بقلم: كمال ناجي
وُجِّه مؤخرا استفتاء للسيد مقتدى الصدر حول المقاومة و شرعيتها و فيما إذا كان لا يزال ملتزما بها ؟ و رغم أنني لا أرى شرعية لاستفتاء الرجل كونه لم يصل إلى مرتبة علمية تمكنه من ذلك و مع ما نعرفه و يعرفه الجميع من أنه يحرم الإفتاء لدى الشيعة الإمامية لغير العالم المجتهد الذي يعتبر قوله حجة على المكلفين أقول رغم ذلك فلا شك أن هذا " الاستفتاء " سيؤخذ على نحو ملزم من قبل أتباعه في الشارع العراقي أو على الأقل اغلبهم . و قد جاء الاستفتاء ليؤكد على اسطوانة المقاومة و ضرورة الاستمتاع بطنينها و رنينها ، هذه المقاومة التي أفلست الشيعة طيلة أربعين عاما من عمر الدولة العراقية الحديثة في حماقة ما يسمى بثورة العشرين التي كانت بركاتها وارفة حدّ أن غطت بوشاحها الأسود مدن الوسط و الجنوب و أضعفت موقف الشيعة و تأثيرهم في المعادلة التي كانت قائمة فاستغلها النقيب و أتباعه ليعقدوا صفقة استلام الحكم العراقي إلى الأبد مع البريطانيين فيما حقق المجاهدون فتوحاتهم الأسطورية في المنافي الإيرانية و الهندية . و على أية حال يبدو أن نفس المقاومة لدى مقتدى الصدر قد تشبع بمذاق قم التي يتواجد فيها منذ عدة شهور و فيها لا تسمع هذه الأيام سوى لغو المقاومجية من الذين يهلسون شعورهم هناك حرقة على الاحتلال الأمريكي للعراق و يقيموا مراكز البحوث و الدراسات الشقشقية ضد الاحتلال الملعون و جلّهم من الذين هربوا أيام صدام حسين بعد أن تورطوا بتقليد السيد محمد صادق الصدر و زاد حماسهم حد أن تركوا الأهل و الولدان ليقيموا في قم المحروسة ناشدين الدعة و راحة البال و كانوا مخلصين في نقمتهم آنذاك على كل من عارض السيد الصدر أكثر من اهتمامهم بمعارضة النظام البعثي . الحق أن الاستفتاء المشار إليه جاء بعد خراب البصرة كما يقال ، و هو يشبه تعليمات مدرب فاشل للاعبيه في الوقت الضائع . فبعد خمسة أعوام من العبث و الاقتتال الداخلي و زعزعة الأمن و إزهاق أرواح العديد من ألأبرياء في حماقة ما يسميه الصدريون بالمقاومة يأتي مقتدى الصدر الآن ليضع شروطا شرعية " للمقاوم المختص " على حد تعبيره . وهذا المقاوم الاختصاص في علم المقاومة التشريحي عليه مراعاة الشروط الآتية : أولا : عدم استهداف المدنيين و ثانيا : عدم استهداف الحكومة و ثالثا : حصر السلاح بيد المختصين و رابعا : ألا تكون الأعمال العسكرية للمقاومة مضرة بالشعب و خامسا : تجنيب المدن الأعمال العسكرية و سادسا : عدم الإضرار بخدمات الشعب من ماء و كهرباء ...إلى آخر الشروط الأحد عشر . و نحن نسأل كما سيسأل الكثيرون ولا شك : أين كنت يا حجة الإسلام و المسلمين من هذه الشروط الشرعية خلال الخمس سنوات الماضية التي قامت فيها المقاومة الشريفة بقتل الأبرياء و محاربة الحكومة و الإضرار بمصالح الشعب و تخريب البنى التحتية الخدمية و غيرها و حقيقة أنك أعطيت الضوء الأخضر لكل من هب و دب بحمل السلاح و الخروج كالمجانين في الشوارع ولأتفه الأسباب ؟؟؟ ما نعلمه أن العمل الشرعي و غير الشرعي هو عمل ثابت على وصفه فإما أن يكون شرعيا محللا أو غير شرعي محرما و لأن حلال محمد حلال و حرامه حرام إلى يوم القيامة .. ماذا عن الأرواح التي قتلت دون ذنب و الممتلكات التي خرِّبت بلا طائل و الخسائر الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و النفسية التي دفعها الشعب و الشيعة على وجه الخصوص ؟ ثم من وكّل جنابكم بأن تكونوا وليّ أمر العراقيين لتحددوا أين تكمن مصلحتهم من عدمها ؟ و هل أن مصلحة العراقيين بهذا العبث الذي اضعف الموقف و أتاح للمتربصين من بقايا النظام و حشرات الطائفيين و دعاة القومجية أن ينتهزوا الفرصة و يلعبوا السياسة وفق ما يجب أن تكون ؟ هل تريد أن يكون قدرنا دوما أننا حطب المواقد المستعرة لمعارك كلها تتجلل بالحماقات الثورية و الشعارات التافهة و الأوصاف الخادعة و المغامرات الخاسرة التي آلت بنا إلى ما نحن عليه ؟ لقد منحنا الله فرصة ثمينة لنعتق أنفسنا من ربقة الوصاية و الظلم فلماذا نعيد أكفنا لذات القيد و نسجن أنفسنا في زنازين الخسائر العبثية و المراهقات الحماسية ؟ إن أغلبية الشعب العراقي يعرف مصلحته من دون الحاجة لاستفتاءات من سماحتكم ، فهو لا يرى في المقاومة خيارا بالمرة و لأنها أثبتت عدم جدواها و كانت سلبياتها أكثر و مضارها أوسع من أي نتيجة أخرى و هذا المقياس مقياس شرعي قامت على أساسه العديد و العديد من الأحكام الشرعية و أكده الله في محكم كتابه العزيز حين أشار إلى الخمر و الميسر بأن مضارهما أكثر من منافعهما و اخذ أغلب العلماء هذا كمعيار لما هو حلال و ما هو حرام . و لأن العقل و المنطق يقولان إن الولايات المتحدة الأمريكية أعظم دول المعمورة و من الواجب التفكير بتوطيد العلاقة معها على الأقل لدفع شرورها عنا كما تقوم به كل دول العالم إلا دولتين تسيرهما عقول شبيه بعقل مقاومتكم ..اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha