( بقلم : جلال الناصري )
مرت على العراق سنون عجاف تعرّض فيها لأبشع انواع الظلم والاظطهاد والاستغلال من قبل الحكّام الذين تربعوا على عرش السلطة .. ومارسوا سياسات عجيبة غريبة على هذا الشعب الصابر وتأريخ العراق يشهد بذلك منذ تأسيس دولة العراق والى يومنا هذا الذي لا يختلف عن الماضي بشيء سوى تغير الزمان والوجوه فقط زمن المقبور الذي ولّى دون رجعة إتبّع سياسة القوة والتعسف وبالفعل استطاع أن يفرض افكاره الغبيّة على الشعب المظلوم وسياسته الخرقاء التي استنزفت دماء أبناء الشعب الزكيّة .. بصفته القائد الضروره ,والهُمام الذي لا يُهزم , وسيف العرب البتّار والبطل المغوار وما الى ذلك من الالقاب الجوفاء , فمن حربٍ الى حرب ومن خراب الى خراب ومن سياسة غبية الى أُخرى أغبى منها الى أن انتهى بنا الامر العراق بلد محاصر محتل منهوب الخيرات والثروات تجوبه خنازير أميركا وحلفاؤها من الشمال الى الجنوب وبؤرة للأرهاب في المنطقة.
انتهت حقبة العراق المظلمة ودخلنا حقبة الحريّة والديمقراطية وما أجمل هاتين الكلمتين لو طُبقّت بالشكل الصحيح لكن للأسف بدت علامات التسلط والعبودية بالظهور مرة أخرى وهذا ما يخيفنا من المستقبل المرتقب , وبلا شك في هذه الايام لابُدَّ من ولادة سياسة جديده هي وليدة المرحلة وبالفعل السياسة التي سأتحدث عنها هي سياسة (هــاك لا هنــّاك) كلنا نعرف هذا المثل الشعبي يضرب لأعطاء الشيء بمنيّة .. وهذا مالمسته من سياسة الدولةالحاليّة .. لا أتكلّم عن شخوص الدولة المتمثلة برئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء بل عن المناصب الاقل منهم .. هذه السياسة الجديدة تفيد المواطن في الحركة المستمرة والدؤوبة لكي لا يصاب بالخمول والجلوس في البيت دون حركة أو أي شيء يشغله والاخطر من ذلك ربما يتعرض لمرض السمنة فحرصاً منها على صحة المواطن إتُخِذت هذه السياسة ..
مساعدات الحكومة كثيرة لأبناء الشعب العراقي واشهد بذلك ومنها (القروض الميَّسرة) التي تكرمت بها على الخريجين العاطلين عن العمل وهي خطوه جبّارة لأستقطاب الخريجين وتحويلهم من مستهلكين الى منتجين بالرغم من تأخرها لسنين لكنها جيّده .. الذي لفت انتباهي وشدّني للكتابة هو للأسف بطيء الاجراءات من قبل بعض الدوائر المعنيّةِ بالأمر وتكوين سلسه طويلة ومتشعبة من الاجراءات المقيته التي هي في الحقيقة متعبة جداً جدا ًللمواطن الى مدى لا يتصوره المسؤول عن هذه القضيّة ..فكما عهدناه يتربع على عرشه ويصدّر مجموعة من الاوامر في نظره سهلة لكنها ثقيلة على كاهل المواطن البسيط .. فالموظف لا يبالي وهو على استعداد لأرجاع المواطن مئات الكيلومترات ربما لجلب تأييد سكن على الرغم من وجود بطاقة سكن في المعاملة ومعتمدة رسمياً ظمن دوائر الدولة عامّة وحدثت امامي هذه الحالة .
الروتين : وباء قاتل مصابة به الغالبية العظمى من دوائر الدولة وفيه حاله خطيره ومميتة هي اجتهاد بعض الموظفين الاعتيادين وإصدارأو تشريع بعض الاجراءات التي هي قيود تشدّ المواطن بأغلالها القاسية وتدفعة الى سلك الطرق غير الشرعية ومنها الواسطة او الرشوة . هذا تعريف الروتين لأحد المراجعين الذين اتعبتهم كثرة المراجعات .. الى متى هذا الحال يا مؤسساتنا ودوائرنا ويا موظفينا ؟؟ أما آن الاوان أن نلتفت ونهتم بالمواطن ونقدم له المعونة ومد يد المساعدة لأنتشاله من حالة الفقر والعوز والحرمان التي يمر بها ؟ تزداد الامور تعقيداً يوماً بعد يوم, حسبنا بعد سقوط النظام سوف تحل مسألة الروتين التي لطالما عانينا منها دهراً
ولّت اعمارنا ونحن نقوم بنسخ الاوراق الثبوتية لنا من دون جدوى .. بل ازداد الامر سوءاً والماضي يعيد نفسه وبقوّه كما كان العهد البائد عليك ان تزكي نفسك من الحزب الفلاني والحركة الفلانية بأنك لست بعثياً !!!... جانت عايزة.. بالأضافة الى انتشارالرشوة وبشكل كبير وبأرقام خيالية مخيفة أما الذي لا يدفع فأن أوراقه ستدفع تلقائياًالى اقرب سلّة مهملات وبعد المراجعة عليها يقولون له (المعاملة مفقوده) اجلب معاملة جديده فيرجع المسكين للمربع الاول ولا حول ولا قوّة له إلا بالله ... والمثل العراقي يقول (وعلى هالرنّة طحينج ناعم).
بالمقارنة مع دول الجوار وبعض الدول هي ليست بأمكانياتنا ولا قدراتنا نجدهم قد قطعوا شوطاً كبيراً في النظام الاداري وكيفية التعامل مع المواطنين والطرق المتبعة لذلك ومدى التزام المواطن بها ,نجد انسيابية ووضوح في الاجراءات وتوجد تعقيدات ربما لكنها ليست بمستوى التعقيد لدينا اذاً لابُدَّ من الاطلاع على قوانين وانظمة تلك الدول من أجل التعلم وتطبيق تلك التجارب المستورده للأسف على انظمتنا التي نتعامل بها وننبذ الروتين المُمِل من أجل التخفيف عن المواطن اولاً وترميم الانظمة المعمول بها حالياً في العراق ومن حق الغير أن يتعجب ويندهش بأن اول مسلّة قوانين شُرِعت في العراق من قبل حمورابي ولو علِم بذلك لأنتفض وحطمها أو اهداها للغرب ليستفيدوا منها لأننا لا نستحقها .
الله الله بالمواطن ليضع المسؤول امام عينيه المواطن المسكين الذي يرغب بالحصول على راتباً متأخراً او قرضاً يستفيد منه ليوفر رغيف الخبز لعائلته لا أن تكون دوائر الدولة مكاناً لـلعِنِ والدعاء من قبل المساكين على المقصرين من الموظفين ومصدراً لتعب المواطن ولتقدر الظروف القاسية وحرارة الصيف اللاهب وبرودة الشتاء والاموال التي تهدر في كثرة المراجعات غير المجديه ولو صرف هذه الاموال على عياله كان افضل.. نطالب من الحكومة مثلما توفر هذه المبادرات الطيبة أن تبادر بتسهيل استلامها والأستفادة منها سريعاً.. ولموظفينا الكرام اخلصوا في عملكم يبارك الله في رزقكم الحلال ويغدق عليكم من حيث تعلمون ومن حيث لاتعلمون وما اعظم قول رسول الامة ومعلّمها الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) وهويحثنا على الإخلاص في العمل حيث قال :-
(( رَحِمَ امرءٍ عَمِلَ عَمَلاً فأتقنه))
https://telegram.me/buratha