بقلم: كريم النوري
الثقافة الصدامية المنظمة طيلة حكم البعث المنحل قد أثرت كثيراً في مرتكزات الوعي العراقي حتى ممن كانوا يرفضون ويعارضون البعث في الداخل.هؤلاء يعلنون عداءهم بصراحة للحقبة الصدامية الماضية بكل ظلمها وظلامها ولكنهم يتنفسون برئة صدامية وربما خارج رغبتهم وارادتهم.اوضح مثال توضيحي لهذه الفكرة هو من يتناول السم او يعاقر الخمر ظناً منه بانه ماء فهو وان لم يرتكب حراماً لكنه سيتأثر وضعاً بما يتناوله سواء كان سماً او مسكراً فكراهيته لهما لا ينقذه من الاثار الوضعية لهما.والكثير منا كان يرفض النظام السابق ولكنه كان يصغي بالضرورة الى خطاب النظام السياسي والاعلامي كرهاً او طمعاً او غفلة فيترسخ عنده باللاشعور ثقافات تراكمية للبعث الساقط ويبقى يردد ما تلقاه دون شعور او وعي.ومن هنا فقد نشأت عقد لدى الكثيرين ضد مفاهيم وقيم صحيحة ولكن بسبب الضخ الاعلامي الصدامي تحولت هذه المفاهيم الى افكار مشوشة ومضللة فقد نجد سياسيين وزعماء عاشوا تلك الحقبة فأخذوا منها الفهم الخاطىء للمعارضين العراقيين في الخارج او الحقد البعثي على الجمهورية الاسلامية او التثقيف الخاطىء ضد الاخوة الكرد او الحقد التراكمي ضد الاخوة الكويتيين.وقراءة هؤلاء للاحداث كانت ترتكز على مناشىء الثقافة البعثية وتاثيراتها وابسط قضية مقاربة لما نريد تأكيده في هذا السياق هي قضية الفيدرالية التي تحولت في وعي الكثيرين من ابناء شعبنا ممن عاشوا الضخ البعثي الاعلامي والسياسي الى قضية للتقسيم والتجزئة مع اننا ندرك ان الفيدرالية كنظام عالمي نموذج للاستقرار والتماسك والتطور كالولايات المتحدة الامريكية والمانيا وبريطانيا والامارات العربية المتحدة.التجرد والانسلاخ من ثقافة البعث مسالة صعبة وتحتاج الى المزيد من الوعي وقد يساعد على ترسيخها ظاهرة الجهل والبساطة المفرطة وتسطيح الوعي وسيادة الخرافة.من تلك القضايا التي تجذرت في الواقع العراقي ومنشاؤها صدامي هو طبيعة الشعارات ضد المعارضين كحزب الدعوة (العميل) وما يقال ضد السيد الحكيم والمجلس الاعلى ومنظمة بدر في جدران مدينة الصدر ومنها تفوح رائحة البعث النتنة.لا نزعم ان هؤلاء بعثيون ارتدوا لباس الصدر ولكنهم بسطاء تأثروا بطبيعة الخطاب البعثي واصبحت ثقافتهم مخلوط بين تراكمات الماضي ومغالطات الحاضر فتحولوا الى ابواق مجانية لحزب البعث فاخذوا يستعيرون من البعث خطاباته وثقافاته.وكركوك واحدة من هذه المفردات التي رددها الاعلام البعثي ومارس معها ابشع سياسات التعريب ونقل او اعتقل اهلها واستبدلهم بعرب من محافظات الجنوب للتغيير الديموغرافي في المحافظة.وفي هذا السياق العابر لا ندعو الى تعريب كركوك او تكريدها او تركمنتها بل ندعو الى كركوك بكل تنوعاتها وملامحها ومكوناتها عراقية عربية كردية تركمانية اسلامية ومسيحية شيعية وسنية دون تغييب لاي مكون من هذه المكونات فهذا سر قوتها وتماسكها.ومن تراكمات الوعي البعثي السابق التعاطي مع كركوك بروح ماضوية اقصائية عنصرية عبر الاصطفاف العروبي القومي الذي دفعنا ثمنه طيلة السنوات الماضية.ان كركوك تتوسط الواقع العراقي العربي والكردي وتتنوع بهذه المكونات الرائعة هي امنية كبرى للعراقيين ولابد ان تكون كركوك القلب النابض لكل المكونات دون شعور بالهيمنة والغلبة والاستحواذ.وثمة افتراض لا نتمناه او نتبناه ولكننا نطرحه جدلاً وهو لو خير ان تكون كركوك بين اقليمين احدهما اقليم يضم الانبار وصلاح الدين والموصل وديالى واخر اقليم كردستان فايهما اكثر ضمانة لنا واكثر امانة لاجيالنا؟اعتقد الجواب واضح ولا اريد الافصاح اكثر عن الاسرار والخفايا التي تدعونا الى ضم كركوك الى اقليم كردستان واخص بالذكر المتباكين منا على كركوك وهم الملكيون اكثر من الملك كما يقال فما قدمت لنا كركوك لو ضمت الى اقليم صالح المطلك وخلف العليان ومحمد الدايني؟وماذا لو انضمت كركوك الى المناطق الساخنة التي كانت حواضن الارهاب والتكفير فما سيكون حال العراقيين جميعاً؟وما نخسر لو تحولت كركوك الى كردستان اضطراراً وماذا نربح لو انضمت للقومجية العروبيين؟هذا مجرد افتراض مع املي الكبير ان يتعاطى الائتلاف العراقي الموحد مع التحالف الكردستاني بقدر كبير من المسؤولية والوفاء لان من اسرار بقاء حكومتنا المنتخبة هو وقوف الاخوة الكرد معها وليس الارهابيين او الصدريين! وهنا نهمس في آذان إخواننا الأكراد إن الخروج من معادلة الظلم القديمة توجب علينا أن نتمسك بتطبيق العدالة لنحكم على الظلم القديم بالاعدام الحضاري الواجب، ولنجدد من خلال العدالة خلود شهداء القضية العراقية كردا وعربا وتركمانا مسلمين ومسيحيين.
https://telegram.me/buratha