بقلم: امجد الحسيني
لم يصل المتخصصون بالثقافة الى تعريف جامع مانع كما ان تعريفاتهم للثقافة بصورة عامة هي تعريفات تنظيرية اكثر مما هي تعريفات تطبيقية وظيفية وان التعريفان المشهوران للثقافة من مثل (اعتبار الاديب والشاعر مثقفا) و ان ( الثقافة ان تعرف شيء عن كل شيء وتعرف كل شيء في مجال اختصاصك ) هي تعريفات غاية في الفوقية والاستعلاء فان التعريف الاول يخرج الناس جميعا من الثقافة فيما يعرف الجميع ان لكل مجتمع ثقافة ولكل عصر ثقافة لكل حرفة ثقافة ويبقي صنفين فقط من الناس الذين وهبهم الله الاسلوب الجزل في اختيار الالفاظ والتعابير هم الشعراء والادباء واما التعريف الثاني فهو غاية في النظرية والاكاديمية ويعتبر من التعاريف الطاردة للعلم والتعلم فانك ان اردت ان تكون مثقفا فعليك ان تكون موسوعيا ومتخصصا كابن سينا او الفارابي وهذا جميل لكن هذان التعريفان لاينطبقان على اي مجتمع من مجتمعات العالم كما انهما حاصران لفئات معينة محددة وكأنها تريد ان تحرز لنفسها وجودا مصطنعا فالاستاذ فقط هو المثقف والفنان فقط هو المثقف بل في العراق قد يحصر هذا اللقب على اولئك الذين ينتمون الى اتحاد الادباء والكتاب وضمن هذا الاطار اعتقد ان الثقافة تختزل باسماء معينة قد يكون الاعلام اوصلهم الى ان يكونوا مثقفين .ثم اذا اردنا ان نفكر بواقعية ونطرح السؤال الاتي : اذا كانت الثقافة تقتصر على النخبة وهؤلاء النخبة لايتطلعون الا الى تنمية اسمائهم اعلاميا فبماذا نخدم الواقع العراقي ؟ان مايدور في الاوساط العراقية من تسميات للثقافة والمثقف تشكل في اصلها عقدة مستحكمة وفي الحقيقة لايعنيني ماسيقوله المثقفون بقدار مايعنيني استحصال الاجابة منهم على سؤال واحد اكثر جدلية وعقدوية ( ماذا قدم المثقفون للعراق ) ؟واعتقد ان جل ماقدموه شعارات ساذجة عن الوطن والوطنية واصطفافات لهذا الحزب او تلك الحركة السياسية وهذه الاصطفافات في اغلبها سلبية لانها تأثرت بالغرب واصطنعت الثقافة الاجنبية وحتى اصطناعها او اتصافها بالثقافة الغربية كان تنظيريا بعيد كل البعد عن التطبيق والواقعية فصارت الثقافة تحتكر لمن يدفع اكثر بل صار المثقف عبارة عن وجه دعائي تستخدمه هذه الحركة او ذلك الحزب لتمرير اجندات حزبية غاية في الانغلاق فلو كانت الطبقة المثقفة الرشيدة في العراق موجودة وتعي ماتحمله من اسم او مايقع على عاتقها من عبء لاصلحت مجتمعها وهنا علي ان انقد ابناء جلدتي قليلا واذكر الجميع بحادثة تحتفظ بها الذاكرة العراقية هي ظاهرة السلب والنهب واحراق المؤسسات الحكومية ابان سقوط نظام صدام عندما هب الكثير من العراقيين البسطاء او غيرهم لسلب مايمكن سلبه من مؤسسات الدولة في واقع مؤسف يوحي بان المجتمع يفتقد الثقافة العامة اولا ويفتقد الثقافة الوطنية ثانيا فاين كان المثف حينها ؟صحيح ان نظام صدام سرق الثقافة بشكل عام لكن حينها لم يقاوم المثقف ولم يحاول وان على طريقة الاحزاب في نظالها السري لم يحرك المثقف ساكنا ثم ان المثقف الذي وقع عليه اصلاح المجتمع راح يشتم السياسيين وينتقدهم ويتهمهم بالانغلاق والطائفية وسلب الحقوق دون ان ينتقد نفسه مرة واحدة فبعد عمليات السلب كان على المثقف ان يُشخص سبب وقوع المجتمع بتلك الكارثة ليعالجها لكنه في الحقيقة لم يحرك ساكنا وبقي قابع في عرشه يطلب المكتسبات ويتباكى على حقوقه ويبحث في سبل عيشه ونسي ان عليه تقع مسؤولية تثقيف المجتمع واصلاح مافيه من عيوب فوقف يعادي رجل الدين لان المثقف يستبطن صراعا غير مبرر مع رجل الدين فاسرع المثقفون يرتمون في احضان المذاهب الغربية والشيوعية فقط لانهم لايردون تسيد الاسلاميين وصارت العملية تحمل تعقيدات اكثر فبدلا من ان يكون المثقف عامل اصلاح في المجتمع صار عاملا من عوامل ايقاد النار وعلي هنا ان اوكد ان الحرب الطائفية الي كادت ان تقع في العراق كان المثقف هو المسؤول الوحيد عنها فهو دائما ما يسمح لنفسه ان يبيع وطنيته واكاديميته وموضوعيته امام اتفه قناة اعلامية ليقول لها ماتريد بدافع مادي او عدائي لهذه الفئة او تلك وكان المواطن العادي الذي يحمل الكثير من ادران الماضي التعسفي لايفرق بين الصحيح والخطأ كما صار الانسان العادي لايثق باي نظرية واي منهج اصلاحي مادام الاكاديمي والمثقف من السهل ان يغيير رأيه بين ليلة وضحاها بل في الساعة الواحدة يقول للصحيفة الفلانية رأيا مناقضا لرأي قد قاله لصحيفة اخرى وكأنه يستغفل المشاهد او القاريء ؟اذن مشكلة الوطنية في العراق لاتعود الى السياسيين وانما تعود للمثقف العراقي نفسه فمثقفنا اليوم يقرأ كي يسابق في الجدل والخلاف ولايقرأ كي يخدم المواطن ويستخدم الشعارات بل يحفظها دون ان يطبق منها شعارا واحدا حتى صار مصطلح الوطنية وحب الوطن من الكلمات الجاهزة التي يستخدمها الجميع وصار الوطن فوق المواطن وهنا علي ان اطرح سؤالي الاخير على المثقف ولن اعلق بعدها ابدا رغم اختلاج الكثير من الاشكاليات في نفسي ولكني ساترك للمثقف التعليق !!اذا لم نراعي المواطن فماهي فائدتنا بالوطن وهل هناك وطن على الارض من دون مواطن وهل ترك بعض الفنانين والشعراء والاعلامين والادباء فسحة للعودة بعد ان باعوا الوطن بمسلسلات تنتقص من العراقي سيرا على طريقة الثقافة البعثية في التمييز بين العراقيين مناطقيا وعرقيا وطائفيا وخلقهم لثقافة التحلل بديلا عن ثقافة العلم والابداع والانطلاق ؟؟؟اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha