( بقلم : أ. د. حاتم جبار الربيعي )
عندما يكتب أحدنا مقالا عن موضوع ملفق أو كاذب ولايعرف آثاره السلبية فسيحاسبنا الله تعالى على افتراءاتنا ونخسر سمعة الآخرين وإحتقارنا لذاتنا لأن جانب الخير في أنفسنا سيفرز لنا ذلك(ونفس وماسواها، فألهمها فجورها وتقواها،قد أفلح من زكاها،وقد خاب من دساها) (الشمس 7-10) اضافة إلى أضرارها في مسيرة وطننا الذي هو بأمس الحاجة الى الأقلام النظيفة.وقد نطلق تصريحا أو قولا لأحدى القنوات او وكالات الأنباء او للصحافة ولا نعرف الأضرار الجسيمة التي سيحدثها ذلك وسأورد مثلا حديثا بهذا الخصوص فأثناء أنعقاد دورة الألعاب الأولمبية في بكين إنشغلت القنوات الفضائية والصحف والمواقع الألكترونية الصينية خاصة بتصريح أطلقته العداءة العراقية دانة حسين حيث قالت لأحدى القنوات الفضائية الصينية بأنها تملك حذاء رياضيا مثقوبا فوصل الخبر الى بقية الوكالات العالمية، لأن العالم يعيش اليوم في قرية صغيرة، حتى ان أمرأة امريكية أعلنت لأحدى الوكالات الأمريكية بأنها قد تبرعت لها بحذاء !!! وقامت بقية الوكالات بالتمجيد بهذا التكريم العالمي، اما شركات تصنيع الأحذية فقد أتصلت لتعرب عن رغبتها بمساعدة العداءة العراقية بزوج من الأحذية الحديثة وهكذا اصبح حديث الحذاء المثقوب هو الخبر البارز من بين أخبار البطولة، والحقيقة وجدنا من الصعوبة تحليل الأسباب التي دفعت العداءة العراقية لمثل هذا التصريح فهل تصرفت بشكل عفوي وغير مقصود أم أرادت أن تجمل معاناتها لتبرر عدم أستعدادها والآخرين بتحقيق شئ في ذلك الأولمبياد الرائع ولكنها نسيت أو تناست ردود الأفعال السلبية التي أحدثتها فأضرت بسمعة بلدها أولا. لذلك يجب على مسؤولي الوفود توجيه أعضاء الوفد بتجنب التصريحات التي تخلق أزمة لامبرر لوجودها كما أن للكلمة التي نطلقها قدسية كبيرة لذا يجب أن نكون حذرين في تصريحاتنا.
ومن تمعن في أحداث المشاكل الأجتماعية والأزمات المعكرة لصفو المجتمع وجد أن منشأها في الأغلب بوادر اللسان لذلك فأن تعويده على الحديث الصادق والمهذب ضرورة حازمة يفرضها أدب الكلام وتقتضيها مصلحة الفرد والمجتمع. وقد دعى الله سبحانه وتعالى عباده إلى التحلي بأدب الحديث وطيب القول (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن أن الشيطان ينزع بينهم، إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا) (الأسراء 53) وقال تعالى (ياأيها الذين آمنوا أتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم، ويغفر لكم ذنوبكم)(الأحزاب 70-71). وجاء رجل الى النبي (ص) فقال يارسول ألله أوصني، قال: أحفظ لسانك، قال:يارسول الله أوصني، قال: أحفظ لسانك قال يارسول الله أوصني، قال: أحفظ لسانك، ويحك وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم).
اما عند نشر مواضيع في المواقع الألكترونية والصحف فالحذر يكون أشد لأن من يكتب ويدون الكلمة وينشرها فهو أكثر مسؤولية من إطلاق التصريح العلني ، ومع الأسف فأن كثيرا من الكتاب أخذ بتدوين الأمور التي تعجب هواه ولاوجود مصداقية حقيقية لها حتى برزت ظاهرة جديدة اسمها "كتاب الأسماء المستعارة" الذين لاهم لهم سوى الهجوم على شخص أو طرف معين وأطلاق الأكاذيب الكثيرة.
إن كتاب الأسماء المستعارة والملثمة جعلوا بعض كتاب الأسماء الحقيقية التوقف عن الكتابة لكي لاتصبح أسماؤهم مجاورة لأسماء أولئك الملثمون ويسلموا من تسميتهم بكتاب موقع كذا فأنظروا ماذا جنت تلك الكتابات الهابطة لثقافتنا غير السب والشتم والطعن، متى ستظهر صحوات ثقافية توقف هذا الأنهيار الذي يعاني منه الوسط الثقافي العراقي بمنع هؤلاء المحرضين والكتاب من بث سمومهم، وهل نحن غير جديرين بالحرية المطلقة التي نعيشها وكيف لانستغلها من أجل التقويم وليس السب والشتم والتشهير التي قد تفسر كونها أمراضا نفسية او حملات تستهدف أشخاصا معينين او عرقلة مسيرة الدولة العراقية.
لذا نقترح على رؤوساء المواقع الألكترونية ووسائل الأعلام المختلفة التأكد من شخصية الكاتب قبل السماح لمقالته بالنشر وعدم نشر المقالات التي تسئ للدين والمذهب والمقدسات والوطن والإبتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري أو الأساءة للرموز الدينية أو الوطنية بحجة حرية الرأي وعلى كتابنا أن يبتعدوا عن أثارة النعرات الطائفية والمناطقية والعشائرية لأن رسالتهم سامية فأن وجود حرية التعبير هي الضمان الأساسي لتقدم الشعوب وأنها أحد أسباب التطور الشامل الذي تعيشه الدول المتقدمة اذ إنها تشخص الأيجابيات لغرض تعزيزها وبيان السلبيات لغرض معالجتها وعليه فإن مسؤولية المثقفين هي نبذ الأعلام السلبي والدعوة والمساهمة بتأسيس إعلام إيجابي يقول الحقيقة ويدعم تطور المجتمع ويصلح ماأفسدته الظروف الصعبة التي مر بها العراق ويحفز على العمل الصالح الذي يرضي الله سبحانه وتعالى ورسوله ويخدم الإنسانية (وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون).
https://telegram.me/buratha