( بقلم : جميل الحسن )
من حق مقتدى الصدر معارضة الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة وان ينتقد الوجود الامريكي في العراق فهو حق مكفول له دستوريا ,لكن ليس من حقه المتاجرة بهذه القضية وتحويلها الى قميص عثمان يرفعه متى يشاء والى قضية سياسية للطعن بالرموز السياسية الوطنية الشريفة واتهامها بالولاء للمحتل والتحريض على العنف والارهاب واضعاف موقف الحكومة السياسي والتاثير عليها في وقت تجري فيه الحكومة مفاوضات شاقة وصعبة من اجل تنظيم وجود القوات الاجنبية وانهاء وجودها في العراق لاحقا .ان هناك فارقا كبيرا بين النظر الى الموضوع من زاوية عاطفية وسطحية وساذجة كما يفعل مقتدى الان وبين دراسة الامر بدقة وتأن وروية كما تفعل الحكومة وباقي الكتل السياسية المهمة في البلاد ,
حيث انه وكما يعرف الجميع فان العراق لايستطيع حاليا الاعتماد على قدراته الذاتية في حفظ الامن في داخل البلاد نظرا لعدم اكتمال جاهزية مؤسساته الامنية وقواته المسلحة وبالتالي فان المناداة باخراج المحتل من البلاد في الوقت الحاضر تعد مغامرة غير محسوبة العواقب .لقد اعتاد مقتدى وابواقه على تكرار هذه المطالبات وبشكل مبالغ فيه من اجل تمرير اهداف وشعارات تروج لافكاره وتمثل ايضا محاولة يائسة للعودة الى قلب المشهد السياسي في البلاد من جديد ,بعد الهزائم الكبيرة والمتلاحقة التي تعرض لها جيش المهدي في الاونة الاخيرة وسط ارتياح شعبي كبير وتاييد مختلف القوى الوطنية والعشائرية في البلاد لخطوات الحكومة باحكام سيطرتها على المناطق التي كانت خاضعة لنفوذه في السابق وخلاصها من الكابوس الخطير الذي كان يشكله وجود عصابات في هذه المناطق والمحافظات العراقية المختلفة ,بعد ان عاثت فيها هذه العصابات خرابا وتدميرا واجراما كارتكاب جرائم القتل والخطف والاغتيال وقتل المواطنين ومصادرة الجوامع والحسينيات التابعة للمرجعية الدينية المباركة وقتل اتباعها وعائلاتهم مثلما فعلت في مدينة الثورة مؤخرا اثناء احداث شهر اذار الماضي عندما قامت عناصر ميليشيات جيش المهدي بذبح عدد من اطفال مقلدي المرجعية المباركة امام انظار ذويهم وعائلاتهم .لقد كان الاجدر بمقتدى الصدر ابداء ارائه وملاحظاته بشان الاتفاقية من خلال القنوات السياسية المعتادة كالبرلمان والصحافة ووسائل الاعام وبطرق مشروعة اما لغة الخطابات والتحريض على العنف والارهاب والدعوة الى تشكيل المجاميع القتالية الخاصة وعلى طريقة منظمات البعث السرية الارهابية وحثها وتشجيعها على قتل المزيد من المواطنين العراقيين الابرياء من خلال زرع العبوات الناسفة في داخل الشوارع والازفة وتفجيرها على المواطنين الابرياء وقتلهم بدم بارد .
ان معارضة الاحتلال امر لا ينفرد به مقتدى ولايمكن ان يزايد به على العراقيين .فالعراقيون مجمعون على رفض الاحتلال وهم مع خروجه النهائي من ارض العراق ولكن بشرط استيفاء الاسباب الاساسية والضرورية لذلك من دون الحاجة الى رفع السلاح او وضع العبوات الناسفة في الطرقات والساحات العامة او اطلاق قذائف الهاون والصواريخ على البيوت والمنازل الامنة وقتل المواطنين بالمجان ,فهل ينسى مقتدى ماذا حل باهالي حي سومر في منطقة الشعب عندما انفجرت شاحنة محملة بمئات الصواريخ تابعة لاحد مجاميع مقتدى الخاصة لتنفجر في وسط الحي وتحيله الى ركام وخراب .ان العراق ليس بحاجة الان الى مقتدى ونصائحه ومزايدته على خروج الاحتلال بقدر حاجته الى العقلاء والحكماء الذين يعبرون به الى ضفاف الامان والاستقرار.
https://telegram.me/buratha