بقلم: زهراء فلاح الموسوي
وفاءا لعباءتي ولأني احبها قررت اليوم ان اكون عريفة هذا المربد الكوفي مبرقعة بها .. هذه هي العبارات التي حسمت مخاضا ذهنيا كان يدور في خاطري انتظرت لحظة لأرى ردة فعل الجمهور في قاعة( الشهيد الحكيم )في مبنى رئاسة جامعة الكوفة في المربد الشعري التربوي الثاني الذي رعته واقامته وزارة التربية قبل ايام في النجف الاشرف.. بحرارة التصفيق المرتفع ملأت فضاء القاعة.. قدمت شاعرا من البصرة كان ينتظر دوره ليعتلي المنصة ..احد المدعويين في المربد الشعري فاجئني بالقول: كنا ننتظر منك ان تتحرري من الحجاب وان نراك من دونه لا ان تلبسي العباءة.. ثم انت اعلامية وعلى هذا الاساس يجب ان تكوني نموذجا مختلفا عن الاخريات وكان قد دعاني الى التحرر بطريقة ما لاعتقاده بانه شرطا من شروط التالق والابداع والعباءة من مسببات التاخر!.. اخر تناقضت ردة فعله فقال لي : نريد منك ان تظهري بهذه العباءة على شاشة الاخبار ! لكنه امر غير ممكن وقد يكون غير مناسب ايضا .. اما البعض الاخر والاغلب لمست منه ارتياحا وتفهما بحجم القرار الذي اتخذته ..
العباءة زي تقليدي من صميم مفردات الازياء العراقية الاساسية .. بل ذهبت بعض المحافظات العراقية الى اعتبارها زيا يوجبه العرف والقانون ورمزا من رموز الاصالة والنبل والخلق والهيبة والفخامة والرقي باختلاف الشخصية ومركزها ومكانتها واختلاف الزمان والمكان .. وللرجال ايضا عباءات تعد ايضا من مكملات الزي العراقي في مجالسهم من الجنوب الى الشمال مرورا ببغداد .. ولايكاد بيت عراقي يخلو من عباءة على الاقل حتى لغير اللذين لايلبسونها ..
افترض جدلا لماذا لاينظر الى العقال واليشماغ على انه رمز للتاخر ؟ لماذا لم يعد داخل حسن المغني الريفي المعروف عندما يغني وهو يلبس العقال واليشماغ والعباءة وهو يلوّح بيده بالمسبحة رجلا متخلفا؟ وهل منعت العباءة داخل حسن من الابداع اوعقاله او المسبحة من التألق ؟ ان الابداع ينبع من الداخل بالضرورة وطرح تلازم حرية الجسد مع الابداع ليست دقيقة وصحيحة بل هي قيد وحاجز للمبدع الذي له قناعات واعتقادات تختلف عمن يعتقد بعكسها.. وعليه وبأختصار شديد سنمتاز عن غيرنا بخنق بعضنا البعض ...
اما كوني اسلامية المظهر والمضمون فانا اراعي الضوابط الشرعية في الستر التي يوجبها التشريع الاسلامي سواء بالعباءة او بدونها (على الاقل كما اعتقد) .. فانا مذيعة ومحجبة في ذات الوقت فقد ثمنت كفاءتي ومقدرتي في مجال العمل دون الالتفات الى مظهري في المؤسسة الاعلامية التي اعمل بها ..واظهر من خلال الشاشة مع الاحتفاظ بحقي كمحجبة .. فكما احرص على ان اكون عصرية في انتقاء ازيائي فيما لايتنافى مع معتقداتي فأنا ايضا لا اغفل ولا يمنعني من ان اعي طبيعة الازياء العراقية التقليدية الاخرى والمكان والزمان المناسبين للظهور بهما ،احب العباءة والبس العباءة في المدن والمناسبات الدينية كالنجف وكربلاء وفي الزيارات والمولد النبوي والبس العباءة في المجالس النسائية والولائم والبس العباءة في المجالس الحسينية (والقرايات) في شهر عاشوراء .. واحيانا البسها عندما تستعجلني امي في جلب الصمون من فرن الصمون الذي يقع بالقرب من بيتنا للسهولة والسرعة كما انني قررت ان اكون عريفة الحفل وانا مبرقعة بها .. فهي عباءتي وانا احبها
https://telegram.me/buratha