( بقلم : كمال ناجي )
المهدي المنتظر عج عقيدة إسلامية آمن بها المسلمون جميعا دون استثناء و ليست هي من عقائد الشيعة وحدهم و ليس شيئا ابتكروه و ابتدعوه من تلقاء أنفسهم كما يروج لذلك ضعاف النفوس و أصحاب الإحن و الضغائن . و قد ادعى الكثير من طلاب السلطة و الجاه و المكاسب السياسية عبر التاريخ الإسلامي أنهم المهدي الموعود أو نائب خاص له يلتقي به و يفضي إليه بما عزّ من كنوز المعرفة و كشوفات اليقين .. و أمر هؤلاء كان مصيره الافتضاح و نيل اللعنات و باءوا بالخزي و العار . و لعل من المؤلم حقا أننا نرى في التاريخ الإسلامي أن أولئك المدعين كان العديد منهم من الشيعة أنفسهم ممن زين لهم الشيطان و أغراهم بالادعاءات الباطلة و خلط عليهم الأمور فصدقوا أنهم المهدي بذاته و حقيقته أو حواريه المقيم عنده و من يصطفيه بالإلهام و العلم و الكشف الإلهي .. ولعل أكثر الدعوات التي كان لها صدى واسع في العراق ما عُرِف بدعوة المشعشع التي شملت الجنوب العراقي انطلاقا من منطقة البطائح أي الأهوار و كذلك بعض أجزاء فارس فيما يعرف بمنطقة الأهواز بل امتدت حتى القطيف و الإحساء في السعودية . المشعشع واسمه محمد بن فلاح المشعشع كان قد ادعى المهدوية فأفتى الشيخ أحمد ابن فهد الحلي بقتله و رغم انه ادعى ذلك خلافا لما هو ثابت من روايات بل و ما تنص عليه العقيدة الشيعية إلا أن للمشعشع أتباعا كثرا جلهم من الشباب المراهق و الجهلة الأغبياء وفي النهاية نجح في إقامة دويلة أو إمارة في الجنوب العراقي بعد أن حصل المشعشع على تأييد قبائل عربية في المنطقة بايعته على أنه المهدي المنتظر . إن ما يلاحظ على الدوام كقاسم مشترك بين الدعوات المهدوية الباطلة هو سعيها إلى النفوذ السياسي و السيطرة على السلطة و إقامة دويلات يعبد فيها المدعي للمهدوية زورا على الله و بهتانا .
و على أثر افتضاح هذه الدعوات كان المناوئون للشيعة يزدادون غطرسة في مواقفهم و يرون أن أوراقا جديدة للتشنيع على الشيعة باتت في أيديهم . و الحق أن تلك الحركات الضالة قد قوّت من عضد هؤلاء و منحتهم فرصا ذهبية للنيل و الطعن في عقائد الشيعة الإمامية و رميها بالخرافة و الوهم . الأمر الذي دفع الكثيرين للتساؤل عن النوايا الحقيقية للمدّعين و احتمال ارتباطهم بجهات تحاول إضعاف الشيعة و توهين عقائدهم و زجّهم في زاوية ضيقة و رميهم بالتقولات الباطلة و الاتهامات الملفقة . و في الراهن العراقي الشيعي تظهر حركة مقتدى الصدر و تكوينه لجيش المهدي الذي عاث في الأرض فسادا و أراق أنهارا من الدماء البريئة وهو يحمل لافتة مضللة هي ادعاء التمهيد لظهور الإمام المهدي هذه الفكرة التي راح الصدر يلح عليها بشكل تدريجي علما أن أغلب الحركات المهدوية الباطلة كانت قد بدأت بشكل تدريجي لكسب المزيد من الأتباع و المؤيدين لصاحبها فالمشعشع السابق الذكر بدأ بطرق باب العرفان و صور نفسه لأقرانه أنه صاحب كشوفات ثمينة و نادرة ذلك بعد حصوله بطريقة ما على كتاب لأحد أساتذته يسمى بكتاب الأسرار الغريبة . و بعد أن لجأ إلى قبيلة خفاجة ادعى أنه يمهد لظهور المهدي ثم ما لبث أن أعلن نفسه مهديا .. بل و تجاوز فيما بعد تلك المرحلة إلى ادعاء الإلوهية .
أخيرا يلجأ مقتدى الصدر و بكل رعونة و استخفاف بمشاعر الناس إلى الدعوة لتوقيع وثيقة بالدم سيرا على نهج النظام الصدامي الذي كان يدمن مثل هذه الوثائق التي طالما غمست من دماء الرفاق البعثيين و حملت إليه أطنانا تكدس في قصره بانتظار جردها و توزيع المقسوم على أصحابها . هذه الحركة الصبيانية فتحت الباب واسعا لكل الأفواه النتنة لتصب على الشيعة جام الحقد و الكراهية ، و الحقيقة إننا نعجز عن الرد لأن مسألة التوقيع بالدم هي فعلا بدعة في قضية الدين وهي مما لم يعرفه أحد من قبل إضافة إلى ما تنطوي عليه من سخافة واضحة فالتمهيد للإمام المهدي لا يكون بتكوين الجيوش و قتل الأبرياء و إثارة الفوضى و شق وحدة الصف و فتح الباب للمرجفين و الحاقدين على الشعب العراقي لينفسوا عن أحقادهم و كرههم .. التمهيد يا حضرة القائد الفلتة يكون بالعمل الصالح و محاربة مظاهر الفساد و الإفساد التي قام و يقوم بها أتباعك في مليشياتك المجرمة . دع الناس يعيشون بسلام تكن ممهدا حقيقيا للإمام .. دع ما يعنيك و خذ بما يتوجب عليك تكن ممهدا مأجورا عند الله ... و كفاك ألاعيب و افتراءات ما أنزل الله بها من سلطان ، ادعُ إلى الإخاء و السلام و التواد و ليس إلى أن تكون ثلاثة أرباع البشرية لك أعداء كما وردت في نقطتك الرابعة ، فالإمام المهدي و من اسمِهِ هو دعوة للهداية و طير سلام و محبة سيرفرف على ربوع المعمورة و ليس من دعوته أن يكون الاحتلال و أعداء الله و رسوله و الاستعمار و الكفار و أهل العقائد الفاسدة و المتعاونين مع الأمريكان ... الخ أعداء دائمين له و على الأقل لم يبدأ معهم بمثل ما تبدأ أنت معهم . هذا مع الفارق الرهيب بينكما طبعا و لا سيما أنك لا تملك أهلية تصنيف الحق و الباطل و لست تملك معيار الصحة و الفساد التحكم على هواك و كيفما شئت . اترك لغو العداء و الاستعداء و اطلب المحبة حتى مع أعدائك تكن ممهدا حقا ,, نعم العراق محتاج إلى ثورة للتمهيد تعنى بتمهيد أصحابك و أتباعك و غسل عقولهم و أذهانهم مما زرعته فيهم من فاسد الأفكار و زائع الاعتقاد .
https://telegram.me/buratha