المقالات

بغداد في مرمى التطبيع… وزيدان في المقدمة

181 2025-05-20

إيليا السوداني

في خضمّ ما تواجهه أمتنا من مؤامرات تستهدف تفكيك هويتنا والنيل من ثوابتنا، لا يأتي الخطر فقط من الخارج، بل يتسلّل من الداخل، متنكرًا بأقنعة الثقافة والتنوير. اليوم، لم يعد العدو بحاجة إلى جيوش تغزو الأرض، بل إلى مثقفين يروّجون لشرعيته، وينشرون سمومه تحت رايات الفكر والحرية. ويأتي يوسف زيدان، الكاتب المصري، في طليعة هؤلاء، حاملاً مشروعًا تطبيعيًا مغلّفًا بالكلمات المنمّقة والمقولات التاريخية المشوّهة.

زيدان لم يكتفِ بالطعن في المقدسات الإسلامية والتشكيك في حق الفلسطينيين، بل تجاوز ذلك إلى محاولة تبييض صورة الاحتلال الإسرائيلي، والتقليل من خطورته، وإقناع الشعوب بأن العدو يمكن أن يكون "جارًا" أو "شريكًا حضاريًا". خطابه هذا لم يعد مجرد اجتهاد فكري، بل أداة واضحة في خدمة مشاريع تعمل على كيّ وعي الأمة، وسلبها بوصلة العداء المشروع تجاه الكيان الصهيوني.

الخطير أن هذا الخطاب لم يعد محصورًا في صالات النقاش المصري، بل بدأ يجد آذانًا صاغية في بعض الأوساط الرسمية في العراق. نعم، بغداد، التي طالما كانت حصنًا للمقاومة، تُستهدف اليوم من بوابة الثقافة، وتُفتح أبوابها لشخصيات مشبوهة، تحت غطاء الفعاليات الثقافية والفكرية.

دعوة يوسف زيدان إلى العراق من قبل جهات رسمية، رغم مواقفه المعروفة والمثيرة للريبة، تطرح سؤالًا كبيرًا: هل نحن أمام بداية تطبيع ناعم يتسلل إلى وعينا من بوابة المنابر الثقافية؟ هل أصبح قبول أمثال زيدان على أراضينا مجرّد حدث ثقافي، أم هو تمهيد مدروس لاختراق الذاكرة العراقية وزعزعة مواقفها الثابتة تجاه فلسطين؟ حين يُمنح المطبّعون منصة، ويُستقبلون بالصمت أو الترحيب، فهذه ليست مجرد استضافة، بل خطوة خطيرة نحو التفريط بالمبادئ.

اليوم، بغداد في مرمى نيران التطبيع، وزيدان في المقدمة. لكنه لن يكون الأخير ما لم نرفع الصوت عاليًا ونرفض هذا الزحف الثقافي المسموم. إن العراق، الذي لم تنحنِ رايته رغم الاحتلال والحصار والدم، لن يسمح بأن تُخترق هويته من بوابة الخداع الثقافي. الوعي هو سلاحنا، والموقف الصلب هو خط دفاعنا الأول، ولن نسمح لأحد  كائنًا من كان  أن يبيع قضايانا بحفنة كلمات.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك