( بقلم : مهند حبيب السماوي )
يعرف اغلب المشتغلين في مهنة الكتابة حقيقة مفادها أن هنالك بعض من الموضوعات والقضايا ممن يقف الكاتب أمامها كثيراً حينما يحاول الكتابة والتعرض لها، وربما يتوقف في أثناء كتابة المقال هنا وهناك قبل أن يصل إلى خاتمة موضوعه، ناهيك عن صعوبة الدخول وإيجاد الشرارة الأولى التي منها ينطلق لكتابة المقال.وفي موضوع الكهرباء شعرت بهذا الشيء ربما أكثر من أي مقال أخر تعرضت له في حياتي، فمالذي ممكن أقوله عن مأساة الكهرباء وكارثتها في العراق؟ ومالذي يمكن أن أقدمه للمواطن العراقي الذي يرزح تحت الظلام والحر في صيف العراق اللاهب ؟ بل ومالفائدة من كتابة مقال بسيط حول موضوع الكهرباء في العراق وأداء وزيرها كريم وحيد؟ وهل يمكن أن يؤثر مقال في وضع الكهرباء بالعراق؟
وهنا أتساءل من هو المسؤول الفعلي عن هذا التردي الواضح في وضع الكهرباء بالعراق؟ هل هو النظام السابق، كما يقول البعض ويتذرع به هرباً من المسؤولية، أم أنها الحكومة الحالية ممثلة برئيس وزرائها السيد نوري المالكي، أم أنه البرلمان العراقي الذي يلتزم الصمت المطبق إزاء أداء وزير الكهرباء كريم وحيد، ولربما كتلة الائتلاف العراقي الموحد التي رشحت السيد وحيد لهذا المنصب، أم أن المسؤول عن تردي الكهرباء هو وزيرها التكنوقراطي المستقل كما يدعونه...
في هذه المرحلة، وعلى الرغم من عشرات المقالات التي تُكتب حول الكهرباء، إلا أن ما أثارني في هذا الصدد عنوانين مهمين ..الأول عبارة عن إعلان نشره السيد وزير الكهرباء في احد الصحف العراقية بحجم الصفحة الكاملة يهنئ فيه الشعب العراقي بحلول شهر رمضان ...و أقول بارك الله فيه ! ، إلا أن العنوان الثاني الذي نشرته وكالة الصحافة العراقية- بغداد - 05/09/2008 أفاد بأن "آلاف العراقيين افطروا بسبب انقطاع الكهرباء وسوء الخدمات وموجة الحر وشح مياه الشرب"، حيث جاء في تفاصيل الخبر:
"لم يتمكن كثير من النساء والاطفال والشيوخ العراقيين من الصمود امام موجات الحر اللاهب التي اجتاحت بغداد ومدن العراق، فقرر غالبيتهم عدم الاستمرار بالصيام "........ والسبب واضح وهو "إصاباتهم المرضية التي اشعلها في اجسادهم انعدام الطاقة الكهربائية وسط اجواء تعدت خمسين درجة حرارة مئوية، إضافة إلى نقص حاد في المياه، كان يستخدمها العراقيون لتبريد اجسادهم من حر الصيف بصب اواني المياه الصافي لتحدي عطش الصوم ". ويشير التقرير إلى أن "آلاف وربما عشرات الالاف من العراقيين وخلال الايام الأولى من رمضان لم يتمكنوا من مقاومة لهاث الصيف "خصوصا قد "ظل انقطاع الكهرباء يستمر لاكثر من عشرين ساعة يوميا في المناطق التي يقال انها تنعم بالكهرباء فيما هناك مناطق اخرى قد لاترى الكهرباء لايام عديدة "
من الناحية العامة فان "الناس يتهمون الحكومة سواء وزارات المواراد المائية او وزارة الكهرباء او امانة العاصمة والبلديات ، ، في كل ما يحصل " اما من على وجه الخصوص فنرى مثلا ان شيخا عجوز قد قال بأن الحكومة ورداءة الخدمات كانت سببا في افطاره وهي المرة الاولى التي لم ينتظم فيه بصيام شهر رمضان من اكثر من ستين عاما ، ويقول ان هذا حال بعض افراد عائلته الذين سقط بعضهم مغشيا عليه بسب الحر وانقطاع الكهرباء ، ولم يكمل صومه ، فيما ما زالت الوعود بتحسين الخدمات مستمرة دون توقف مع تصريحات بدت مخجلة لكثرة تكرارها. ويخلص كاتب التقرير إلى القول "إذا كان العنف قد سرق بهجة رمضان من العراقيين خلال العاميين الماضيين، فان ما سرق بهجة الشهر الفضيل هذا العام نقص الخدمات وتردي الاحوال الجوية، التي فشلت الحكومة في تجاوزها، فأفشلت إصرار الكثير على الصوم، ولسان حالهم يقول (ربنا لا تؤاخذنا)".
إنها حقاً لسخرية من سخريات القدر ان يقدم السيد وزير الكهرباء المحترم تهنئة للعراقيين بحلول شهر رمضان وينشر اعلاناً بذلك، وهو لا يعلم بأن العراقيين لا يشعرون بحلول الشهر الفضيل و(مستلك جدهم من الحر) بسبب إفطار الآلاف منهم في بلاد الانبياء والاولياء !!
مهند حبيب السماوي
https://telegram.me/buratha