المقالات

لماذا نحتاط بالاسراف بالماء ولا نحتاط باراقة الدماء؟

1877 18:48:00 2008-07-13

الشيخ فؤاد الاسدي

جمعتني المناسبات بعفوية ان اكون بقرب شيخ صدري كان يتوضأ قرب مرقد الامام علي(ع) في النجف الاشرف فاصغيت الى نصيحته لافراد كانوا يرافقونه وهو يوصيهم بالاقتصاد بالماء ويحذرهم من الاسراف فان "المبذرين كانوا اخوان الشياطين".اثارت دهشتي هذه النصائح وتألمت كثيراً لبساطة الوعي والافراط في السذاجة، هذا الشيخ كان يدير مكتباً للشهيد الصدر ويشرف على المحاكم الشرعية وهو لا يخاف احدا حتى الله سبحانه وتعالى وكان لا يتردد في اعدام كل من يخالفه او يعارضه فهو لا يحتاط باراقة الدماء بينما يحتاط بالاسراف بالماء. يذكرني هذا الموقف المثير بالحكاية المشهورة لابن عباس حيث جاءه شخص يستفتيه عن حكم من قتل بعوضة في موسم الحج فسأله ابن عباس عن بلده فقال له من العراق فأجابه تتحرجون عن قتل بعوضة في موسم الحج ولا تحتاطون عن قتل ابن بنت رسول الله في كربلاء!هذه الحقيقة المؤسفة طالما تتكرر في الواقع الاسلامي وهي تعكس غياب الوعي المعمق والرؤية المتبصرة للتعاطي مع الاشياء فأتذكر احدهم كان يشرف على موكب حسيني في بغداد وكنا صغاراً نرافق المواكب الحسينية في ازقة وشوارع مدينة الصدر وعندما يحصل خلل في مسيرة الموكب او ينحرف عن مساره فلم يمتلك مسؤول الموكب غضبه أو يمسك تأثره فيقوم بتوجيه السب الى الله ورسوله بسبب الارباك الحاصل في موكب ابن بنت رسول الله!الاسلاميون المتشددون هم ابرز نماذج هذا الوعي التسطيحي فلم يدركوا الاولويات ولم يفقهوا مبحث التزاحم او فقه الاولويات الذي يقتضي تقديم الاهم على المهم او تقديم الاقل مفسدة على الاكثر اثناء الاضطرار في امتثال الحكم الشرعي.هؤلاء المتطرفون كانوا السبب في ارباك الوعي وحجب الرؤية واضطراب المفاهيم.والا كيف نفسر قتل الناس بهذه الطريقة الوحشية من اجل اهداف تبدو هزيلة لا تنسجم مع حجم التضحيات والخسائر بل وان بعض القوى تحاول زرع العبوات الناسفة وقتل المدنيين من اجل اثبات فشل الحكومة في حفظ الامن.لسنا ميكافيليين فان الغاية مهما عظمت لا تبرر الوسيلة فنزاهة الوسائل جزء من نزاهة الغايات ولن تنفصل او تتجزىء بل هي سياقات واحدة تنسجم فيها الوسائل والغايات.ومن هنا فلابد من الاشارة الى قضية مهمة قد تجاهلها الاسلاميون في ادائهم وهي فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد نصّب الكثير منهم نفسه قيماً ووصياً على الناس وتكاليفهم وحرياتهم ويحاسب ويراقب الناس على شؤونهم الخاصة وعلى معتقداتهم وافكارهم.هؤلاء يجهلون شرائط الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فيحاولون التعاطي مع الاشياء بجهل مركب وسفاهة فلو ادركوا هذه الشرائط والضوابط التي حددتها الشريعة السمحاء لما ارتكبوا مثل هذه الفضائع والخطايا.الجهل بظروف وحيثيات المواجهة او المقاومة سببت لنا المزيد من الويلات والمأساة وغياب القائد الفذ الذي يفقه الموازنات ويدرك الاهم من المهم ويشخص الاكثر مفسدة على الاقل ويحدد المصالح العليا بافقه المتألق قد اقحم الكثير من العراقيين في مواجهات بائسة ويائسة ولم نجن من وراءها الا الخسائر والهزائم والمصائب.قائد بمستوى السيد مقتدى الصدر لا يفقه من اصول الفقه قاعدتين ولا يحفظ من القران آيتين كيف يتحكم بمصير البسطاء من الصدريين وكيف يقودهم الى حافة الهاوية ومستنقع الكارثة.السيد مقتدى الصدر نموذج للقائد الفاشل الذي لن يزيد انصاره الا خبالاً وقد زجهم بمواجهات بالنيابة عن الاخرين وواجه الحكومة المنتخبة في معركة خائبة اختار فيها الصدريون ان يكونوا في خانة الخارجين على القانون وهو ما أساء الى منهج الصدر وافقده الكثير من بريقه وانصاره ومحبيه.مصيبة مقتدى الصدر انه يمتلك بساطة مفرطة ولم يستطع صياغة جملة مفيدة واحدة او فكرة صحيحة ولم ينجح في قيادة الصدريين من عشاق أبيه بطريقة صحيحة واعتقد انه قاد الصدريين الى مزالق ومآزق كان بامكانه اختيار الطريق الاصح ويحافظ على انصاره ومسارات منهجهم وحتى ان كان الخيار المسلح المقاوم للوجود الامريكي في العراق.قد أستغرب كثيراً ان يكون حال الصدريين بهذه الطريقة المأساوية والكارثية التي تستعير من حزب البعث طريقته في قهر الناس واكراههم.وما يزيد من غرابتي هو ان في الصدريين شخصيات واعية وواعدة أمثال الاخ الكاتب راسم المرواني فهو كاتب يمتلك رؤية متقدمة وواعية يستطيع لو فسح المجال القيادي والتوجيهي له ان يوجد خطاباً واعياً ويصيغ افكاراً معمقة تخدم التيار وتنفع السيد مقتدى الصدر نفسه.على الصدريين والسيد مقتدى الصدر تحديداً ان يستفيد من الاخ راسم المرواني كمستشار ناصح له وكمنظر للتيار الصدري لكي يشخص الخلل ويحدد نقاط الشلل وهو انسان جرىء وشجاع كما عرفته من خلال اشاراته الواعية في موقع كتابات ودقته في معالجة القضايا والموضوعات المهمة.واقول ذلك ناصحاً لا قادحاً ولا جارحاً ولن اتحامل على التيار الصدري ابداً واتمنى ان يعيد الصدريون النظر في اداءاتهم وخطاباتهم المنفعلة والمتشنجة ويتخلوا عن عقد البطل والافضل ويكونوا واقعيين اكثر ويتبعدوا عن الطوبائية والطاووسية.ولكي لا يتيه القارىء في فضاءات التحليلات والتصورات الخاطئة فاني ليس لي ادنى علاقة مع الاخ راسم المرواني ولم التق به سابقاً ولن اضطر الى مدحه وربما لدي ملاحظات على بعض ما يثيره من افكار ... ولكنه ذكي ويصطاد الفكرة الصائبة والرؤية المتبصرة.واقترح على التيار الصدري مخلصاً ان يفكك الخلط الخطير بينه وبين العصابات الخارجة على القانون وان يجمد جيش المهدي او يحله الى الابد فلا مصلحة او مبرر من بقاء هكذا جيش قد سجل ابشع الجرائم بحق الوطن والمواطنين وان يبدأ الصدريون عملية تنقية واعادة نظر في الكثير من قواعدهم ويهذبوها من العناصر الفاسدة والمفسدة وان يبعدوا السياسيين المزايدين الذين جعلوا التيار الصدري جسراً لاغراضهم الشخصية والحزبية كالسيد حازم الاعرجي والنائب بهاء الاعرجي اللذين تاجرا بدماء الصدر والصدريين كثيراً واترفا وابذخا كثيراً على حساب الصدريين.وعلى السيد مقتدى الصدر ان يعيد النظر في الناطق باسم التيار الصدري الشيخ صلاح العبيدي لا لسوء اخلاقه وسمعته بل هو انسان كما يبدو مؤدباً ومهذباً ولكنه منفعل ومتشنج ومتسرع في اطلاق مواقفه.اتمنى ان يستفيد الصدريون من هذه الحقائق لكي يعيدوا التوازن في الساحة الشيعية بوعي واعتدال فهم تيار مهم ولابد من حضوره بالطريقة الواعية والمؤثرة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك