بقلم: سليم الجصاني
عند العودة إلى المعجمات العربية للبحث في بطونها نجد ان المعنى اليسير للجامعة ومشتقاتها الجمع والجماعة والمجموعة وصيغها الأخرى يراد به تضافر التواجد الذي يؤدي بدوره إلى تضافر الجهود والطاقات بغية توظيفها لخدمة المجتمعات في إنتاج الأفكار التي تعمل على تنظيم حراك التجمعات البشرية وكذلك إنتاج التقنيات الحديثة بأجيالها المتطورة. وهذا ما نلمسه في سير الجامعات ولاسيما في عصرنا الحديث، حيث راحت الدراسة تعتمد التربية النظامية والتي تقوم على أساس بناء هرمي وفق سلسلة متشعبة من المؤسسات والكليات والمراكز البحثية وغيرها التي توفر الشقين النظري والتطبيقي وهو أمر أحسبه يتربع على سلم التنظيم الدولي مما يجعلنا ننظر إلى الجامعات بإنعام يجعل من القائمين عليها أن يعوا حجم المسؤولية التي يتبوؤنها ولاسيما إذا عرفنا ان أول من أسس جامعة علمية في العراق هو الإمام علي (عليه السلام) عندما أتخذ من أروقة وحجر مسجد الكوفة قاعات لمحاضرات علماء الأمة الذين أفادوا المجتمع وطوروا امكاناته بتطويرهم للدرس العلمي الموجه من قبل الإمام علي (عليه السلام) الذ ي كان يشرف وبشكل مباشر على هذا الصرح إيمانا منه بما ورد في الذكر الحكيم حيث قوله تعالى{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }الزمر9 ، وما نلمسه في قوله تعالى" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ{5} وهو أول ما نزل على الرسول الكريم على رأي فقد وردت مصطلحات أقرا ـ إسم ـ خلق ـ علق ـ علم ـ القلم وغيرها مما يدل على ان السماء تتبنى الدرس العلمي وإيمانا بهذه المسألة نجد جلّ دول العالم تسعى الى دعم القطاع الجامعي وتؤيد زيادة عدد الجامعات حتى ربت عدد الكليات والجامعات والمراكز البحثية على المائة جامعة في بعض البلدان كطوكيو وبكين وواشنطن وغيرها، فنهم يفهمون الأداء الجامعي على خلاف ما نفهمه حيث نريد من وراء الجامعة الحصول على الشهادة الو رقيه أو المهنة وهم يريدون فضلا عن المهنة رفع المستوى الثقافي وتعشيق الجامعة مع باقي المؤسسات كالصحية والصناعية والأمنية وغيرها حتى تسير هذه المؤسسات بالمجتمع وفق خطوات مدروسة ومبرمجة تزداد فيها نسبة النجاحات والتفوق.و أجد ان على جامعتنا أن تعي هذا الأمر وان تعمل على:1- التعاون مع المؤسسة الدينية من أجل رفع المستوى الثقافي والأخلاقي في المجتمع ومحاربة بعض الظواهر التي لا تنسجم مع رفعة العقل وسمو الهوية لهذا البلد وهي ظواهر تطرأ بين الفينة والثانية.2- توسيع الدراسة الافقية والعامودية كالدراسات العليا في الاختصاصات كافة وبما ينسجم مع التوسع السكاني والثقافي الذي يشهده البلد.3- العمل على تأهيل الكوادر النخبوية كمديري المؤسسات ومنتسبي مفاصل الثقافة العراقية ممن لم يحصلوا على حقّ الدراسة بسبب منهجية التجهيل التي إعتمدتها الدكتاتورية المهزومة في محاربتها لأبناء هذا البلد ومثقفيه.4- إعادة تاهيل الكوادر الجامعية بتأثيث الدراسات ولاسيما العليا منها بكوادر نقية لإماطة ما علق بالدرس الجامعي من أدران الماضي.5- الإعداد الجاد للشرائح الشبابية من الطلبة كونهم يمثلون المساحة الحركية الأوسع في المجتمعات ويكون ذلك بعد أخذ الحكومه على عاتقها تبني تهيئة المستلزمات الجامعية الضرورية ومنها:1- توفير مدينة سكن جامعيه تضم منتسبي الجامعات من التدريسين والفنيين واقامة مدينة جامعية تضم مباني الكليات والمراكز البحثيه والمكتبات وغيرها.2- دعم الأستاذ الجامعي بوسائل التكنلوجيا الحديثة وذلك بالتعاقد مع شركات تقدم كل ما هو حديث للأستاذ الجامعي وللفني كاجهزة الحاسوب واشتراكات الانترنت وغيرها.3- توفير الدعم الأمني الذي يفضي إلى دعم الإستقرار النفسي من أجل إعداد مساحة للبحث والتطوير.4- توفير الدعم الاقتصادي الذي يتناسب مع الوضع الثقافي الذي يعيشه التدريسي والباحث وبما يتناسب مع الوضع الداخلي والاقليمي.5 –اقامة دورات خارج البلد وبمشاركة جامعات دول أخرى والإسهام بهذه المشاركات بشكل واسع، فضلا عن توفير مساحة وقتية كافية للبحث والدراسات من أجل مواكبة التقدم وان ما أشير إليه يأتي نظرا إلى كون الجامعات تعدّ في عصرنا هذا المنتج الأول للمعلومة والمسوق الأكثر أهمية للثقافة وهذا أمر تقره البلدان كافة وتقول به كل الشعوب فالجامعة تعمل على تنقية الأفكار وتثقيف المجتمعات وإنتاج التكنلوجيا التي أوصلتنا إلى العصر الصناعي وتسعى للولوج بنا إلى العصر الالكتروني.
https://telegram.me/buratha