بقلم : سامي جواد كاظم
السعي لكسب المال من المستحبات بل الواجبات التي يجب على الإنسان ممارستها بل حتى المرأة التي لا تجد من يعيلها ولها القدرة على العمل فان الإسلام حث على ذلك والعمل هو الكسب المادي الذي من خلاله يستطيع المرء تحقيق مستلزمات الحياة الضرورية واذا ما كان لديه المزيد فلا ضير ان يعيش في بحبوحة من العيش .هذه الميزات ليست حكرا على شخص دون الأخر او على صنف دون الصنف الأخر فان الحياة تسع لكل مستويات البشرية وتعطي الحياة لمن يعطيها مع المشيئة الإلهية فإذا تطابقت الحكمة الإلهية مع كد الإنسان فان النتائج تكون متطابقة مع طريقة كد الإنسان في الحلال او الحرام فكم من تاجر يتاجر بالحلال فيخسر وأخر بالحرام فيكسب الكثير وهذا ما تطرق إليه الإمام الحسين عليه السلام في احد أحاديثه عندما ذكر من ليس له خلق وله خلاق أي الذي لا خلق ديني له وله نصيب دنيوي وليس أخروي وهناك من له خلق ولا خلاق له أي له خلق ديني ولا نصيب دنيوي ولكن له نصيب أخروي وهناك من له خلق وله خلاق في الدنيا والآخرة وهذا الأفضل من بين الأصناف .اذا بحبوحة العيش ليست حكرا على طبقة معينة دون الأخرى ، هنا يأتي السؤال لماذا نتعجب وننكر ونستهجن ونرفض اذا ما رأينا فقيه في هذه البحبوحة المعيشية ؟ لماذا يساور البعض الفكر السلبي اتجاه هذه الحالة ؟ وهل الفقيه لا يتمتع بمشاعر وطموحات أسوة بغيره ؟ هذه الأسئلة لا تعني بالضرورة تبرير لمن قد تسول له نفسه من البعض الذين يدعون الفقه والعلم فيتصرفون بحقوق الله عبثا ولعل المؤتمن على بيت المال للإمام الصادق عليه السلام والذي كان بدرجة عالية من الثقة خان الأمانة عندما طالبه بالحقوق الإمام الكاظم عليه السلام بعد استشهاد أبيه الصادق عليه السلام فهل تاريخه مع الصادق دليل ثقته ؟ فالحال يجيب بالنفي .اليوم اذا ما رأينا عالم او مجتهد او فقيه يقود سيارة نستغرب ويأتي السؤال على البديهة من أين له هذا ؟ ونجيب بسرعة انها حقوق شرعية استخدمها لنفسه ، عجبا اين الدليل ولماذا إساءة الظن ؟ فلو أراد شخص غني او احد أبناء الأغنياء دراسة العلوم الفقهية وتحقق له ذلك وقدم الرسالة التي يستحق عليها الاجتهاد فهل سيرفض منحه الاجتهاد لأنه غني او ابن أغنياء وعليه ترك المال او التصدق به حتى يمنح لقب مجتهد ؟ فهل هذا شرط من شروط الاجتهاد (المستحدثة) ؟نعم طبيعة العالم الزهد في الدنيا ومعايشة مجتمعه طبقا للمستوى الذين هم فيه ولعل المقارنة بين الإمام علي والإمام الصادق عليهما السلام بما كانا عليه من الحال معروفة فكان رد الإمام الصادق عليه السلام ان زمن الإمام علي عليه السلام يختلف عن زمانه كما وان الإمام الصادق يلبس الناعم حتى يساير زمانه الا ان الخشن تحت الناعم الذي يلامس جسمه .أنا أريد أن أصل إلى نقطة مهمة لماذا يساء الظن بالفقيه اذا ما شوهد في بحبوحة من العيش ؟ واذا كانت هذه النظرة السيئة اتجاه الفقيه فكل من يدفع الحقوق الشرعية لهذا الفقيه او ذاك يستطيع ان يمتنع عن الدفع له ولم يلزمه هذا الفقيه او غيره بضرورة الدفع لهم . الكل يتحدث عن رواتب المسؤولين في الدولة ابتداءً من رئيس الجمهورية الذي خصصت له جلسات في البرلمان لكي يقرر مقدار راتبه فكانت الأرقام مغولة وانتهاءً بأدنى مسئول ، فلو قارنا بين رواتبهم ورواتب الفقهاء اعتقد لا نسبة بينهما كما وان إن تبجحوا بالمسؤوليات التي يضطلع بها الرئيس وغيره من المسؤولين فان هنالك مراجع مسؤولياتهم اشد وأحنك من مسؤوليات حتى رئيس الجمهورية لان رئيس الجمهورية يستطيع ان يتخذ أي قرار او يتراجع عن أي قرار ولا ثوابت تحكمه اللهم بعض الثوابت الدنيوية ( السياسية ) على عكس المرجع الذي يجب ان يتأنى في أي قرار يتخذه وكذلك ان يتطابق مع الرضا الإلهي أولا والبشري ثانيا وغير مسموح له الاعتذار او التراجع عن ما صدر منه واذا حصل فهذا يؤثر على مكانته.الحال المعكوس هنالك فقهاء لهم ابناء لا رغبة لهم في ولوج مسلك الاباء بل الاشتغال في التجارة ونجدهم بمستوى معيشي جيد فهل يمكن لنا ان نقول انهم جاءوا بالاموال من ابائهم ؟!!وحال اخرى هنالك عائلة ملبسها العام هو الزي الديني بالرغم من عدم حصولهم على درجة تسمح لهم على اقل تقدير اجتهاد جزئي الا اننا نراهم يرتدون العمامة و( الصاية والعباية ) فلو اصبح ذو مركز مالي مرموق هل بالضرورة الشك واساءة الظن فيه؟هل المطلوب من كل فقير يصبح غني ان يظهر على الملآ ويشرح لهم كيف استغنى و والله حتى لو فعل ذلك فصاحب الظن السيء لا يقتنع باي مبرر لهذه الاموال .نعم هنالك طفرة عريضة تحصل بين ليلة وضحاها ومن غير مقدمات فالذي يبيت من غير عشاء ينهض باكرا واذا سيارة اخر طراز وخدم وحشم حوله فهذا يثير التساؤل وبالرغم من ذلك على هذا الشخص ان يفسر بشكل مباشر او غير مباشر هذا التغيير من غير ان يلزم به على اقل تقدير حتى يدفع الشبهات عن نفسه وان كانت غالبية هذه الحالات تاتي من طرق غير مشروعة .هنالك كاتب شغله الشاغل ابناء المراجع اسمه عادل رؤوف وكل كتاباته كأنها حواديت مقاهي فليس لديه سوى قال ابن الاصفهاني وعمل ابن الخوئي وتصرف كذا ابن السبزواري وتحدث ابن الحكيم وهلم وجرى ، ولاتستحق ان يطلق عليها مادة كتابية ثقافية فان الرد عليها يكون اتفه منها .الاسلام يقول احمل اخاك على سبعين محمل صدق ونحن نحمل اخانا وبالذات ابناء مراجعنا على سبعين فرية .
https://telegram.me/buratha