المقالات

كيف يفكر الأخ الصدري؟

1431 23:46:00 2008-07-15

الصدريون أو ما يسمون أتباع التيار الصدري ليسوا أناسا من كوكب آخر , بل هم بعض من أخوتنا و أبناء بلدنا الذي يفترض أن يكون فيه الحكم لصوت العقل الحر القاضي بالتعايش السلمي و التعاون على البر و التقوى و مصلحة البلاد و العباد بعد أن زال الطغيان و ذهب عهده إلى غير رجعة . و لكن مما يؤسف له حقا أن نرى هؤلاء الأخوة وقد انحرفت أفكارهم و عقولهم و نفوسهم عن جادة ما يقتضيه التعقل و التروي و الحكمة . لا نريد أن نلقي ذلك كله على شماعة كون أغلبهم من المراهقين و صغار السن و الشباب العاطل عن العمل و إن كانت هذه القضية ليست شماعة في واقعها بل هي قضية مؤثرة و حقيقة تترتب عليها حقائق أخرى . و كلها بمجملها تستحق وقفات و وقفات للدراسة و التأمل و البحث عن عللها و معلولاتها عميقا في السيكولوجية و الثقافة و التاريخ التي اجتمعت مؤثراتها لتلد لنا ما أطلق عليه البعض بالظاهرة الصدرية . المهم الآن ليس التنظير و لا أولوية لدراسات تحلل بعمق و تشرّح بإسهاب الظاهرة ، بل يجب التعاطي مع الواقع و الحدث لأننا في وضع يجب أن تشخص فيه الأمور و تحدد ضمن الأطر العامة و قليل مما يمتلك خصوصية عن غيره . سؤال كيف يفكر الصدري طرحه العراقيون آلاف المرات مع كل حدث أو أزمة و ما أكثرها يكون الصدريون الطرف المثير للجدل فيها . طرحوه بشكل أو بآخر و لكن تبقى للسؤال تلك الثيمة المتعلقة بحقيقة عقلية الصدري و رغبته و نواياه و ما يريده و ما لا يريده ؟؟ اختصر من وحي المعايشة الشخصية للصدريين أولا و من وحي المعاناة التي مررت بها معهم و ثالثا من وحي الحطاب الصدري ، أختصر النقاط الأساسية التي تشكل ركائز العقل الصدري و دوافعه و محركاته وهي :أولا : الصدريون مسكونون برغبة الثأر للسيد الشهيد محمد صادق الصدر ، وقد اثر ذلك على تشكيل نفسية الصدري و طبيعتها الحادة و مزاجها المتعصب . فهم فقدوا السيد الصدر على يد الطاغية صدام بعد أن ثبت له أن مضار وجوده أصبحت أكثر من منافعه في تقديره و رغم الطريقة البشعة التي أقدم من خلالها الطاغية على اغتيال السيد و ولديه أمام أنظارهم فإن الصدريين لم يقووا على فعل شيء مؤثر سوى حركة لم تكن لتهزّ شعرة من جلد جنزير العوجة ، و من قام بذلك تم تصفيته و اعتقاله لمدد طويلة فخرج وهو لا يلوي على شيء حاله حال من لم يعتقل و بقي حرا طليقا ، كلاهما يتقاسمان الشعور بالغصة المريرة و العجز الكلي عن التحرك بوجه النظام و السلطة القائمة . بعد السقوط أرادوا أن يتخلصوا من هذا الشعور و يبددوا شحنات الكبت فكان منهم أن تمردوا على الوضع القائم و حاولوا إثبات أنفسهم بل بلغ البعض مبلغا في الثأرية لستر ماء الوجه أمام الذات فراح يدعي أنهم من أسقطوا صدام بينما يقول الواقع أنه لولا الاحتلال الأمريكي لبقي صدام حاكما مطلقا على العراق يرثه من بعده قصي أو عدي . ثانيا : عقب إسقاط النظام و عودة الأحزاب السياسية المعارضة شعر الصدريون بالنقص أمام التاريخ الجهادي لبعض هذه الأحزاب و تحملها مرارة النفي عن الوطن و مطاردة أجهزة المخابرات لهم و رفض أغلب الدول لا سيما العربية حتى مرورهم بمطاراتها . فما كان منهم وهم فارغو الوفاض إلا مواجهة تلك الأحزاب و عدم الاعتراف بها و بتأييد قطاعات واسعة لها لأن الاعتراف يعني اعترافا بالتاريخ ، اعترافا بسفر متوهج من الجهاد و مقارعة الظلم . فاتخذوها اقرب إلى العدو ثم انتهت الأمور فعلا إلى المجاهرة بكونها عدوا و ذهب بعض الصدريين حد تفضيل الأحزاب البعثية و العلمانية عليهم . ثالثا : لستر النقص المزمن تاريخا و ثقافة و تعليما لأغلب عناصر التيار كان لا بد من رفع شعار يمنحهم وصفا دعائيا و يستر عورة فاضحة لهم فكان شعار " المقاومة " و رفض الاحتلال رغم أنه لا يوجد حزب سياسي لا سيما من الأحزاب الإسلامية يوافق على بقاء الاحتلال لكنه في نفس الوقت لا يسعه إنكار الواقع و لا بد من التعامل بحكمة مع الأحداث و إدارة دفة السياسة بحنكة و صبر و طول نفس . رابعا : يعترف الصدريون أنفسهم بأن أغلب أتباعهم هم ذوو تاريخ شخصي مهين ، خذ على سبيل المثال الصدريون في مدينة الثورة " الصدر حاليا " فلا تكاد تجد شخصا منهم لم يكن معروفا بطيشه و شقاوته و كان ذات يوم إبليسا من ألأبالسة . بالطبع ليس في هذا عار و شنار فالله يهدي من يشاء و لكن للتاريخ حكمه و للسلوك تأثيره . لهذا كانت فرصة تشكيل مليشيات فرصة رائعة لانصهار الذات في ذاتها ، العودة إلى الشباب أو الطفولة الشقية و إن بوجه آخر ، فتحولت التوثية إلى بندقية و القامة إلى آر بي جي .. و تماهى الصدري في طبيعته الأولى و لكن بلباس المقاوم النبيل . خامسا : نقطة انطلاق الصدريين كانت في ظروف قاسية ألمت بالعراق و لحظة الولادة و المخاض الصعب هو في الواقع أهزوجة تثير الحماسة و تلبي في النفس جانبا مهما لإثبات الذات و استعادة الأمجاد ولو تلك المنسوجة من الوهم ، لحظة تبلور التيار الصدري هي لحظة الظلم و الظلام البعثي و لهذا نجدهم يصرون على استمرارها بوعي أو بلا وعي . حتى ليبدو أن نفَس الصدري سيختنق ما لم يكون ما حوله ظلما و ظلاما . من هنا راحوا يخلقون أعداءهم خلقا و يصرون بكل قوة على أن ما حولهم ظلم و ظلام رغم أنك لو قارنت بين أمس الصدري و يومه لوجدت اختلافا بينا هو كاختلاف حال أي عراقي اليوم مهما كان عن أمسه .سادسا : بعد أن وجد الصدريون أنفسهم حزبا سياسيا معتدا به في أجواء الحرية و النظام الديمقراطي الذي يعتد بأي حزب مهما كان حجمه و تأثيره و شعاراته و عقيدته احوا يتعاملون مع السياسة و واقعها و كأنهم في مضيف من مضايف الجنوب يجلس فيه الناس فتكون الغلبة للسان لا العقل و للزعيق لا التروي و الحكمة .. أي قضية يطرقها الصدريون يحيلونها إلى " سالفة " جرت في شارع عام و ليست حدثا سياسيا يتطلب النظر إليه و معالجته و تحليله وعيا و فكرا و خبرة . حديث الصدري حول السياسة " سالفة " مقاهي و كلام عجائز .. التأمل عميقا في هذه النقاط ستضع أمامنا تصورا للإجابة عن سؤال : كي يفكر الصدري ؟
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك