سيد صباح بهبهاني
بسم الله الرحمن الرحيم ( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) 77 القصص.
تتحدث هذه الاية الكريمة عن مبدأ التوازن في السلوك الانساني ، واحترام الحقوق المادية والغريزية للجسم والعناية به والاهتمام بشؤون الحياة كافة ، كما تدعو الى التفكير والعمل من اجل عالم البقاء والخلود . ان الانسان كما خلقه الله وحدة حياتية متكاملة متناسقة من الغرائز والعقل والارادة العواطف والمشاعر ، وان التربية السليمة هي التربية التي تراعي التكوين الانساني بعناصره المادية والجسمانية والعقلية والنفسية وتهتم بربطه بعالم الاخرة.. لئلا يحدث الانفصام بين القيم الروحية والجسدية ، ويحدث الاختلال في توازن الشخصية ، وقد رفض الاسلام الرهبانية وحرمان الجسد ، ودعا في العديد من احكامه وتشريعاته الى رعايته والعناية به . والاسلام دعا لإعطاء الجسم حقه من الشراب والطعام واللباس والسكن والعلاج والجنس .... الخ بدلالة الاية الكريمة اعلاه وايايات تفصيلية اخرى . واعتبرها ضرورات حياتة يجب توفيرها للانسان . ولذا فان التربية الاسلامية تسعى لتركيز هذه المفاهيم في عقل الطفل ونفسه ، وان الاباء يتحملون مسؤولية العناية الجسدية بأبنائهم . لذا تبدأ عناية الاسلام الجسدبة بالطفل وهو نطفة في بطن أمه ، فقد حثت التوجيهات الاسلامية المرأة الحامل على تناول أنواع الأطعمة ليكون الطفل سوي الخلقة ، متكاملا ، جميل الصورة و ترعاها العنلية الالهية.كما حرمت الشريعة الاسلامية كل مامن شأنه أن يضر بالحمل ، ف ( لاضرر ولا ضرار) كما جاء في الحديث النبوي الشريف ، وذلك يدعو الأم الحامل في هذا العصر الى التأكيد من تناول بعض الأدوية وعقاقير منع الحمل التي كثيرا ما تسبب تشويه الطفل والجناية عليه جسديا ونفسيا ، فالاضرار به وتشويه خلقته عمل محرم ومسؤولية شرعية وحين يولد الطفل تبدأ مسؤولية الاباء الشرعية بالعناية به وحمايته من امراض الطفولة . فالكثير من الاباء يتساهل في توفير الوقاية الصحية ..أو يهمل بعض الحالات المرضية التي تنتاب ..فتتطور الى مرض عضال يصعب بعد ذلك علاجه .. والاب مسؤول مسؤولية عن وقاية أبنائه من الأمراض والحفاظ على صحتهم بتوفير الغذاء والدواء اللازم لهم .. ولايعذر الا العاجز عن توفير ذلك من عنده .. أو من خلال مــؤسسات الدولة المختصة بشؤن الطفل والاباء مسولين للمتابعة.وينبغي للاباء ان يعودوا الطفل العادات الصحية السليمة الي حث الاسلام على الاهتمام بها .. كتربيته على عدم الاسراف في تناول الطعام والشراب واللباس والانفاق المادي الذي نهى الله عنه بقوله : ( يابني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولاتسرفوا انه لايحب المسرفين ) 31 المائدة ومما ينبغي تدريب الطفل عليه بالنظافة الجسدية ونظافة اللباس والبيت والمحيط والاناقة في اللباس والطعام قال تعالى : ( يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )6 المائدة.
( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعبادة والطيبات من الرزق قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الايات لقوم يعلمون)32 المائدة والاسلام دين القوة والفتوة ..لذا أمر المسلمين أن يوفروا كل وسائل القوة والاعداد الجسدي بقوله تعالى : ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة....) من هنا كانت تربية الطفل على الاهتمام بالرياضة البدنية وزرع روح الفتوة والقوة في نفسه مبدأ أساسا من مبادئ اعداد الاجيال مع حكمة الاخلاق والتصرف .. وبناء الأمة وبالاضافة الى ذلك فان روح القوة والفتوة لها الاثر البالغ في رعاية صحة الطفل والنا شئ .. وتنمية شخصيته ، والحفاظ على ثقته بنفسه لمواجهة الصعاب . وقد جاء الحث النبوي الكريم على التربية البدنية بقوله (ص) : (علموا أولادكم السباحة والرماية) و مما يتسامى بالاهتمام الرياضي والتربية البدنية هو السيرة العلمية للرسول الكريم محمد (ص) فقد كان الرسول فتى فارسا مقاتلا ..بل وكان يدخل في عمليات سباق الخيل ، فكان يكسب الجولة ويتفوق في غالب الاحيان كما خسرت ناقته إحدى جولات السباق التي دخل فيها. وكان (ص) يجري السباق بين اصخابه ، ويضع الجوائز للفائزين تشجيعا منه لروح القوة والرياضة والفتوة . وصارع ركانة الذي كان معروفا بالقوة والغلبة فصرعه الرسول وغلبه. والنوم هو أحد العناصر الاساسية في حياة الانسان الجسدية والعقلية والنفسية والحفاظ على الوقت والراحة ..وتدريب الطفل على النوم المبكر والاستيقاظ المبكر من أهم عناصر تربيته على رعاية الصحة الجسدية والنفسية ..وكيفية استفادته من الوقت ..و صدق تربيته وتحسيسه بان للجسد اركان ..تتوجب الالتزام بها لقوله تعالى في سورة الانعام 158 : ( قل تعالوا أتل ماحرم ربكم عليكم) وفي سورة الاعراف 33 : ( قل إنما حرم ربي الفواحش ماظهر منها وما بطن) وكما ينبغي تدريب الابناء على العادات الصحية الجيدة وتنشئتهم عليها يجب ايضا نهيهم عن تناول المحرمات وممارسة العادات الجسدية المحرمة ، وتدريبهم على ترك العادات السيئة والمكروهة . ومما يبعث على القلق والخوف على مستقبل الجيل المسلم والاجيال المتعايشه معنا لتنفيذ الرسالة الالهية لبناء الفرد والمجتمع والمواونة بين حقوق الفرد والجماعة ..لذا فان مسؤولية الاباء تكون صعبة وخطيرة لحماية الناشئين والمراهقين من السقوط ..! من دون دعم الدولة ومؤسستها ..والاجراءت الوقائية هي التربية الايمانية وتعميق الأخلاق الاسلامية وبيان خطورة مضار الاعمال المحرمة زالممارسات المحرمة .. وما تنتجه من امراض وسقوط اجتماعي ..وواجب الاسرة ابعاد هم من اصدقاء السوء ومراقبة سلوكهم بصورة مستمرة .. واستخدام العقاب الأدبي عند الحاجة للردع عن الوقوع في الهاوية .. الفت نظركم ان من العادات الضارة التي لايهتم الاباء بردع ابنائهم عنها هي عادة التدخين التي غدت وبالا على الصحة والاقتصاد .. والتدخين له دوافعه النفسية عند الصبي والمراهق ... وبامكان الاباء ردع ابنائهم عن تلك العادة بالتوعية والمنع وحسن التوجيه النفسي الذي يشعر المراهق باحترام شخصيته أمام الكبار. والمجتمع الصالح ينتج افرادا صالحين ،والمجتمع المنحرف ينتج افرادا منحرفين .. فالانسان يتقلى الكثير من افكاره وسلوكه وعاداته وادابه من مجتمعه .لذا اهتم الاسلام بتكوين البيئة الاجتماعية الصالحة ، وازجب فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لاصلاح الوضع الاجتماعي بقول الله تعالى : ( ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) 104 المائدة وان مسؤولية الاباء والمربين تدعوهم الى تربية الطفل تربية اجتماعية ، ليكون فردا اجتماعيا ناجحا في علاقاته الاجتماعية ومشاركا في بناء المجتمع وتصحيح السلوك الاجتماعي . وان المنطلق الاساس للعلاقات الاجتماعية يبدا من الحياة الاسرية والعلاقة بافراد الاسرة .فتدريب الطفل على التعامل السوي مع اخوانه الصغار والذين يكبرونه بالسن ، هو بداية لتكوين انماط العلاقة الاجتماعية ..فتدريبه على علاقة الحب والاحترام والايثار والتعاون مع اخوانه يربي في نفسه روح التعامل الاجتماعي وينقذه من الفردية والانانية ..... ان حثه على العناية باخيه او اعطاءه شيئا من نفوذه .ورد هذا التوجيه عن الامام محمد الباقر (رض) في قوله لاحد اصحابه : (استرضع لولدك بلبن الحسان ، واياك والقباح ،فان اللبن قد يعدي) وان ربيته كما تكون الحكمة والدعاء الماثور عن ائمة اهل البيت (رضوان الله عليهم) التربية القيادية وتركيز مفاهيمها فقد جاء فيه( اللهم إنا نرغب اليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام واهله وتذل النفاق واهله وتجعلنا فيها من الدعاة الى طاعتك والقادة الى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والاخرة) فمن هذه المفاهيم نجد ان الاسلام يريد ان يعد امة قائدة رائدة في طريق الخير..وان كانت تربيتك ياعزيزي السائل على هذا الغرار الذي أمرنا .. فلا خوف عليهم .. والا العيب في الاصل.
المحبIngolstadt – Germanybehbahani@t-online.de
https://telegram.me/buratha