المقالات

عندما تتدخل الحكومة المركزية بكل تفاصيل عمل الحكومات المحلية

964 18:19:00 2008-07-30

محمد التميمي

ماذا يحصل حينما تتدخل الحكومة المركزية في بغداد بأدق التفاصيل والجزئيات المتعلقة بعمل الحكومات المحلية في المحافظات، اداريا وسياسيا وامنيا واقتصاديا؟.مثل ذلك التوجه لاشك انه يعيدنا الى واقع الامس، حيث كانت السلطة الحاكمة في بغداد لاتسمح بفعل أي شيء في اقصى نقطة من نقاط البلاد دون علمها ودون موافقتها.في العهد السابق كان المحافظ والقائمقام ومدير الناحية، ومدير الشرطة، ومدير الامن، وغيرهم من اصحاب المناصب المهمة والحساسة لايمكن ان يصبحوا في مواقعهم الا بعلم السلطة في بغداد وموافقتها ومباركتها، وهؤلاء وغيرهم لم يكونوا يتكلمون الا بأسم الدولة والقائد الضرورة والحزب المقدام، ولايعنيهم كثيرا ان رضي الناس عنهم ام لم يرضوا، فهذا شيء غير مهم، بل المهم هو ان ترضى السلطة الحاكمة عنهم وتغدق عليهم الامتيازات ويتسببون بغضبها وسخطها.والكثير من العراقيين ناضلوا لسنين طوال وضحوا بارواحهم واموالهم ومستقبلهم من اجل حياة افضل لهذا البلد، بعد التخلص من السلطة الغاشمة الظالمة التي جثمت على الصدور طويلا.ولابد ان يكون الاسى والاحباط والاستياء كبيرا جدا لدى الناس عندما يجدون ان السلطة الحاكمة الظالمة ولت الى غير رجعة، لكن اساليبها ومناهجها وسلوكياتها وادواتها مازالت تفعل فعلها من اعلى قمة الهرم، الى ادنى نقطة في قاعدته.يتحدثون من هم في السلطة الان عن ايجابيات النظام اللامركزي، او الفيدرالي، ويسوقون امثلة كثيرة لذلك النظام ، مثل اميركا وسويسرا وبلجيكا والمانيا والامارات العربية المتحدة ودولا اخرى كثيرة، لكن عندما نأتي الى التطبيق العملي لانجد ولانلمس استعدادا حقيقيا لنقل التجارب الاخرى وترجمتها على ارض الواقع العراقي الراهن.والامثلة والشواهد على ذلك الامر كثيرة ومؤلمة ويمكن ان نورد بعضا منها.فقبل عدة اسابيع تلقت جامعة الكوفة في مدينة النجف الاشرف كتابا رسميا من وزارة الداخلية يوعز بفتح مكتب معلومات امني تابع للوزارة في الجامعة، وبعد رفض ادارة الجامعة الموافقة على ذلك بأعتبار انه لاينسجم مع طبيعة الدور الذي تؤديه الجامعة كمؤسسة علمية، تلقت توبيخا وتهديدا من الوزارة لانها هي الوحيدة من بين الجامعات العراقية الاخرى لم تتجاوب مع ذلك التعميم.امر عجيب وغريب فعلا، حينما تريد وزارة الداخلية ان تفتح مكاتب معلومات امنية لها في الجامعات ومؤسسات الدولة الاخرى، لجمع المعلومات عن الطلبة والاساتذة والموظفين، بطريقة قد لاتختلف عن اساليب الدوائر الامنية للنظام السابق الذي كان يزرع عملائه ويبث عيونه في كل زاوية وفي كل ركن وفي كل شبر من البلاد.اذا اصبح لوزارة الداخلية مكاتب في مختلف المؤسسات والدوائر ، وبكل انحاء العراق، ونفس الشيء يكون لوزارة الامن الوطني، وبطريقة اخرى لاتسمح وزارة الصحة، او الحكومة المركزية ببناء مستوصف صحي صغير في منطقة نائية في محافظة ما الا بعد الحصول على موافقات اصولية من السلطة في بغداد، ولايسمح كذلك ببناء مدرسة الا بعض الحصول على اذن من وزارة التربية، التي ربما تحتاج الى موافقة مجلس الوزراء، ولايسمح للمحافظ ان يسافر خارج البلاد لاي سبب الا بعد الحصول على اجازة واذن من رئيس الحكومة!، وهذه تعليمات صدرت قبل فترة غير بعيدة من قبل الامانة العامة لمجلس الوزراء، ماذا يتبقى اذن من دور للحكومات المحلية في المحافظات؟.واقامة المشاريع الاستثمارية في اية محافظة لابد ان يحظى بموافقات رسمية من قبل الحكومة المركزية عبر هيئة معنية بذلك الامر.وبديهي ان الحصول على الموافقات الرسمية لاجل بناء مستوصف، وتشييد مدرسة، وانشاء جسر، وتبليط شارع، في ظل سياقات روتينية يتطلب وقتا طويلا، وهذا ما يؤخر ويعرقل مشاريع الاعمار والبناء، ويحجم دور الحكومات المحلية ومجالس المحافظات، ناهيك عن كونه يتنافى مع الدستور بشكل كامل.واي دور يبقى للمحافظ ورئيس مجلس المحافظة واعضاء المجلس اذا كان تعيين قائد الشرطة لايتم الا بعد موافقة الحكومة المركزية، وكذلك بالنسبة لكبار مسؤولي الدوائر والمؤسسات؟. وهل ان الحكومة المركزية تحسن الاختيار اكثر من الاشخاص المنتخبين من قبل ابناء المحافظة والذين يعرفون واقع محافظاتهم اكثر من غيرهم.ولعله من المناسب ان نختم هذه السطور بالاشارة الى قضية اختيار قائد شرطة محافظة ذي قار قبل حوالي شهرين، والتي دفعت رئاسة الوزراء ووزارة الداخلية الى تعيين العميد صباح سعيد الفتلاوي قائدا لشرطة المحافظة رغم اعتراض مجلس المحافظة على ذلك بسبب حصول هذا الشخص على صوت واحد بينما حصل المرشحون الثلاثة الاخرون للمنصب عدد اكبر من الاصوات.وهذا الشخص لديه سجل غير نظيف كان الاجدر بالجهات صاحبة القرار دراسته بدقة قبل وضعه في موقع حساس وخطير جدا.هذا المثال هو الاكثر تعبيرا عن الواقع السيء الذي يعكسه تدخل الحكومة المركزية بكل شيء في المحافظات، في الوقت الذي يقول الدستور ان العراق دولة اتحادية فيدرالية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك