( بقلم : محمد عبدالمنعم الساعدي )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة على محمد وآله
أمَّا بعد قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء)(إبراهيم 43) وقال تعالى:(لقالوا إنما سكّرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون) (الحجر 15). أيها الرجل القائم على قناة المستقلة الهاشمي السلام على من اتبع الهدى. بالبداية أود أن أشير إلى نقطة مهمة بخصوص برنامجك عن سيرة أبي بكر وهذه النقطة هي أن هذين الرجلين الأكاديميين (الشيعيين) وإن كنت اشك في أنهما كذلك قد أحرجاك كثيرا في برنامجك هذا لأنه كما أتصور كنت تنتظر منهما الكثير الكثير من الانسيابية والطرح اللبق والأسلوب المتألق في خصوص هذا الموضوع المهم للغاية ولكنك تفاجأت فعلا بطرحهم ومسيرتهم في سرد الموضوع وقد ظهر ذلك جليا في تعبيرات وجهك وفي مقاطعتك لهم أو تصليحك وتنبيهك لأخطائهم الفادحة التي ارتكبوها سواء في آلية الطرح أم في ذكر بعض القضايا التاريخية المضحكة أم في بعض الأمور الفنية الأخرى ، وقد قبلت بذلك على مضض كما أتصور.هذا من جهة ومن جهة أخرى أنك ببرنامجك هذا وتقديمك لهذين الشخصين الأكاديميين (الشيعيين) قد أزريت بهما فعلا لأنهما بذلك إذا كان لهما مقدارا من الحظ والمقبولية في المجتمع العراقي فقد أصبحا الآن من خلال برنامجك هذا في أسفل سافلين وفي زاوية ضيقة مع الأسف.
عزيزي الهاشمي وعزيزَيْ (الشيعيين) أود أن أذكر لكم بعض الإشارات والتنبيهات حول طرحكم لسيرة أبي بكر وما رافقها من أمور: أن آية الغار التي تمسكتم بها والتي (كما تدعون)تبيّن فضل صاحبكم هي بنفسها أزرت بصاحبكم وذلك من خلال:
1ـ من قال أن الصحبة في القرآن تعني الفضيلة ،بناءا على قوله تعالى(إذ يقول لصاحبه)، فهناك شواهد عديدة من القرآن الكريم تبيّن خلاف ذلك، فقد ذكر القرآن الصحبة بين المؤمن والكافر كما في قوله تعالى: (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك). و هناك صحبة بين العاقل والمجنون كما في قوله تعالى: (وما صاحبكم بمجنون)، وهناك صحبة بين الإنسان والحيوان كما في قوله تعالى: (ولا تكن كصاحب الحوت) وأيضا فإن اسم الصحبة يطلق على العاقل والبهيمة ، والدليل على ذلك من كلام العرب الذي نزل بلسانهم، فقال الله عـز وجـل: (ومـا أرسلنـا مـن رسـول إلا بلسان قومه) أنه قد سموا الحمار صاحبا فقال الشاعر: إن الحمار مع الحمير مطية *** فإذا خلوت به فبأس الصاحب إلى غير ذلك من الشواهد.
2 ـ أنّ المعيّة التي ذكرها المدعو عباس (الشيعي)، بناءاً على قوله تعالى: (إن الله معنا) هي كذلك لا تدل على فضل الرجل ومَنْ قال أن المعية مع شخص حتى لو كان هذا الشخص رسول الله(صلَّ الله عليهِ وآله) هي فضيلة بحدّ ذاتها، وغاية ما في الأمر فإن النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ قد أخبر أن الله معه، وعبر عن نفسه بلفظ الجمع، كقوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وقد قيل أيضا إن أبا بكر، قال: يا رسول الله حزني على علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ ما كان منه، فقال له النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ: (لا تحزن فإن الله معنا) أي معي ومع أخي علي بن أبي طالب ـ عليه السلام.
3 ـ اجتماع أبي بكر والرسول في مكان واحد لا يدل على الفضل، لان المكان يجمع الكافر والمؤمن كما يجمع العدد المؤمنين والكفار، وأيضاً: فإن مسجد النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ أشرف من الغار، وقد جمع المؤمنين والمنافقين والكفار، وفي ذلك يقول الله عز وجل: (فما للذين كفروا قبلك مهطعين عن اليمين وعن الشمال عزين)، وأيضا: فإن سفينة نوح ـ عليه السلام ـ قد جمعت النبي، والشيطان، والبهيمة، والكلب، والمكان لا يدل على الفضيلة، فإذا كان كما يدعي عباس (الشيعي) فهل لكلب أصحاب الكهف فضيلة بمجرد معيّته معهم كما قال تعالى: (وكلبهم باسط ذراعيه بالوسيط) أو (ويقولون خمسة سادسهم كلبهم). وإذا كان يرضى عباس بذلك فهل يتحمل أن يكون هذا الكلب أفضل منه.
4 ـ قوله تعالى حكاية عن الرسول (صلى الله عليه وآله): (لا تحزن إن الله معنا). نحن نعلم أن (لا) هنا ناهية، فنسأل: إن حزن أبي بكر إما طاعة وإما معصية، فإذا كان طاعة فالرسول لا ينهى عن طاعة بل يأمر بها، وعليه يكون حزن صاحبكم معصية، أو على الأقل مكروها غير محبب عند رسول الله (صلى الله علية وآله) لذلك نهاه بقوله: (لا تحزن) ثم أن الله تعالى يقول: (وما كان الله معذبهم وأنت فيهم) فأين إيمان وعقيدة صاحبكم من هذه الآية، ويقول تعالى أيضا: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) فلماذا حُرمَ صاحبكم من فضل هذه الآية ولم يُشمل بها.
5 ـ لو لاحظنا الفقرات التي ذكرتها الآية الكريمة قوله: (ثاني اثنين) وقوله: (إذ هما) وقوله:(إذ يقول لصاحبه) نسأل: لماذا هذه الإثنينية دائما؟ والإثنينية تعني التغاير، بينما نجد في آية المباهلة تعبير (وأنفسنا وأنفسكم) وهو معروف مَنْ هما المقصودان في قوله تعالى:(وأنفسنا) وهما الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب(ع) كما يذكر الرازي في تفسيره المعروف وغيره، على كل حال لست بصدد بيان هذا الجانب بل أردت الإشارة إلى ما أردتُ....
6 ـ قوله تعالى: (فأنزل الله سكينته عليه) فلو تتبعنا الضمير الغائب في فقرات الآية الكريمة كما في (أخرجه) وفي (إذ يقول) وفي (لصاحبه) لوجدنا ـ وبمقتضى وحدة السياق ـ أن الذي نزلت عليه السكينة هو رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحده لا غير، فالآية لم تقل : (عليهما) بل عبرت بضمير الغائب المفرد، لان الذي نزلت عليه السكينة هو الذي أيّده الله بالجنود، فإن قلتم إنها نزلت على صاحبكم باعتبار أن الرسول ساكن ولا يحتاج إلى سكينة وإنزال السكينة على الساكن لغو كما يقول أمثالكم فهذا غير دقيق فإن كان أبو بكر هو صاحب السكينة فهو صاحب الجنود،
وفي هذا إخراج للنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ من النبوة، لان الله تعالى انزل السكينة على النبي في موضعين كان معه قوم مؤمنون فشركهم فيها، فقال في أحد الموضعين: (فأنْزَلَ اللهُ سَكِينَته على رسولِهِ وعَلى المؤمِنِينَ وألْزَمَهُم كَلِمَة التَّقْوَى) وقال في الموضع الآخر: (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها) ولما كان في هذا الموضع خصه وحده بالسكينة، فقال: (فانزل الله سكينته عليه) فلو كان معه مؤمن لشركه معه في السكينة كما شرك من ذكرنا قبل هذا من المؤمنين، فدل إخراجه من السكينة على خروجه من الإيمان. اللهمَّ عرِّفني نفسك فإنَّك إن لم تعرِّفني نفسك لم أعرف نبيَّك، اللهمَّ عرِّفني نبيَّك فإنَّك إن لم تعرِّفني نبيَّك لم أعرف حجَّتك .. اللهمَّ عرِّفني حجَّتك فإنَّك إن لم تعرِّفني حجَّتك ضللتُ عن ديني هذا
والحمد لله رب العالمين
محمد عبدالمنعم الساعدي
آب 2008النجف الأشرف
https://telegram.me/buratha