( بقلم : مهدي قهرمان / كاتب وصحفي )
الصحيفة اليومية لايمكن لها إن تعيش إلا على الأخبار ..ولايمكن منافسة الأخبار بأية مادة أخرى هذه النظرية التي أطلقها آرثر كريستيان في الثلاثينات من العقد الماضي ، يوم قاد ثورة التجدد في الصحافة الإنكليزية مع توليه رئاسة تحرير جريدة الدلي اكسبريس ، وألان يبدوا أنها بدأت تفقد بعض صحتها بسبب زخم التطور الصحفي الهادر الذي اجتاح الصحافة اليومية العالمية فمن تطور تقني في الطباعة إلى استخدام عنصر الألوان ، والصور الملونة ، إلى أفراد صفحات كثيرة للتحقيقات المنوعة التي لارابط بينها وبين الحدث الإخباري اليومي ، حتى غدت كثير من الصحف اليومية اقرب إلى مجلات منوعة ، تصدر يوميا ، ولم تقف منافسة الصحف اليومية للمجلات الأسبوعية عندما أطلقت باريس سنة 1965 ثورة تجديد حيث خرجت إلى الأسواق تختبر قوتها وفعاليتها على شكل صحيفة يومية اسمها أربع وعشرين ساعة ، وهذه الصحيفة أطلقها عملاق صناعة الطائرات في فرنسا والصحفي الهاوي مارسيل داسو ، أو سيد القوة الضاربة كما يسمونه في باريس تعتمد نظرية الاستغناء عن الأخبار اليومية واعتماد الصورة الملونة والتحقيقات الصحفية المثيرة في نظرية خالف تعرف وأراد إن يكسر قيد الأخبار اليومية والتخلص من عبوديتها إلى أسلوب تقديم مادة منوعة تجتذب القارىء دون إن ترتبط بزمن، إن جريدة 24 ساعة هي المختبر الأول لانطلاق الصحافة اليومية العصرية ، ولكن خطط الانطلاق لأي تجربة كما حددها نابليون( لايمكن إن تثبت فعاليتها وقابليتها إلا عند الاحتكاك المباشر لمعرفة ردة الفعل) ، وجريدة 24 ساعة في احتكاكها الأول بجمهور القراء قد أعطت نتيجة بائسة إذ سقط توزيعها من 40 ألف في الأيام الأولى إلى 4 آلاف نسخة في نهاية الأسبوع ،وإمام هذا الفشل الذي أصاب هذه الجريدة التقى رئيس التحرير السيد مارسيل داسو صاحب اكبر مصنع للطائرات في فرنسا والممول الرئيسي بهيئة تحرير الجريدة فقال لهم رغم الصعوبات التي تعتر ضنا من أمور مادية وتحديات كبيرة من بعض الأعداء الذين يريدون لجريدتنا إن تقف وتندثر بسبب فشلهم وفضحهم لعدم نزاهتهم المادية أو الأخلاقية أو لكونهم من الطارئين على مهنتنا لذا أنا اقبل التحدي وسنستمر في إصدار الجريدة لأنني اعتبرها ثورة جريئة على مفهوم الصحيفة اليومية وقد لاتثبت صلاحيتها إلا في المدى البعيد وستبقى ناقوس خطر يدق بمصداقيتها لمنافسة الصحف الأخرى. ونحن الصحفيين العاملين في الصحف المستقلة قد وعينا هذه المنافسة الشرسة والكيديات الظالمة منذ فترة طويلة وقد عانينا المتاعب الكثيرة ،
ففي مرات كثيرة كنا نضطر إن نستلف المال لشراء الوقود لتوليد الطاقة ونستلف لنوزع بعض الأجور التي لاتكفي حتى لواسطة النقل لمنتسبينا الذين أبوا إن لايغادروا الجريدة حتى لو جاعوا أو رثت ملابسهم ، لأننا أصحاب قضية و لأننا لايوجد لدينا ممول لديه مصنع للطائرات ولا توجد أي منظمة حكومية أو غير حكومية تدعمنا سوى الإعلانات التي نقوم بنشرها ، واليوم تنهض الصحف المستقلة كالعنقاء من بين الركام ، نحن نتمنى من المركز الوطني للإعلام الذي نعول عليه كثيرا إن يرافقنا خطوة بخطوة للتطور الذي نمضي به وان يزيح كل الطارئين من صاحبة الجلالة وان تكون المهنية في العمل الصحفي هي من الأولويات لرفع مكانة الأعلام العراقي الذي لوثه البعض ، إن تجربة صحفنا وما لاقته من أحزان سوف لاتثنينا عن مواكبة التحدي وان نختار الإحداث الأكثر أهمية وان نغوص في أعماقها ونحلل أسبابها ونتائجها ونقدمها لقارئها بواسطة محررين مختصين في مادتهم وان نطلق كل أسبوع زاوية جديدة واسم محرر جديد ، ولا نقول للذين قتلونا وهمشونا غير انتم الخاسرون ونحن الرابحون والله المعين .
https://telegram.me/buratha