المقالات

هل كان مقتدى الصدر ظاهرة عراقية حقا؟

1814 20:21:00 2008-07-24

بقلم: كمال ناجي

يمكن تعريف الظاهرة بأنها حدث أو سلوك يتكرر و ينتشر بصفة غير طبيعية بين أفراد المجتمع . و ليس لهذا الانتشار نسبة مئوية لنفرّق من خلالها بين ما يمكن عدّه ظاهرة أو ما لا يمكن عدّه كذلك فهو أمر يتبع طبيعة الفعل أو الحدث أو السلوك و القيم الاجتماعية السائدة . فمن الممكن أن تكون نسبة 2 % تمثل ظاهرة حين يتعلق الأمر بالإدمان على المخدرات في مجتمع خال منها تماما على سبيل المثال بينما لا تمثل نسبة 20% ظاهرة لشيء لا يتعارض من القيم الاجتماعية و غيرها و يعد مألوفا و غير مستغرب كالزيجات المتبادلة بين مكونات دينية أو أثنية مختلفة اعتادت العيش بسلام و التطبع على قيم التآخي و التلاحم و التلاقح فيما بينها . بعد سقوط صدام و إبراز وسائل الإعلام العربية و الدولية لمقتدى الصدر الذي أصبح نجما شبيها بنجوم السينما تحرص تلك الوسائل على تتبع أخباره و تصريحاته و بياناته شاعت مفردة اختلقتها تلك الوسائل الإعلامية وهي ما يسمى بـ " ظاهرة مقتدى الصدر " أو الظاهرة الصدرية .. و كان المقصود أن عقلية و سلوك هذا الشاب لا يمثل حالة خاصة بشخصه بل هي تختزل و تبرز نموذجا للشاب العراقي في ظل الحرية التي يوفرها النظام الديمقراطي ، فإن مقتدى الصدر بمجرد شعوره بتراخي قبضة القانون و تراجع سلطة الدولة أقدم على تشكيل خلاياه المسلحة و راح يختلق لنفسه و لجماعاته نفوذا و سلطة في مقابل سلطة الدولة أيا كانت المبررات ، ليؤكد تلك النظرة التي رسخت لدى الكثيرين لا سيما إبان الاحتلال البريطاني من أن العراقيين عامة و الشيعة خصوصا لا يحسنون إدارة أنفسهم بأنفسهم فهم مجبولون على روح التمرد على القانون فما أن يشعروا بتراجع السلطة حتى يعيثوا في الأرض فسادا . للأسف كان الهدف لأغلب وسائل الإعلام العربية و الأجنبية هو ترسيخ هذه القناعة المغرضة التي مررت إلى المتلقي بدون وعي لحقيقة ما تهدف إليه . و ساهمت في خلق انطباع حول أن الشيعة فعلا لا يحسنون السياسة ولا إدارة شؤونهم و تبوء مراكز القرار . و كأن مقتدى الصدر و جماعاته هم الممثل الحقيقي و الوحيد للعراقيين و الشيعة منهم على وجه التحديد . بل جرت محاولة حقيقية لتأكيد هذا الأمر و عكس صورة زائفة و غير واقعية عن شعبية واسعة النطاق للتيار الصدري – و التيار تسمية هي الأخرى أطلقتها نفس وسائل الإعلام تلك و الطريف أن مقتدى اعترض عليها من واقع ادعاء عدم وجود فرق بين الصدريين و غيرهم هذا أيام كان مؤتلفا مع الأحزاب الأخرى و ليس من خلفية وعيه بحقيقة الهدف و الغاية التي سعت إليها منابر الإعلام عربية و غيرها – و هذه الشعبية تتمثل في أغلبها من الشباب و المراهقين وهؤلاء هم صورة لمقتدى الصدر أو قل أن " الزعيم الشاب " هو الصورة التي ينصهر بها هؤلاء لتكون معبرا خير تعبير عن شباب ذي نزعة طيش و استهتار واضحتين . إن هذا التيار لو قدِّر له أن يصمد و يعيش لفترة طويلة و يقوى على جذب المزيد من المؤيدين وهو مجرد افتراض يجري الواقع بخلافه تماما ، لكن لنفترض هذا السيناريو فلا شك أنه يعد من أسوأ ما يمكن أن يحدث للمكون الشيعي و هو عين ما حدث من قبل إبان الاحتلالين التركي و البريطاني حيث فقد الشيعة أي مكتسب سياسي و همّشوا لخمسة قرون و نيف و خضعوا لحكم طائفي بغيض بفعل حماقات اجترحها البعض لم تعد بشيء من المنفعة على هذا المكون المضطهد . فيما لم يقو الناس الذين كان لهم وعيهم بمجمل الحالة التاريخية و السياسية من فعل شيء و أُلجِموا بفعل حملات التشهير و التسقيط و التشنيع ضدهم ما دفعهم إلى أن يلوذوا بالصمت مجبرين على تجرع مراراته و غصصه و ما أشبه اليوم بالبارحة في بعض من مقاطعه .. إن مشكلة هؤلاء الشباب أنهم قد اشبعوا بثقافة و فكر غير سويّ و غير سليم و قد تجلت عقب سقوط النظام تأثير ثقافة حزب البعث عليهم بشكل واضح سواء وعوا و أدركوا مثل هذه الحقيقة و كابروا في رفضها أم أنهم يجهلونها عن أنفسهم من الأساس . لهذا سيبقى التيار الصدري تيارا هزيلا في لعب أي دور سياسي بنّاء لأنه يقارب السياسة من الزاوية الخطأ و يحتفظ لعقله بكومة من الأفكار التي أكل عليها الدهر وشرب ردحا طويلا . و على فرض استطاع أن يحصل على موطئ قدم في أي انتخابات قادمة فإن هذا النجاح سيكون مؤقتا للغاية بل يمثل في واقعه بداية النهاية له . لكونه ببساطة لن يقوى على تحقيق أي شعار مما يرفعه و ما يعد به أنصاره على الإطلاق . أعود لما بدأت به مقالتي حول قضية كون مقتدى الصدر يمثل ظاهرة شيعية كما لاكت ذلك كافة وسائل الإعلام ، و لنتساءل هل أن وجود جماعات من الشباب على شاكلة أتباع السيد مقتدى شيء يمثل ثقبا للمشهد كي يمكن أن يكون ظاهرة واضحة في المجتمع العراقي ؟ الحقيقة إن هذه الجماعات كانت ولا زالت موجودة سواء في العراق أو غير العراق . و النسبة الأغلب من الشباب العراقي بعيد كل البعد عن الصورة الصدرية . فالأمر إذن ليس بجديد و لكن قد تختلف العناوين فقط ، كذلك فإن النسبة ليست بتلك التي تمثل تغيرا واضحا على الحالة أو الوضع الكلي للمجتمع العراقي بغض النظر عن قيمتها و إذا كان ولابد من تسميتها ظاهرةً فهي ظاهرة بعثية بامتياز و ليست شيعية .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محب لتراب العراق
2008-07-29
سواء كان ظاهره بعثيه او (شيعيه)فهو ظاهره عراقيه بالتاكيدومستعده للتجددباي لحظه من تراخي قبضه الدوله والقانون نجد الهمج الرعاع يتسيدون الساحه وتعود قوانين الغابه للعمل من جديد.ولكن ما اسباب هذه الظاهره ولم تخبو حينا وتعود احيانا ونجد االمتحمسين لهايمجدون بقادتهاويرفعون من شانهم رغم الخراب الهائل الذي حاق (بالشيعه)قبل (السنه)من ابطال عصابات السيدوجنوده الميامين.ارجو من الباري ان يمد بعمري لكي ارى الام العراقيه قادره على تعليم اولادها معنى حب الاخرين وليس الركض وراء الديناروالدرهم قبل ضياع المتبقي
زينب الجابري
2008-07-25
لقد أصبت تماماً أخي كاتب المقال في وصفك لظاهرة مقتدى التي سلط عليها الاعلام أضوائه نكايةً بحالة التغير وتشويه لطائفه تحاول قيادة العراق رغم حاله الرفض والحرب الشعواء التي قوبلت بها أقليمياً وعربياً ,باختصار فأن مقتدى للاسف أداة ليس الا من مجموعة أدواة كان الغرض منها بقاء العراق وأهله في حالة فوضى ودمار. ولكن من راهن عليه وعلى غيره خسر الرهان والحمد لله انه لدينا شخصيات في الائتلاف كانت من الحكمه والشجاعه بحيث أستوعبت جميع الظواهر السيئه بل الحاله العراقيه بكل مأساتها لتنقذ البلد وتوصله لبر الامان. ولكن لا بد من التاكيد على عدم أهمال شريحه واسعه من المجتمع تحمل ذات صفات مقتدى تحتاج لاصلاح لكي لا تكون أداة بيد المرتزقه والجهله وضعاف النفوس. وللاسف نقول أن هذه الشخصيه ومثيلاتها التي أسائت لكل عراقي موجوده بكثره داخل بيوت العرب والعراقيين أنه الجهل وانعدام الوازع الديني ولولا ذلك ماوجد عدنان الدليمي أو عبد الناصر الجنابي وغيرهم من ينتخبهم .أذن نحن أمام حاله يجب عدم أغفالها لان لها تبعات خطيره على المجتمع العراقي بأكمله.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك