( بقلم : علي الخياط )
كثيرة هي الحكايات والامثال والعبر القديمة التي خلدها التاريخ وحفظها رغم انقضاء اعوام عديدة على زمنها ، الا ان الحاجة الى هذه الدروس القيمة والاستفادة منها دروسا وعبر لحياتنا حاضرا ومستقبلا خاصة في واقعنا المرير الذي نعيشه، ومن العبر القديمة التي شدتني اليها لقربها مـما يحصل الان في مختلف جوانب الحياة: يحكى ان تاجرا معروفا بالزهد والطيبة والاخلاق الحميدة ، يملك احد العبيد الذي يعهد اليه بأمور البيع والشراء الى غير ذلك من متطلبات هذا التاجر ، هذا العبد يدعى (خلبوص)و يملك دهاءا لا مثيل له في (اختلاس) اي شيء يعهد اليه من بيع وشراء، وجعل نسبته 50% معيارا لاي تعامل يكلف به. التاجر حسن لطيبته المفرطة يصدق ما يخبره به (خلبوص) من كساد البضاعة وتوفرها بالاسواق حين يراد البيع ، وقلة البضاعة وشحتها حين يراد الشراء، ليستفاد اكثر من عملية الشراء والبيع وهكذا يفعل في كل شيء.
طلب التاجر حسن ان يعمل له ختم خاص باسمه، فتجول التاجر مع عبده بالعديد من محال الاختام ، وحصلا على سعر الحرف الواحد وهو دينار لكل حرف فأمتثل التاجر، واعطى لخادمه مبلغ ثلاثة دنانير عن اجر كلمة (حسن) البالغة من ثلاثة حروف ،اخذ خلبوص يمر على اصحاب الحرفة الواحد تلو الاخر محاولا التقليل من سعر عمل الحرف، لانه لا يرضى ان يعمل عملا دون ان يأخذ حصته منه ، محاولاته العديدة لم تأت بنفع وكان السعر محدودا وبدون نقاش من الجميع، جلس خلبوص مفكرا بما يعمله،وحين اطال التفكير ،نهض مسرعا الى احد الحرفيين ليبلغه ان يعمل ختم بأسم (خس) تعجب صاحب الحرفة من هذا الاسم وتساءل يوجد احد بهذا الاسم؟فأخبره ان يعمل ما طلبه منه ، وحين خط الحرفي الحرفين اخبره خلبوص ان يتأنى فيما يضع نقطة حرف (خ) ليضعها على حرف (س) لتكون (حسن) بدلا من (خس) فأنذهل الحرفي من لؤم خلبوص ودهائه وعاد مسرورا الى سيده ليدفع له الختم.
ابتلينا بأمثال هذا الداهية في وقتنا الحاضر بـالذين اصبحوا كالمنشار الالماني او منشار الثلج (ماكلين) في الصعود والنزول يسلبون الاموال بدون وجه حق. ،يستغلون مناصبم ووظائفهم للضغط بأتجاه حصولهم على المشاريع وتنادر التجهيز والمقاولات ،اضافة الى الكثير من عمليات الفساد الاداري والمالي التي يقومون بها ،ويشرفون على ابسط حيثياتها ،كل هذا يحدث دون ان يتركوا خلفهم أي دليل لادانتهم ،ويخرجون مثل الشعرة من العجين من أي عارض او شك يمسهم ،هؤلاء الذين ارتضوا ان يكون المال والسحت الحرام من اولوياتهم ،غير ابهين بالامانة التي وضعت على اعناقهم اوشرف المهنة الواجب احترامه،المطلوب من الشرفاء من اصحاب الشركات والمقاولين ورجال الاعمال الذين رضخوا الى من ساومهم على النسبة التي وصلت احيانا الى النصف ،بكشف هؤلاء المرتزقة السارقين وفضحهم على الملأ ليكونوا عبرة لغيرهم من المرتشين ،والمساومين ولانهم محال ان يتركوا ما تعلموا وتعودوا عليه ،ولن يردعهم احد اوضمير ، الا قبضة الحديد التي تفيقهم من ظلمهم وجبروتهم ،والله يمهل ولايهمل ...
https://telegram.me/buratha