بقلم: د.صباح حسين
بعد قيام النظام الصدامي البائد بشن عدوانه على الجارة ايران لم تتوقف مشاريعه الجهنمية في زج ابناء الشعب العراقي في محرقتها ,حيث كانت مفارز ما يسمى بالجيش الشعبي تقوم باصطياد المواطنين وزجهم في تشكيلات مسلحة في جبهات الموت على الحدود ,حيث كان القليل منهم من يعود سالما من هناك وكانت مدينة الثورة مسرحا لاعمال التجنيد القسرية التي كانت تجري من دون هوادة نظرا لكثافتها السكانية وللعداء الكبير الذي يكنه النظام لها نتيجة لمواقف اهلها الرافضين لسياسات النظام البائد الاجرامية .لقد كان لي صديق في المدينة وكان ابوه وطنيا غيورا استغل علاقته باحد كبار البعثيين في المدينة في الدفاع عن ابناء مدينة الثورة وحمايتهم من بطش النظام واجهزته القمعية وكان يتعمد تسريب مواعيد الحملات الامنية والمداهمات الى ابناء المنطقة من اجل ضمان افلاتهم من قبضة الاجهزة التي كانت تتولى هذه المداهمات وقد تكرر الامر اكثر من مرة مما دفع النظام بتكثيف التحريات بحثا عن مصادر هذه التسريبات التي كانت تسمح للمواطنين بالافلات حتى قادت معلومة صغيرة الاجهزة الامنية الى والد صديقي الذي تعرض الى عملية اعتقال من قبل الاجهزة الامنية والحزبية وتم الحكم عليه بالسجن المؤبد مع استثنائه من العفو العام حتى النهاية .والد صديقي ونتيجة لموقفه الوطني الشجاع في حماية ابناء مدينته من بطش وقمع الاجهزة الامنية البعثية الصدامية ورفضه ارسالهم كوقود الى ساحات الموت للدفاع عن عرش ال العوجة صادر النظام مسكنه وقطع راتبه وعانت عائلته من ظروف معيشية صعبة واضطرت زوجته الى بيع الخضروات في احد الاسواق الشعبية في المدينة من اجل سد رمق عائلتها .بقي والد صديقي في السجن اكثر من خمس وعشرون عاما وقد استثني من كل قوانين العفو التي اصدرها الطاغية صدام حتى خرج في العفو الاخير قبل سقوط النظام باشهر قليلة عندما فتح النظام ابواب السجون ليخرج منها القتلة والسفاحين واللصوص ,فضلا عن السجناء المتعبين والمنهكين والذين لم يجد النظام وقتا كافيا لتصفيتهم ممن يعتبرهم النظام من المارقين والمحرضين عليه ليعود الى اهله وعائلته من جديد . عاد والد صديقي الى وظيفته من جديد ليمارس عمله كمهندس للنفط بعد ان تم فصله في السابق بسبب مواقفه ,لكنه لم يكن يدري بخلده وذهنه وهذه السنوات الطويلة التي امضاها في السجون ان يجد امامه حفنة من العصابات واللصوص ممن ينتسبون الى جيش المهدي بعد تشكيله وهم يقومون بسلب ونهب المنشأة التي يعمل فيها وتصديه لهم وفضحه لجرائمهم مما اثار غضب هذه العصابات والعناصر على اسلوبه معهم مما دفعهم الى التخطيط لابعاده وازاحته عن طريقهم فاخذوا يرسلون رسائل التهديد اليه بالقتل والموت في حال لم يكف عن التصدي لهم وخططوا ايضا لنقله بعيدا عن الدوائر التي يمارسون السرقة فيها ,لكن والد صديقي لم يكف عن دوره الوطني في فضحهم وكشف الاعيبهم ,بعد قيامهم بسرقة الرواتب وبطريقة مفبركة عندما اتفق موظفو المالية الذين هم من هذه العناصر والمكلفين بسحب الرواتب مع اللصوص والاتفاق معهم على سرقة الرواتب بعد تحديد الزمان والمكان معهم ,وفعلا حدثت السرقة وبعد ان قامت عناصر جيش المهدي المتواطئة مع اللصوص بادعاء الاصابات والجروح من اجل ابعاد الشكوك عنهم ومن المثير للاستغراب ان عناصر جيش المهدي التي هيمنت على هذه المنشأة النفطية سرعان ما اصبحت ثرية وبشكل عجيب من خلال شراء العديد من المساكن والسيارات في المنطقة .عناصر جيش المهدي وبعد ان وجدت ان والد صديقي يقف عثرة في طريقها قررت ان تقوم بقتله وهو ما قامت به فعلا بعد ان نصبت عناصرها كمينا له اثناء توجهه الى الدوام صباحا ,حيث قامت باعتراض طريقه وافراغ اكثر من تسعين رصاصة في جسده ومن المؤسف ان هذا الامر قد حدث امام انظار عناصر الشرطة الذين اكتفوا بالتفرج على الحادث وكأن الامر لايعنيهم تاركين لصديقي واهله اللوعة والاسى والذكريات المريرة والحزينة .اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha