بقلم : سامي جواد كاظم
براءة هي أخر سورة قرآنية نزلت بالكامل وكان نزولها بعد فتح مكة كما وانها خلت في بدايتها من أية (بسم الله الرحمن الرحيم ) .القصة المشهورة والموثقة لدى الطرفين هي كيفية تبليغها للمسلمين في مكة فلما نزلت الآيات من سورة براءة دفعها رسول الله (ص) إلى أبي بكر وأمره إن يخرج الى مكة ويقرأها على الناس بمنى يوم النحر فلما خرج أبو بكر نزل جبرائيل على رسول الله (ص) فقال : لا يؤدي عنك إلا رجل منك .فبعث رسول الله (ص) الإمام علي (ع) في طلب أبي بكر فلحقه بالروحاء واخذ منه الآيات فرجع أبو بكر إلى رسول الله (ص) فقال يارسول الله (ص) هل نزل في شيئا ؟ فقال لا إن الله أمرني أن لا يؤدي عني إلا أنا او رجل مني ( تفسير الميزان ج9 ) .هنا استبدال المبلغ وبأمر الهي له عدة مدلولات ولعل الأهم الذي سلط الضوء عليه هو مكانة أمير المؤمنين عند رسول الله (ص) والتي جاءت حسب تغير المُبلِغ أنها من الله عز وجل ولكن الأهم في هذه القصة هو لماذا استُبدل أبو بكر بأمير المؤمنين (ع) بالإضافة إلى ما ذكر ؟ اعتقد إن الأمر المهم الذي جعل التكليف يجب ان يكون من رسول الله (ص) او ممن ينوب عنه بأمر الهي هو للتبعات التي تترتب بعد تبليغ الآية وخصوصا اذا كان فيها أوامر إلهية فان الاستفسار وطلب التوضيح يكون أهم من تبليغ الآية نفسها فان التعقيب على قول الله عز وجل لا يكون الا لشخص ملهم من قبل الله عز وجل فان ما يملك الإمام علي (ع) من العلم اللدني لا يملكه غيره إذن السبب هو لعدم إمكانية أبي بكر توضيح أبعاد الآيات التي بُلغ بتبليغها هو الذي جعل الاستبدال .هنا يظهر لنا سؤال إذاً لماذا أوكل رسول الله (ص) ابا بكر بالتبليغ ألا يعني هذا ان لرسول الله (ص) ثقة به ؟ كما وان طالما ان الأمر الإلهي جاء عكس التكليف المحمدي الا يعني هذا والعياذ بالله ان رسول الله (ص) ليس له بعد فكر ؟ هذا الإشكال إجابته ان رسول الله (ص) يعلم ماهية مكانة أبي بكر وماهية درجة علمه ولكن لعدم إقرار صاحب الشأن على نفسه مع من يحاول جعل منزلة الصحبة فوق كل منزلة فلابد من حدث او عمل يقوم به رسول الله (ص) لإظهار هذه الحقيقة من غير التجريح فكان التبليغ وإلغائه .وهذا الأمر ينطبق بنفس الدرجة والتوضيح عندما أوكل رسول الله (ص) أبا بكر أولا ومن ثم عمر ثانية لقيادة جيش المسلمين في معركة خيبر وخسارتهم وعادوا يجبن احدهم البعض .فكانت صولة علي المشهودة في خيبر ولا توضيح او تعقيب على هذه المعركة الساطعة الضوء .وأعيدت الكرة مرة ثانية من قبل رسول الله (ص) في معركة ذات السلاسل حيث أرسل عمرو ابن العاص وتحت إمرته الخليفة الأول والثاني وخسروا في معركتهم هذه فكانت الكرة للإمام علي (ع) وانتصر الإسلام تحت رايته .فان استبيان منزلة أمير المؤمنين (ع) تكون أوثق وامتن عندما تكون متصلة بالتسديد الإلهي من خلال نبي الرحمة محمد (ص) .ولو لاحظتم هذه المفارقات الثلاثة ( سورة براءة ، معركة خيبر ، معركة ذات السلاسل ) أن لا اعتراض لأحد على رسول الله (ص) في التنصيب ولا طعن في أداء أمير المؤمنين (ع) في إتمام مهمته .أما ما يتعلق بسورة الشعراء وتحديدا الآية الكريمة ( وانذر عشيرتك الأقربين ) ، فأورد هنا تفسير هذه الآية حسب ما جاء به ابن كثير لانه المفسر المعتمد لدى السلفية ومن ثم يكون لنا التعقيب .يقول ابن كثير : قال علي كرم الله وجهه قال رسول الله ( إني جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله ان ادعوكم إليه ( أي عشيرة بني هاشم ) فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على ان يكون كذا وكذا ؟ قال فأحجم القوم عنها جميعا وقلت ـ واني لأحدثهم سنا وامرصهم عينا وأعظمهم بطنا واخشهم ساقا ـ أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه فاخذ برقبتي ثم قال : ان هذا أخي وكذا وكذا فاسمعوا له وأطيعوا ثم قال القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع )...انتهىلعل هذه الآية تظهر مكانة أمير المؤمنين (ع) عند رسول الله أسوة بالنصف الأول للمقالة ولكن الأمر الذي أود التنبيه إليه هو :إن الأمر الذي يريد رسول الله (ص) المؤازرة عليه هو الأمر الإلهي فيما يخص الرسالة السماوية وتبليغها للملأ وإظهار ما يأمرنا به الله عز وجل ، إذاً هذا الأمر هو من صميم الرسالة المحمدية ، وطالما إن أمير المؤمنين هو الذي تصدى لهذا الطلب المحمدي اذن سيكون بمنزلة محمد (ص) في التبليغ والأمر والنهي فيما يخص الدين الإسلامي ، هذا جانب .الجانب الأخر الكل سمع وقرأ عن مكانة سيد البطحاء ابي طالب عند رسول الله (ص) والتي حاول كثير من المنافقين في زمن رسول الله (ص) والرواة والمحدثين خدش صورة أبي طالب (ع) أمام الملأ واخترعوا أكثر من حديث على انه مات وهو كافر ويدخل في ضحضاح من نار وما إلى ذلك من سفاسف .الربط بين هذين الجانبين ان ضحك القوم وقولهم لابي طالب ان محمد يأمرك ان تسمع وتطيع ابنك فان توجيههم كلامهم هذا لأبي طالب دون بني هاشم هو لعلمهم بان أبي طالب قد أعلن إسلامه وهو معروف لدى الكل بدليل قولهم هذا فان طاعة ابي طالب لولده هي طاعة تخص التشريع الإسلامي فقط وليس الطاعة العائلية بل يبقى ابو طالب هو الأب الحنين والمثالي لعلي وابن أخيه محمد .هذه الآية ( وانذر عشيرتك الأقربين) تضرب كلام المرجفين بحق ابي طالب عليه السلام في عرض الحائط وهي دليل من أدلة جمة على إيمان أبي طالب ..
https://telegram.me/buratha