بقلم السيد عبد اللطيف العميدي
جمعت دساتيرالأديان السماوية على ضرورة وجود جهة تتكفل إدارة شؤون المجتمع بغض النظر عن التفاصيل وذلك لحفظ الحقوق والترافع عندها عندما تحدث مشكلة ما. فالمسلمين أجمعوا على ذلك بدون خلاف الا ان الشيعة الامامية شرطوا ان يكون تنصيب من قبل الله سبحانه وتعالى او من الامام سواء كان نبيا او وصي او من نائب الامام في زمن الغيبة الكبرى، وفي عقيدة جميع المسلمين ان الشريعة المقدسة انزلت من قبل الله سبحانه الى جميع شعوب العالم في كل العصور ونزلت فيها قوانين وضوابط تشتمل على جميع الشؤون والحقوق الفردية والاجتماعية وعليه فان البشرية كلها مخاطبة ومكلفة بالاطاعة لهذه القوانين، وقد وردت مجاميع من الايات القرانية والروايات التي لا تحصى كثرة في هذا الشأن فضلا عن الادلة العقلية والمنطقية فمن تلك الايات قوله تعالى( ان الدين عند الله الإسلام )آل عمران 85/وقوله ( كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) البقرة 213، ثم جاءت طائفة اخرى من الايات التي تصف من لم يحكم بما انزل الله بالفاسقين او الظالمين. ويستفاد من هاتيك الايات ان الاحكام والتشريعات كانت تنزل على الانبياء الذين سبقوا نبينا الأكرم ولم تقتصرا على الرسالة الاسلامية فقط،بل احتوت جميعها دساتير وصحف تأخذ على عاتقها تنظيم حياة الناس وتحفظ حقوقهم وعندما يظهر خلاف ما فصل بين الناس كان على ذلك الدستور الاسلامي ان يحكم فيهم ليرفع ذلك الخلاف كما في قوله سبحانه وتعالى( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي اوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولاتتفرقوا فيه) الشورى.13وكلمة ( الحكم والحكومة ) تعنى القضاء والمنع من وقوع الفساد وهو مأخوذ من ( حكمة اللجام) وهي قطعة الحديد التي توضع على لجام الفرس تمنعه من مخالفة راكبه ( راجع القاموس المحيط وكتاب مختار الصحاح) وكلمة (الحاكم) تعنى القاضي و منفذ الأحكام في ذات الوقت والمتكفل اقامة الحكم العادل، وقد اوجبت الشريعة عليه ايضا حراسة الدين مهما كلف الثمن خصوصا في حالة تعرض وجوده الى التهديد فوجب عليه التصدي والدفاع بالنفس فضلا عن المال. والمجتمع كما يحتاج الى القاضي والمشرّع فانه يحتاج الى ضوابط حقوقية واجتماعية تسمى في زماننا ( الدستور) تحفظ حقوق الجميع وتحدد صلاحياتهم.وتحريرالقوانين على الورق يحتاج الى رجال مطلعين على تلك القوانين ويقومون بتطبيقها على الارض وإلاشاع الهرج والفوضى في المجتمع ولنشأت الطواغيت والظلمة واختفت العدالة، فلكي لايختل النظام لابد من وجود جهة تكفل بقوتها تنفيذ القوانين وتجبر المقصرين على سلوك النهج السليم، وكما في قول امير البلاغة الإمام علي(ع) مخاطبا الخوارج الذين قالوا ( لا حكم الا الله ) قال:( نعم انه لا حكم الا لله ولكن لابد للناس من امير ) والخلاصة ان ضرورة وجود الحكومة في كل المجتمعات تثبت بالدليل العقلي والمنطقي قبل النقلي فالإسلام دين يتضمن اكمل الانظمة الحقوقية والذي سيبقى محتفظا بقيمته الى يوم القيامة ومن ركائز اطروحته وجود دستور سماوي ومعه تطبّق مبادئه وان كان هناك ثمة نقاش فانه في تفاصيل صلاحيات الحاكم وضوابط تعينه والطريقة التي يتم له بموجبها التصدي، فتعيين الامير او الامام او القاضي يعد في عرف العقلاء لطف، والله سبحانه معروف باللطف. اما شرائط الحاكم والتي تستفاد من استقرائنا لعدة ايات من القرآن والروايات فهي:أ- ان تكون احاطته العلمية بالقانون واسسه اكثر من الاخرين وان يكون ولو اجمالا اعلم الناس بالفقه والحقوق الاجتماعية التي نزلت بها الشريعة المقدسة ب- ان يكون صلاحه الأخلاقي اشد من غيره ،فمن الممكن كون الشخص ذا علم بالقانون واسسه واعلم من الاخرين لكنه وبسبب اتباع الهوى يسعى لتأمين اطماعه الشخصية ولايفكر بالمصالح العامة لأفراد المجتمع، ومن الواضح ان المجتمع اذا تلقى تربية اسلامية صحيحة وتم تنصيب الحاكم حسب الأطروحة التي ذكرناها يكون المتصدي بالتأكيد جامعا للفضائل ثم وبالتبع تصلح الرعية لان الحاكم اذا صلح صلحت رعيته كما قيل، وبما ان الحاكم هذا ليس معصوما بالضرورة فوجب من ذلك انشاء مجلس شورى يتكفل مراقبة تحركات الحاكم ومراقبة مدى تقيده بالدستور وان وجدوا انحرافا فيه عزلوه وولوا غيره بإجماع رايهم حتى لاتنشا صفة الدكتاتوريات.وحكام الجور. هذه رؤية الاسلام للحاكم وللدستور في اطروحة الحكومة العادلة، غير اننا وللأسف نقرا ونسمع هذه التعاليم لكننا لانرى لها وجودا في مجتمعاتنا ( الاسلامية) فهذه المجازر ترتكب من الحكومات ومن الزمر المتعصبة و بقوة السلاح، بل وتنتهك كل المقدسات نهاراً جهاراً، وهنا نسأل من يقوم بهذه التفجيرات والقتل الذي يطال العراقيين الأبرياء و اي حكومة ياترى يسعون هؤلاء لإنشائها ان كانوا دعون الإسلام؟ وكم من هذه التعاليم السمحة يحملون؟ وفي اي بندِ من بنود القران وجدوا مسوغا لقتل الانفس المحترمة؟ وهذا القران يصرح ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا أليما) سورة النساء، 93.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)