هكذا كان عنوان رسالة صديقتي الحائرة رغم انها تبدو قد حسمت الاختيار من عنوان الرسالة لكن فحوى الرسالة تدل على حيرة وطلب المساعدة في القرار وصحته وأرتئيت ان انقل حيرتها للقراء عسى ان يساعدوها بما تسطره اناملهم من ترجمة لما يجول في خواطرهم ومن جانبي ساصيغ رسالتها بطريقة المتكلم بلسان المقصود ونسال الله ان نوفق لخدمة بعضنا البعض وهذا نص الرسالة:
انا عراقية ويكفيني من هذه الصفة ان اكون متعبة طوال حياتي التي فتحت فيها عيني على صوت الطاغية وهو يقول هل انتم موافقون !! ويصيح الرفاق نعم وبتلك النعم اختنقت طفولتي بحرب ايران ومراهقتي بحرب الخليج وشبابي بالحصار والسقوط المفرح المبكي .
صدمت مرارا وتكرار ورايت كرامتي وهي تنهان عدة مرات لم ادخل الجامعة التي احببت لانني لست ابنة رفيق ودخلت فرعا من فروع الهندسة واكملت دراستي على ضوء الفانوس كما اغلب ابناء جيلي وربما صديقتي بغداد تعي ما اقول لانها عاشته وتجرعت من نفس كأس المرارة الذي احتسيناه وبدون ذنب وبعد السقوط توظفت ورايت ما رايت من النزاهة المبطنة بالرذيلة حتى صرت اشك في كل الناس .
عشت اتلفت عدة سنين بعد السقوط ارقب الارض خوفا من عبوة وارقب السماء خوفا من هاون وارقب الهاتف خوفا من خبر مفجع وارقب السيارات خلفنا خوفا ممن يتبعنا وارقب كلمات المتكلم خوفا من نبرة تهديد هادئة وارقب خصلات شعري وهي تبيض في عز الشباب وفي لحظة ليست اختيارية تركت كل شي وعبرت الحدود الى دولة مجاورة مع الالاف من العراقيين لارقب البلد عسى ان يشفى وصرخت وانا على الحدود بانني لن اعود حتى لو سجلوا دجلة باسمي !! هذا لشدة ما عانيت من الرحلة.
ولا تظنوا انني بعدها الفت الراحة بل على العكس لم ترد الي كرامة لم اجدها في بلدي كل شيء بات مؤقتا مرهون بالظرف والامن اسكن في مكان مؤقت اغراضي كلها مؤقتة عملي مؤقت كل شيء مؤقت والعمر يمضي وبينما انا كذلك ارى نفسي أُزف الى موالي في بلد مؤقت وبيت مؤقت وعزائي فقط كونه موالي سبقني في المعاناة في هذا البلد المؤقت لعدة سنواات!!! لقد اقنعني بانه لابد من الاستمرار فلا جدوى من الانتظار فلن يدعونا دجلة مرة اخرى لنزف على احد جسوره .
بدأت حياتا مؤقتة ثانية لكنها هذه المرة مشتركة بين اثنان يعانيان ومرت الاشهر وهما يحفران الصخر فقط ليعيشوا فمسألة بناء مستقبل امر بعيد وفي احد ايام الصيف الحارة وبينما نحن في طريق العودة يسود الصمت على اجواء عودتنا كسر صمته بجملة فلنذهب لكندا !! ذهلت واعتقد ذهولي موافقة وراح يشرح لي عن كم الاصدقاء الذين نصحوه لهذا وكم من الناس قد قدموا للامر وان الامر لا يتعدى بضع سنين نحصل فيها على جنسية كندية ونعيش براحة ابدية بعيدة عن الجنسية العراقية التي لا تجلب الا هدر الكرامة.
عندما وصلنا قطعت حديثه المنهدر بكلمة لن اذهب الى هناك ،افبعد كل هذا الصبر وعندما وصلنا ربما لجادة الامل فتبسم قائلا اوتؤمنين برجوع العراق الى عهده!!! الذي سمعنا عنه ولم نعشه يوميا واستمرينا بجدال تاجل على اثره موضوعنا بعد ان وضعت له عقبة التربية وتكوين اسرة وعند هذه النقطة طلب مني الجواب بعد تفكير وعندها قررت ان اكتب لك
بغداد في داخلي الكثير من الحيرة تارة اقول لم لا؟ فما الذي سأكنزه لاولادي لو ربيتهم في بلد غير مستقر وان كان بلدهم فاستدرك بانه في حالة تقدم وانه ربما فتصرخ الروح اف اف ربما وعسى والصبر الم تملي من هذه الكلمات فاقول لها وهل مل منها اهل البيت فتجيب وهل انتي بقدرة وصبر اهل البيت !!! فأسحبها الى جدال عقيم وهل الغربة سهلة فتقول نجح في استساغتها الكثيرين ثم من قال بانك ستبقين اذهبي وارجعي كندية ستحظين بترحاب كل الدول وباحترام من اهانوا كرامتك !!
صديقتي وغاليتي بغداد انني في منتصف الطريق لا استطيع ان ابقى بذات النقطة اما ان اتقدم او ان ارجع فماذا افعل اجيبيني صرت ابكي وانا في الشارع وفي عملي احس بانني سأجن اسمع ضحكة صدام في اذني وهو يشمت بي انه لازال حيا بداخلي يضحك عندما اذهب لعملي الذي لا احبه ويقول انا اخترته لك فيجن جنوني وانا اشعر بانه لازال يعذبني لهذه اللحظة والاعراب يذلوني بعد ان رفعهم على اكتافنا
اتدرين يا بغداد باني اسير في الشارع واتخيل ان قناة العراقية ممكن ان تلتقي بي حينها لن اقول كلمة سوى اه اخرجها من قلبي ليقشعر بدن كل نخلة في العراق وليتعكر صفو دجلة من همي الذي شابه هم الالاف ،بغداد تدرين انهم قد سرقوا وقتي فلم استطيع ان اقرا حتى كتابات صديقتي التي احبها لقد استعبدوني واذلوني كما ذلني ابناء جلدي من بعثية وجيش مهدي كسروا هيبتنا باعمالهم ومن مثقفين بكينا ذات يوم لانهم لم ينالوا لقب رئيس وزراء ولنرى منهم ما لم نتوقع رغم انه موالي جعفري !!! ولا انكر ان هناك لحظات عزة جلبها لنا الاخيار الحقيقيون الا انها عزة لوثتها اعمال الجهلة والانانيين من المثقفين .
اتدرين يا بغداد باني لا اشاهد الاخبار لاتفائل بل اتابع فقد اجتماعات مجلس النواب لانه ببساطة يمثل الشعب وما ان ارى افعال الاغلبية وطريقة كلامهم والفوضى العارمة ورقي رئيس مجلسهم وحركات فمه التعبيرية !! حتى يزداد يأسي فلقد اقسمت ان رايت جلسة واحدة مرتبة سأعود في اليوم التالي ولا اعلم اقريب هذا اليوم ام بعيد.
ذات يوم يا زميلتي بغداد سأعود وحينها اسأليني هل انتي عراقية ام كندية !!!! ارتحت كثيرا لانني كتبت هذه الرسالة حتى قبل ان اعرف رايك لقد رسمت ابتسامة خفيفة على شفتي لان اسمك على اسم الحبيبة الغالية وكأني اكلمها وكأني في احضانها .اراك بخير يا زميلتي بغداد
صديقتك الحائرة
هذه رسالة صديقتي كتبتها على طريقتي واسال الله اني لم اضعف لها معنى او نقطة وان سهوت فاعذريني فسطورك تقطر هما ككاتبة ليس لدي جواب لها فان قلت لها اصبري كذبت فذاتي عجرت عن تصبيرها وان قلت لها ارحلي اخشى عليها مجهول ربما لن يريحها كما تظن وان قلت لها ارجعي فخوفي عليها من واقع مؤلم لكن ليس لي الا الدعاء ان يحفظ لها صحتها التي تكاد ان تخسرها بفعل هذه الحيرة واحيل لكم هذه الرسالة عسى ان تطيب كلماتكم خاطرها وان تجد الحلول بين اسطرها.وفي النهاية اقول لك يا عزيزتي ان كل اختيار له سلبيات ومشكلتنا انه واقع العراق غير مستقر حتى نحدد كم سلبياته فمرة ترينه الخيار الامثل وفي بعض اللحظات اجاركم الله نتمنى ان تشفى بغداد عاصمتنا والمحافظات الاخرى لنشفى من تلقاء انفسنا والله ولي التوفيق.
احار الله الظامين كما حيرونا وانا لله وانا اليه راجعون
اختكم المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)