بقلم: السيد صباح البهبهاني
بسم الله الرحمن الرحيم
( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم).
عزيزي العارف من عرف نفسه وأعتقها ونزهها من كل ما يبعدها ويوبقها .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى أصحابه السلام : طلب العلم فريضة كل مسلم ومسلمة أي علم التقوى واليقين .وقال علي بن أبي طالب إمام المتقين كرم الله وجهه : اطلبوا العلم ولو بالصين فهو علم معرفة النفس ومعرفة الرب عز وجل ولذا قال النبي الكريم صلى الله عليه وآله وعلى أصحابه السلام : من عرف نفسه عرف ربه ثم عليك من العلم بما لا يصح العمل به وهو الإخلاص وروي أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى أصحابه السلام : نعوذ بالله علم لا ينفع وهو العلم الذي يضاد العمل بالإخلاص واعلم أن قليل العلم يحتاج إلى كثير العمل لأن علم الساعة يلزم صاحبه استعمال طول دهراً .وقال عيسى بن مريم عليه السلام رأيت حجراً عليه مكتوب اقلبني فقلبته فإذا على بطنه مكتوب من لا يعمل بما يعلم مشؤوم عليه طلب العلم ما لا يعلم ومردود عليه ما علم ، وأوحى تعالى إلى داود عليه السلام : أن أهون ما أنا صانع بعالم عامل بعلمه أشد من سبعين عقوبة باطنة أن أخرج قلبه حلاوة ذكري وليس إلى الله سبحانه طريق يسلك بعلم والعلم زين المرء في الدنيا والآخرة وسائقه الجنة وبه يصل إلى رضوان الله تعالى والعالم حقاً الذي ينطق فيه أعماله الصالحة وأوراده الزاكية وصدقه وتقواه لا لسانه ومناظرته ومعادلته وتصاوله ودعواه ولقد كان يطلب هذا العلم في غير هذا الزمان من كان فيه عقل ونسك وحكمه وحياء وخشية وأنا نرى طالبه اليوم ليس فيه من ذلك شئ والعالم يحتاج إلى عقل ورفق وشفقة ونصح وحلم وصبر وقناعة وبذل والمتعلم يحتاج إلى رغبة وإرادة وفراغ ونسك وخشية وحفظ وحزم.، ولذا يا عزيزي من حكم بالخير بلا معاينة فهو جاهل بجهله ومأثوم بحكمه وهنا دل الخبر العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء... لمن عرف قدر نفسه قد عرف ربه وعمل بأوامره ونواهيِ وأمر بالمعرف ونهى عن المنكر وسلخ هواجسه وتخلص من آفات نفسه وشهواته وجار على الشيطان قاصداً رضى الرحمن ،حتى إذا أمر بمعروف ونهى عن المنكر لا يكون حجة عليه . كما قال تعالى : ( أتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم). ولذا يا عزيزي كن كالطبيب الرفيق الحنون الذي يضع الدواء بحيث ينفع في العلاج. كما كان جواب الإمام الحسين رضوان الله عليه يزيد بن معاوية بن أبي سفيان قال الإمام مجيب : اما بعد فقد أتانا كتابك بتنويق المقال وضرب الأمثال وانتحال الأعمال تصف الحكمة ولست من أهلها وتذكر التقوى وأنت على ضدها وقد اتبعت هواك فحاد بك عن طريق الحجة والحج بك عن سواء السبيل فأنت تحسب أذيال لذات الفتن وتحيط في زهرة الدنيا كأنك لست توقن بأوبة العبث ولا برجعة المنقلب قد عقدت التاج ولبست الخز وافترشت الديباج سنة هرقلية وملكا فارسياً ثم لم يقنعك ذلك يبلغني أنك تعقد أنك تعقد الأمر من بعدك لعيرك فيهلك دونك فتحاسب دونه ولعمري لئن فعلت ذلك فما ورثت الضلالة وأنك لأبن من كلن يبغي على أهل الدين ويحسد المسلمين وذكرت رحماً عطفتك علي فأقسم بالله الأعز الأجل أن لو نازعك هذا الأمر في حياتك.ويجب على كل مكلف أن يعرف نفسه بإمكان الحدوث والعجز والاحتياج يكون قد عرف ربه بالواجب والقدم .عزيزي القدرة الكاملة والاحتياج إليه فمعرفة النفس دليل كلف في معرفة الله تعالى ، فمن لم يعرف نفسه ولم يستدل بها على الصانع مع أنها أقوى الأدلة وأقربها ...فكيف يعرف ربه بدليل آخر؟! ولذا لا تصوف للمغنين والرقاصون بليالي العبادات ، في بيوت الصلوات فما أحسن ما وصف من رقصهم لإظهار نقصهم :أيا جيل التصوف شر جيل .... لقد جئتم بشيء مستحيلأفي القرآن قال لكم إلهي .... كلوا مثل البهائم وارقصوا ليالمحب المربيسيد صباح بهبهانيbehbahani@t-online
https://telegram.me/buratha