الشيخ فؤاد الاسدي / باحث في الحوزة العلمية في النجف الاشرف
قد يستطيع الانسان الادعاء او انتحال صفة معينة او اكتساب صفة علمية كالماجستير والدكتوراه دون وجه حق وقد ينتحل صفة وزير او سفير او مدير او رتبة عسكرية كفريق ركن او لواء وقد ينكشف امره ويفتضح امام الناس ويقدم الى المحاكم ليلاقي جزاءه القانوني.هذه الادعاءات والانتحالات والاحتيالات قد لا يترتب عليها نتائج خطيرة تهدد كيان الانسان ومصيره وحياته لانها تتعلق بالشخص المنتحل نفسه واذا حصلت ثمة اضرار فهي اضرار على مستوى الاختلاسات او الفساد الاداري والمالي وهي امور مع خطورتها لكنها تختلف عن انتحال صفة الاجتهاد وادخال الناس في متاهات ومزالق ومآزق في دينهم ودنياهم فتكون الضريبة اخطر والكارثة اكبر.ادعاء الاجتهاد يعني توجيه الناس في قضايا مصيرية تتعلق بالارواح والمصائر والاعراض والممتلكات والخطأ هنا قد يكون فادحاً فقد يقحم الناس في مستنقع الكارثة والدمار والمأساة.وما يطلقه السيد مقتدى الصدر من توجيهات واوامر وفتاوى لا يخلو من امرين فهي اما تحليلات شخصية وذوقية يتحمل هو وحده نتائجه او فتاوى واحكام ووظائف عملية وشرعية وهي تحتاج الى وقفة وتأمل فماهي الاهلية والجدارة الفقهية التي يتمتع بها السيد مقتدى الصدر حتى تكون احكامه وفتاواه مبرئة للذمة او موجهة للمكلفين.واخطر ما يواجه الوعي العراقي على مستوى الفقه والتكاليف هو ما يصدره مكتب الشهيد الصدر من بيانات وتوصيات او ما يطلقه السيد مقتدى الصدر من بيانات موقعة بيده فمن يقف وراء هذه الفتاوى والاحكام وماذا يعني مكتب الشهيد الصدر فهل البنايات وما تشتمله من غرف واثاث وهل هذا يعطي الشرعية والاهلية الاجتهادية للبيانات الصادرة من المكتب وما هي قدرات وقابليات السيد مقتدى الصدر على مستوى الملكة الاجتهادية والاستنباط الفقهي.القدرة الاجتهادية تمنح الفقيه رؤية تمييزية لمعرفة ايات وروايات العموم والتخصيص ونظرة متبصرة حول معرفة الاهم من المهم وتشخيص الاقل مفسدة من الاكثر.ان النظرة الظاهرية للايات والروايات قد اوقع الكثير من البسطاء في الفهم الخاطىء لمداليل النص ومعانيه المتبادرة الى الاذهان، وربما واحدة من اسباب التكفير هو الاعتماد على روايات مقطوعة السند والدلالة وهي روايات ضعيفة او الاعتماد على الفهم السطحي للنصوص القرانية كمن يحاول تفسير الاية الكريمة "ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون" في نظرة تعميمة على المسلمين فيجيز تكفيرهم وان صلوا وان صاموا كما بدأت الحركات التكفيرية في تكفير المجتمعات الاسلامية لانها لم تحكم بما انزل الله!وليس هناك احكام قطعية في الشريعة مطلقة فقد تجيز الشريعة تناول المحرم وارتكاب مفسدة محددة لدفع مفسدة اكبر كمن يتناول لحم الميتة في حالات الاضطرار القصوى فان ارتكاب لحكم الميتة مفسدة ولكن هلاك النفس المحترمة مفسدة اكبر ولذلك تقدم الاقل مفسدة وهو تناول لحم الميتة على الاكثر مفسدة وهو الموت جوعاً.ومسالة الاحتلال ووجوب مقاومته تخضع لاعتبارات المصالح والمفاسد كقضية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فهناك ضوابط وشرائط حددتها الشريعة للامرين بالمعروف والناهين عن المنكر فقد تكون المفاسد المترتبة على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اكبر من ملاك اداء نفس هذه الفريضة كمن يعرض نفسه للاذى والضرر في حالات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.ليس من الصحيح ان يحدد امثال السيد مقتدى الصدر مواقف مصيرية تزهق فيها ارواح وتنتهك فيها حرمات بمجرد انفعال وارتجال من هؤلاء انصاف المتفقهين.تصدي السيد مقتدى الصدر بوعيه القاصر وفكره البسيط وفقهاته السطحية يعرض انصاره الى مأساة وويلات وكوارث لانه غير قادر على تشخيص الاهم من المهم والاقل مفسدة من الاكثر بل الامر يحتاج الى فقيه جامع للشرائط له القدرة على الاستنباط والعمق الفقهي.اطلق مقتدى الصدر في بيانه الاخير الكثير من المغالطات والتناقضات التي تعكس بساطته وسطحيته وضيق السعة الفقهية في بيانه الاخير ..فقد ذكر وحذر من حمل السلاح لمن هب ودب معترفاً بان بعض عوام المقاومين صاروا يستهدفون غير المحتل بل يسرقون اموال العراق بغير حق ويستعملون خيراته بغير اذن ويخرجون عن الطاعة والمركزية في كثير من الامور ... بل ان بعض المحسوبين على المقاومة يستهدف الاخوة والاحبة بدلاً من المحتل..ثم طرح شروطاً منها :- عدم استهداف المدنيين على الاطلاق.- عدم استهداف الحكومة ولو كانت ظالمة برأي البعض فليس هناك اذن بذلك.- حصر السلاح بيد المقاومين المتخصصين فقط لا غير.- لا يجوز لغير المتخصص المقاوم حمل السلاح.هذه الامور التي طرحها السيد مقتدى الصدر لكنه لم يحدد ما هي معايير المقاوم ومواصفاته حتى يأذن له بحمل السلاح ولكن هو في نفس الوقت يشرعن الى حمل السلاح في مقابل اجهزة الحكومة.هذا تخبط واضح وفوضى ذهنية وارباك فقهي سيوصل اتباعه الى متاهات خطيرة اذا لم يتصدى عقلاء القوم ويعلنوا بصراحة فقدان السيد مقتدى الصدر للاهلية الاجتهادية وعدم الاستجابة الى فتاواه الفوضوية.نامل من محبي الصدر والحوزة الشريفة ان ينقذوا التيار الصدري من هذه المزالق الخطيرة فانه سوف تقوده الى حافة الهاوية وتفقده الكثير من انصاره ومجبيه.
https://telegram.me/buratha