بقلم : جاسم محمد خلف
الاثار والتراث لها مشاعر خاصة بها تصل الى طرب النفس لعشاقها وخصوصا اذا ما شاهد مَعلم اثري قديم فانه يسرح ويمرح في ميدان الماضي ويتذكر ابطال هذا الاثر وكانه يعيشه الساعة ، فكيف بهذا الاثر اذا كان رمز لشخص له مكانة عند الله عز وجل ورسوله واهل بيته الاطهار عليهم السلام والذي من خلالهم اصبح الملهم الاول للحرية والثورة على الباطل لدى كل العالم وبمختلف اديانهم انها الروضة الحسينية المطهرة لسبط الرسول وسيد الشهداء الحسين عليه السلام.
وطبيعة البشر الذي يعشق هذه الاثار الخالدة والتي تعانق المجد والعز فانه اذا مااريد ادامتها او تطويرها يحاول وبكل دقة الحفاظ على الاصل بل وفي بعض الاحيان يرفض الادامة والترميم بحجة مسح او الاخلال في الاثر .الروضة الحسينية اصبحت معشوقة الكل واذا ما اريد لمن يتولى عليها تطويرها يُنظر اليه بحذر كون ان التطوير قد يخل بالاثر ، ولكن الظروف التي مرت بها هذه العتبة بعد سقوط الصنم والازدياد المضطرد للزوار من داخل وخارج العراق وضيق المكان اصبح لزاما على القائمين عليها توسعتها او استحداث ابنية تابعة لها لاستيعاب الملايين القادمين اليها .
وافضل واروع شيء يلفت النظر ويشد اللب ويذهل العقول هو تسقيف الصحن الحسيني الشريف بطريقة فوق الرائعة مع الاستخدامات للتقنية الهندسية باسلوب مستحدث من خلال استحداث القبة المتحركة التي يمكن لحركتها تغير الاجواء داخل الصحن بعد التسقيف حسب فصلي الشتاء والصيف .
وبعد التسقيف هذا فان الصحن يصبح ضمن مجال الحرم والذي يستطيع الزائر الطواف والزيارة في حالة الزيارات المليونية حيث بات من المستحيل ان يسع الحرم الداخلي الزائرين اضافة الى ذلك ولا ابالغ ان قلت 50% من الزائرين لا يستطيع دخول الحرم وتادية مراسم الزيارة ، هذا من جانب ومن جانب اخر ان حر الصيف ومطر الشتاء يجعل الصحن الحسيني شبه ملغي ولا يمكن الجلوس فيه ليصبح ساحة فارغة لا يعدو اكثر من ممر باتجاه الحرم .
مع التسقيف هذا تم تجهيزه باجهزة التبريد ومفرغات الهواء وكل ما يحافظ على نقاوة الجو في الصحن .اروع ما يشد النظر هو طريقة تصميم القباب في الصحن الحسيني الشريف حيث عددها بعدد المعصومين عليهم السلام اربعة عشر قبة وكل قبة تحمل اسم معصوم تكون قبة الرسول الاعظم محمد (ص) ومن بعدها قبتي الامام علي (ع) والزهراء (ع) ومن ثم ولديها والائمة المعصومين من ولد الحسين عليه وعليهم افضل الصلاة والسلام .قبة الامام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف تكون بنفس اتجاه قبة الرسول الاعظم ياتجاه المعاكس لباب القبلة وتكون المساحة المشغولة لها هي نفس مساحة قبة الرسول (ص) لهذا سيتساويان بالمساحة . وجمعت هذه القباب فقرات دعاء التوسل حيث ان في كل قبة لكل معصوم نقشت وخطت الفقرة الخاصة به في دعاء التوسل وهي مثلا ( يا رسول الله (ص) انا توجهنا واستشفعنا وتوسلنا بك الى الله وقدمناك بين يدي حاجاتنا ياوجيها عند الله اشفع لنا عند الله ) وهكذا على كل القباب .
ومع التسقيف يكون الكاشي الكربلائي الزاهي بالالوان والنقشات المعروفة بها حاضرة مع الزخرفة المراياتية التي تزهو في السقف وتضيف جمالية الى جمالية الكاشي وتجعل الشاهد يحس وكأن التسقيف هو جزء من الحضرة قديم لم يتم استحداثه . الاسلوب الهندسي الذي استخدم في التسقيف هو عمل الجسور والصب بطريقة اقل كلفة واكثر متانة واسرع وقتا .
واخر الامر ليس لنا الا ان نشد على يد العاملين على هذا المشروع الرائع ليتكرر في بقية العتبات المقدسة في العراق حيث ان الزيارة الاخيرة للامام الكاظم عليه وعلى الراقد بجنبه افضل الصلوات والسلام اكدت ضرورة تسقيف الصحن لتخفيف شدة الحر الذي تعرض له الزائرين بعددهم الهائل الذي ازدحم بهم الصحن وكم من حالة اختناق حصلت نتيجة الزحام والحر .
https://telegram.me/buratha