بقلم: كمال ناجي
من المعلوم أن التيار الصدري أعلن انسحابه منذ عدة أشهر من الحكومة و ترك خلفه وزارات شاغرة كان لا بد من أن تُملأ ، و لكن الشد و الجذب بين الكتل السياسية الباقية في الحكومة و المنسحبة الراغبة في العودة كان سببا مباشرا في تأخير تسمية الوزراء للوزارات الشاغرة منذ عام تقريبا . و شخصيا لا أجد مبررات كافية لمثل هذا التباطؤ و التلكؤ سيما و أن بعض الوزارات ذات تماس مباشر مع حياة المواطن إلا أنه من جانب آخر يمكن أن نجد عذرا للسيد المالكي الراغب في أن تكون حكومته حكومة وحدة وطنية بمعنى تمثيل كل من يمكن تمثيله فيها . تبدو المشكلة مع جبهة التوافق متعلقة بقضايا محددة منذ إعلان عودتها إلى التشكيلة الوزارية فهي تدور حول أسماء المرشحين لشغل مناصب الوزارات المقررة لها ، و الجبهة واضحة في سعيها لفرض ترشيح بعض الأسماء بعينها و هو ما أسهم في عرقلة و تأخير عودتها إلى الحكومة لأن بعض هذه الأسماء ذات خلفيات وضع عليها رئيس الوزراء أكثر من علامة استفهام باللون الأحمر . لكن المشكلة مع التيار الصدري تبدو مختلفة فكتلة الصدريين لم تعلن عن رغبتها في العودة و أكدت أكثر مرة أن قرار الانسحاب نهائي لا عودة عنه . غير أنها عادت الآن لتعلن شروطا على المرشحين و تشهر حقها باستخدام الفيتو ضد من لا يروق لها . بالطبع ليس الأمر متعلقا بحق من يمثلونها في البرلمان بالامتناع أو الاعتراض فهو حق طبيعي و لكن ... و لكن الصدريون ما زالوا يعتبرون تلك الحقائب الوزارية التي كان يشغلها بعض من أعضاء التيار هي حقائب محفوظة الحقوق و لذلك فلا بد من موافقتهم على أي مرشح لها ، وهو في المحصلة النهائية يعني رغبة في العودة و لكن من شباك ضيق النافذة فمن المعلوم أن هذا الوضع لا يختلف عما قامت به بعض الكتل و الأحزاب من ترشيح مستقلين لا ينتمون إلى كوادرها و لكن هي راضية عنهم و كاسبة لولائهم مسبقا . و النتيجة أننا أمام حالة من النفاق و الانتهازية خاصة إذا علمنا أن حدة الاعتراض جاءت في وقت وصل فيه الاتفاق إلى مرحلته النهائية و لا ينقص سوى تصويت النواب في البرلمان عليه لتلافي الاختلال الحاصل نتيجة غياب عدد من الوزراء لوزارات مهمة . و يبدو أن المساعي الصدرية تهدف إلى تحصيل مكاسب ضيقة على حساب المواطنين و مصلحة الوطن لأن عرقلة الأمور إلى أبعد من هذا الوقت لا يصب في مصلحة الحكومة و لا الشعب .إن الثابت بالنسبة للحزب الذي ينسحب أنه لا يملك حق تقرير من يشغل الوزارات التي انسحب و تخلى عنها و في حال امتلاكه مثل هذا الحق فهو ليس في حكم المنسحب قطعا لما قلناه من أن التمثيل الوزاري لا يرتكن بالضرورة على أعضاء في كادر الحزب بل يمكن أن يكون أية شخصية موالية و متحالفة مع المنسحبين . لا أدري متى يكف الأخوة الصدريون عن التصيد في الماء العكر و بهذه الطريقة الصبيانية الخالية من أي جدارة سياسية ونضوج لائق و عقلانية برلمانية لو صح لنا القول فالوضع في بعض الوزارات لم يعد يحتمل وضع المزيد من العراقيل بوجه استكمال بناء الوزارة و عودة إشغالها من قبل شخصيات جديدة وهم طيلة الفترة الماضية كانوا يكيلون الانتقادات لتأخر رئيس الوزراء عن إعلان تسمية الوزراء المرتقبين و عدوا كل لحظة تأخير هي ضد مصلحة الوطن فيما يقومون الآن بمهمة التأخير و العرقلة على أتم وجه و أكمله بحجج واهية كالقول أن اختيار الوزراء يتم على أساس حزبي و الحزبي هنا مفهومه لدى الصدريين مفهوم واسع و يليق تماما بعقليتهم السياسية و طريقة تفكيرهم أنفسهم فهم يلحون الآن على ضرورة اختيار وزراء مستقلين موالين لهم لشغل وزاراتهماشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha