( بقلم : باسم حاتم الحطاب )
شهر رمضان هو موسم لاعمال شتى منها العبادية و منها الاجتماعية و منها السياسية و منها الفنية التلفزيونية بالذات . و كما هو متعارف ، تقوم معظم القنوات و مؤسسات الانتاج التلفزيوني بانتاج مسلسلات جديدة في كل عام لعرضها خلال ايام شهر رمضان المبارك . و تتنوع هذه المسلسلات ايضا بحسب القناة المنتجة لها و بحسب توجه القناة ، فهذه القناة تعرض مسلسلا تاريخيا بينما اخرى تعرض مسلسلا كوميديا و الاخرى سياسيا او اجتماعيا و هكذا و لعل اهم الاعمال الدرامية في هذا الشهر و الذي حاز على اوسع متابعة جماهيرية و مرشح لأن يفوز باقوى الاعمال وتجاوز في حبكته اهم المسلسلات القديمة و الحديثة فقد تجاوز كل اعمال صباح عطوان بل تجاوز حتى ثلاثية نجيب محفوظ (قصر الشوق – بين قصرين – السكرية) و تجاوز ايضا كل ما كتب اسامة انور عكاشة و محمد جلال عبد القوي من المصريين و تجاوز ثلاثية باب الحارة و جميع المسلسلات السورية الاخرى . هذا العمل هو عمل عراقي صرف و لا اعلم لماذا لم تسلط عليه الاضواء بحيث يعرض في جميع القنوات العراقية ، انها ثلاثية بلغ انتاجاها مليارات من الدولارات ؟؟؟؟؟ نعم مليارات الدولارات و لست مخطئا بهذا الرقم ، انها ثلاثية (وزارة الكهرباء –وزارة التجارة – وزارة النفط) .
و مع كون هذا العمل الكبير عملا تراجيديا لم يرق اليه عمل لكن اقلام النقاد لم تستطع ان تكتب عنه بقدر ما يستحق من المقالات النقدية . لقد توزعت ادوار البطولة في هذا المسلسل على ثلاث ابطال فليس هنالك بطولة مطلقة كما هو الحال في المسلسلات التقليدية ، و لا يمكن لاي ناقد ان يقول ان بطولة هذا الوزير اقوى من الاخر ، فالسيد وزير الكهرباء لا زال في المقدمة لفترة طويلة لاستمراره بالتصريح بان الكهرباء ستتحسن حتى دخل عدد تصريحاته موسوعة غينيس للارقام القياسية كاكبر عدد للتصريحات بعد ذلك اطل علينا البطل الثاني بمفاجأة كبرى الا وهي نصف كيلو عدس ظل يراودنا كحلم في ايام هذا الشهر الفضيل و لسان حال السيد وزير التجارة يقول (التتواعد بيه احسن من التاكله) و لو استعجل السيد الوزير بتوزيع هذه المادة كما استعجل باعادة الرفاق البعثيين من اعضاء فرقة و اعضاء شعبة حين كان وزيرا للتربية لما كان لدوره في هذا المسلسل تلك القوة لذا فقد اصر خلال لقاءاته التلفزيونية و مؤتمراته الصحفية ان المادة سيتم توزيعها بداية الشهر الفضيل و كذلك مادة طحين الصفر لعمل الكليجة و لم تستطع حواشي السيد الوزير باقناع ديواني الوقف السني و الشيعي بتاجيل شهر رمضان الى حين وصول العدس و طحين الصفر ، اما البطل الثالث الذي لم يقل شأنا عن سابقيه فهو لا يزال غارقا في غفوته منذ استلم وزارة النفط و لا يعلم ماذا يدور في الشارع من تلاعب و ازمات في محطات تجهيز الوقود و الباعة المتجولين و دفاتر الوقود التي علقناها في بيوتنا للبركة فضلا عن الذي يدور خلف الكواليس من تاخير صرف مبالغ الشركات المستحقة و التي تصرف رسميا لكنها تظل بايدي موظفين كبار في الوزارة يشغلوها في السوق لسنة او سنتين لتدر عليهم ارباحا كبيرة و لا يسلموها للشركات المستحقة الا بعد اللتيا و التي .
و لا يزال المواطن العراقي (المشاهد و المتابع لهذا المسلسل) يعيش احداث المسلسل اولا باول و لا يضيّع اي حلقة منه لانها لا تحتاج كما باقي المسلسلات لجهاز تلفزيون لمتابعتها ، و لا يزال يعيش احزانها يوميا حتى وصل الامر به الى الاعتقاد بان حلقات هذا المسلسل لن تنتهي و تستمر كالمسلسلات التركية و المسلسلات المكسيكية المدبلجة و التي قد تستمر لسنوات في اغلب الاحيان تتخللها بعض الفواصل الاعلانية ، و في مسلسلنا ايضا هنالك فواصل اعلانية فقد نرى تشغيل الكهرباء لفترة طويلة تستمر الى ساعة و خمس دقائق ثم تاتي فاتورة الكهرباء بمئات الالاف من الدنانير حيث لا تدري هل هي كذبة نيسان ام هي غرامة لانك تلعن العاملين في الوزارة يوميا و قد ياتي الطحين بنوعية جيدة لمرة واحدة خلال السنة ومن الممكن ان نرى حصة شاي جيدة كمفاجأة اثناء عمر الوزارة و قد يهبط سعر النفط و الغاز و يقل ازدحام السيارات على محطات تعبئة الوقود مرة او مرتين خلال العام الواحد و كل هذه هي فواصل اعلانية للتذكير بان الوزارات لا زالت موجودة و تمارس عملها التراجيدي بكل صلافة .
و لا اريد ان اتطرق الى ادوار الكومبارس في هذا العمل كي لا اطيل على القارئ و لكني اعتقد ان المسلسل سيفوز بعدة جوائز و منها جائزة اطول مسلسل تراجيدي ، جائزة افضل سيناريو ، جائزة افضل اخراج ، جائزة اضخم انتاج ، جائزة اكثر مسلسل ازعاجا لمتابعيه ، جائزة التسويف الكبرى (و طبعا معروف من سيتنافس عليها) ، جائزة افضل موسيقى تصويرية حيث ستقدم للمتابعين لانينهم المتواصل و آهاتهم ، و قد تستحدث جائزة جديدة لافضل مؤتمر صحفي يتنافس عليها الابطال (عفوا الوزراء) الثلاثة .
و هنا لابد لي من ان الفت نظر السادة اعضاء مجلس النواب و السيد رئيس الوزراء الى ان هذا المسلسل سيقضي على كل ما تحقق من انجازات حققها و يسعى لتحقيقها كل الشرفاء الذين انتخبناهم بدمائنا قبل ان ننتخبهم بصناديق الاقتراع خصوصا ما تحقق منها على الصعيد الامني و على المستوى المعيشي للفرد العراقي فضلا عما بدأ يتحقق على مستوى الاعمار و المؤمل ان يتحقق على صعيد الخدمات و كذلك الانجازات في المجال الدبلوماسي و لا انسى التشريعات و القوانين التي تصب في صالح المواطن بشكل خاص و البلد بشكل عام و غيرها .
https://telegram.me/buratha