يسأل وطلبت منه فقط ان يجري تدريباته وتحضيراته بعد عاين المكان للمرة الاخيرة واستقر رأيه بأماكن وضع الكاميرات هياة له السيتلحين قدوم الكمبارس وطلبت من مساعدي الاخراج تهياة الممثلين واجراء التمارين المطلوبة حتى صارت الساعة الثامنة صباحا وكنا قد استكملنا كل مستلزمات التصوير الا حضور المجاميع الذين شاهدنا طلائعهم وقد اقبلت من جهة المدرسة القريبة من الملوية ( هي نفس المدرسة التي عرضنا على خشبة مسرحها قبل 15 سنة ) على شكل صفين منتظمين يقودهم احد الاساتذة ومعهم شاب فيه عوق ولكنه ينط في نشاط ويصيح بهم وهم يستجيبون لنداءاته والمدرس يبتسم حتى وقفوا جميعا داخل السور وجاء هذا الشاب ( عمل ممثلا كوميديا في بغداد بعد هذا اللقاء ) المرحوم سلام السامرائي وتحرك الشباب ليقف كل واحد خلف زي يستلمه ويتحرك الجميع لارتداءها
وفي دقائق معدودة كان الجميع امام الكاميرا ودارت الكاميرا ولم يتخلف من هؤلاء الطلبة واحدا عن المهام التي اوكلت اليهم ولم ينسحب احد منهم حتى نهاية العمل واعيدت العملية بتسليم التجهيزات بنفس الطريقة ولم نفقد قطعة واحدة وكان المرحوم سلام بالرغم من عوقه يركض من مكان الى مكان تارة مع الكمبارس يرشدهم واخرى الى الحضور من المشاهدين يوجههم ويطلب منهم التعاون دون كلل او ملل وعند نهاية النهار اراد المخرج ان تصرف مكافئة للطلبة المشاركين ففوجيء بالرفض القاطع (لانكم ضيوف اولا ولان العمل عن تاريخ مدينتنا ثانيا وانه عراقي وللعراقيين ثالثا ) هذا عدا الرقي والبطيخ الذي حمل الينا .
وعند العودة في اليوم الاول همس في اذني المرحوم الجنابي ( كنت خائفا من الخذلان ولكنني واثق من تطميناتك ) فاجبته ( لان لي معهم تجربة والمجرب مايتجرب ) وفي اليوم التالي كان الشباب بانتظارنا جاهزين ينتظرون الاوامر ولكن بعد ان نتناول وجبة الافطار من القيمر السامرائي الذي هيأوه لنا . والى استذكار آ خر.
كاتب ومخرج
https://telegram.me/buratha