( بقلم : سليم سوزه )
تبدو كثير من الامور في غاية الغرابة، حينما يتمعّن فيها الناس .. ومنها الحد الذي وصلت اليه معضلة تحويل ملكية السيارات والمركبات المختلفة بين البائع والشاري في هذا البلد المغلوب على امره .. اضم صوتي الى الذين ابدوا استغرابهم من هذا الامر، بل لعلي اكون اكثرهم استغراباً، كيف لهذه المشكلة البسيطة قياساً لغيرها من وجهة نظرنا، تبقى اسيرة التعقيد والخلل وفقدان الحلول حتى هذه اللحظة!ما جعلني اكتب في هذا الموضوع هو ما نقله لي احد ابناء عمومتي، وانا ضيف في بيته، حيث سرد لي كيف ان سائق سيارة نوع (كيا) قد طرق بابه في احدى (الظهاري) الحمراء نسبة لحرّها وترابها الاحمر، الذي كان يصعد وينزل متأثراً بصعود ونزول التصريحات النارية لبعض (قادتنا) السياسيين اعلا الله مقامهم الشريف، فبعد ان فتح ابن العم الباب لسائقنا هذا الذي لم تكن سماه بغدادية، بل كانت ملامحه تشير الى بؤس الجنوب وعنفوان معيشتها الصعبة، عرف اخيراً بانه يبحث عن صاحب (كيّته) الاصلي، كي يستطيع تحويل ملكيتها منه اليه .. ولم يكن يعرف سوى هذا العنوان، على اعتبار ان ابن عمنا كان ضمن سلسلة الشارين ثم البائعين قبل اكثر من ثلاثة اعوام .. تصوّروا ثلاثة اعوام على بيع سيارة نوع (كيا) وهي تتنقل من بائع الى مشتري ومن مشتري الى آخر، حتى وصلت في نهاية المطاف الى البصرة، لتكون من حصة هذا الرجل المسكين ..طبعاً لم يفرح كثيراً صاحب الكيا طيبة الذكر، لكون ابن عمي قد وجّه قاضيته له، بعد ان اخبره بانه اشتراها من محافظة شمالية، ولا يعرف اين استقر باصحابها النوى، لان الامر كان قبل عدة سنوات من الآن، ليعود صاحب الكيا يجر اذيال الخيبة والخسران، علّه يجد حلاً لمعضلته او قد يلجأ الى (تزوير) الوثائق، كما لم تُخف ِ عصبيته.
تتذرّع مديرية المرور العامة بان مشكلة تحويل الملكيات، تُعزى الى عدم وجود معمل كبير للارقام وعدم قدرة الدائرة استيعاب الطلبات المليونية للذين يرومون تغيير ملكيات سياراتهم بعد ان اشتروها من آخرين، لكنها لم تفكر حتى في الحلول المؤقتة، اذ انها تستطيع ان تطبع (سنويات) كالتي وزّعتها من قبل على المالكين الاصليين والحائزين الثانويين، وعلى شكل بطاقة صغيرة بسيطة، تجنّب المواطن عبأ البحث عن المالك او الحائز الفعلي للمركبة، والذي قد لا يكون موجوداً في البلد او استقرّت جثمانه في احدى مقابر عراق ما بعد التاسع من نيسان. انا اعتقد بأن حل هذه المشكلة باسرع وقت ممكن، قد يكون له أثراً بالغاً في زيادة استقرار الوضع الامني ودعم الامن، لكونها ستسيطر على عدد السيارات المستوردة والموجودة، ناهيك عن معرفة الاعداد الحقيقية للسيارات الوهمية، او التي دخلت البلد لاغراض (التفصيخ) لكنها ما زالت تسير في شوارع العراق دون محاسبة من احد.
اتمنى ان يصل مقالي هذا الى اعلى المستويات في المرور العامة وفي الحكومة العراقية للنظر في هذه المسألة التي لطالما ارّقت بال المواطن، واتخاذ الاجراءات الكفيلة بحلها ولو مؤقتاً، لحين اصدار الشكل النهائي (للسنويات) و (الارقام) التي لا تزوّر.
https://telegram.me/buratha