المقالات

(( ممنوع قراءة التاريخ عقليا ... مشكلة رأس المنصور في بغداد ))

1660 21:33:00 2008-07-10

قلم: حميد الشاكر

__________________

منذ الزمن البعيد وحتى اليوم من تأريخ البشرية القصير نوعا ما ، كان ولم يزل هناك عدوا واحدا لكل انظمة الاستبداد السياسية والدينية التي كانت قائمة في التاريخ وحتى اللحظة الراهنة ، الا وهو المسمى في سجلات الشرطة واجهزة المخابرات السياسية والدينية والاقتصادية ... الحديثة بالعدو الغامض !.والغريب العجيب ان هذا العدو الخطير لانظمة الحكم الانسانية هو هو لم يتغير مع تغير السنون ولم يتبدل مهما تطاولت الحقب وتأسنت الاعوام ، وهو موجود في داخل كل بيت ومع كل اسرة وفي رحاب اي مجتمع ، وتحت زوايا اي مسجد ، وعلى ارصفة كل الشوارع ،....... وحتى في المقاهي والمقاصف وفي دار الايتام وتحت عباءة زوجة السلطان ايضا ، انه العدو المسمى انسانيا هذه المرّة بالعقل !.كل انسان منّا يحمل عقله ، أذن كل انسان منّا يحمل داخله عدوا للسلطان وللسلطة في الان معا !.ان مشكلة هذا العقل التاريخية مع السلطة السياسية والاخرى الدينية والثالثة الرأسمالية التجارية والرابعة الاجتماعية التقليدية .... وحتى اليوم ، ليس هي في وجوده كعضو منتمي لباقي الاعضاء من الجسد البشري ، وانما أشكاليته مع السلطان بكلا شقيه الدنيوي والديني تبدأ عندما يبدأ بالعمل ويمارس الحركة ويشعر بالوجود ويحاكم الاراء ويبحث بالسجلات ، ويقلب بالصفحات .... عندها يبدو مزعجا تماما في بداية الامر ، الى ان تنتهي به عبثيته الفكرية بالحكم عليه بالاعدام النهائي ، أمّا من خلال اسكاته بالقوة عن ممارسة التفكير ، وأمّا بطمره والى الابد تحت التراب !.لكنّ الاغرب هو تفاعل هذا العقل في صمته او حتى وان كان تحت التراب مع الارض ليعاد انتاجه من جديد على شكل ثمرة يأكلها اي انسان في هذا العالم ليصبح فيما بعد عاقلا ومفكرا لتعاد المشكلة للسلطان من جديد ولكن بصورة اخرى !.أذن كيف السبيل للتخلص من هذا الفيروس القاتل للسلطة المسمى عقلا ؟.وماهي هذه المشكلة المستعصية على الحل بين السلطان واصحابه من جهة وبين العقل وعمله من جهة اخرى ؟.وهل يخشى الاستبداد خباثة العقل وعينه الناقدة التي ترى عورات السلطان بشكل مختلف ؟.أم تخشى السلطة من اثارت العقل لمدافن عقول البشر وحرث ارضهم العقلية من جديد لتنبت ثورة ؟.في التأريخ ( على سبيل المثال ) ممنوع قراءته عقليا وفكريا وبنوع من التأمل الهادئ في اجندة اي سلطة دينية منتفعة او دنيوية مستبدة ، وهذا لالشئ الا لأن السلطة الدنيوية والدينية تشعر بالحرج الشديد عندما يقرأ التاريخ عقليا ، ففي التاريخ سلطان ورعية ، وجلاّد وضحية ، وظالم ومظلوم ، وعدالة وجور ، ورسالة ثورية واخرى ترفية فاسدة ........ وهكذا ، وفي التاريخ عبر وشعارات وشخوص وشخصيات يتبع بعضها بعضا الى عصرنا المعاش ، لتتبلور السلطة من جديد وكل يوم وكأنها كرة تتدحرج من أدم حتى اليوم ، وسلسلة تمسك كل حلقة باختها ، وان اراد اي عاقل مفكر نقد حلقة من هذه السلسلة المتماسكة البنيان ، فان شعور السلطة سيكون مستفزا بالتمام ، لتشعر فيما بعد ان النقد موجه اليها في واقع الامر وليس لحقبة تاريخية اندثرت بلا رجعة !.هذه الصورة هي التي تضعنا على اول الطريق من عملية المنع الممارسة من قبل اي سلطة مستبدة دينية ودنيوية تريد الحفاظ على كافة صورتها السلطوية بما فيها التاريخية ، والتي ترى فيها انظمة التفرعن السياسية اللبنة الاساس التي اقيمت عليها فيما بعد كافة انظمة الحكم الظالمة ، واي تعرض للتاريخ وشخوصه الحاكمة هو تعرض مباشر لوجود النظام حسب ماترتأيه عقلية سياسة التفرعن البشرية !.ومن هنا كانت الرؤية القائلة : ابعدو التاريخ عن قراءة المفكرين !.فالمفكر العاقل ليس هو واعظ السلطان الذي يرتزق من جيب الحاكم المنّان ، ولاهو كاتب التاريخ كما هو بلا رؤية او أستحسان ، بل هو قارئ التاريخ بعين النبي الانسان ، وكما ينبغي ان يفهم هذا التاريخ بلا رتوش التقديس المفتعلة لاصحاب الحكم والسلطة ، وبلا تهويل المرتزقة وصناعتهم للارباب المزيفة كي تعبد من دون الرحمن ، أفليس من حق السلطة بعد هذا ان تخشى العقل وتأمر بمنعه في قراءة التاريخ !.في حادثة نادرة من تاريخ العراق المعاصر وبعد سقوط نظام صدام حصين في بغداد وفجأة اختفى رأس ابي جعفر المنصور الذي كان شاخصا في احد زوايا بغداد الحبيبة ، وقامت الدنيا ولم تقعد على رأس ابي جعفر المنصور المغدور في ليلة مظلمة وبدأت الاسألة :ماهو مغزى اختفاء رأس ابي جعفر من مكانه ؟.ومن هي الجهة التي يبدو انها قرأت التاريخ فكريا فلم تعجب بأبي جعفر المنصور كحاكم تأريخي ؟.ولماذا انتفضت بعض المجموعات السياسية والدينية الاخرى لتعلن التمرد المسلح حتى عودة صنم ابي جعفر للوجود ليعبد من دون الله سبحانه ؟.وهل حرب رأس ابي جعفر المنصور هي وجه من وجوه حرب العقل والسلطة في التاريخ وحتى اليوم ؟.ولماذا كما حق لانصار رأس ابي جعفر المنصور اي يشيدوا له صنما ، أن يكون لمعارضيه حق أزالته من المشاهد لنكتفي به في التاريخ ؟.وهل كانت المعركة رمزية فقط بينما الحقيقة اعمق لمعركة ازلية بين ان نقرأ التاريخ عقليا ، وبين من ينادي لقراءة التاريخ قداسيا ؟.ولماذا تحاول اي سلطة بذيولها الرأسمالية والاخرى الدينية المنتفعة ان ان تضفي لون التقديس لتاريخ سياسي هو بالاساس لايؤمن بالمقدس ؟.وهل كان ابو جعفر المنصور نبيا مرسلا ، او مصلحا انسانيا او عالما ربانيا .... ليستحق رأسه ان يكون محجة للوافدين ؟.ام انه رجل سياسة له ماله وعليه ما اكتسب كأي انسان آخر في التاريخ وحتى اليوم ؟.أسألة كثيرة اثارها العقل المطرود من رحمة السلطة ، والملعون على السنة وعاظ السلاطين واباطرة الخرافة حول التاريخ ، واذا لم يسكت هذا العقل اليوم وهو يتحدث عن رأس ابي جعفر المنصور ، فمن الضامن عدم تناوله لفراعنة مصر وسلاطين المسلمين .... وباقي حفنة الطغاة في التاريخ وحتى اليوم ، ليصل في الغد القريب الى انظمة الحكم العربية المقدسة والتي نصفها تتشبه بحكام التاريخ والنصف الاخر لهم طريقتهم المثلى في حكم البشر ، ولاحول ولاقوة الا بالله !.________________________

al_shaker@maktoob.com

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
مواطن صابر
2008-07-11
السلام عليك استاذي الكريم المشكله أنهم طائفيون لاتوجد أمة تفتخر بطواغيتها وجلاديها أبدا سوى أمة الأعراب لاحظ سيدي بمن يفتخرون بصلاح الدين بالحجاج بيزيد الزاني بهاروون الفاجر بالمتوكل محي سنة اجدادهم وهولاء كلهم لايربط بينهم شيأ سوى معادات اهل بيت النبوه روحي فداهم فهؤلاء _بقر_حقدهم عاميهم ثق قرأت لاحد الأعراب مقالة طويله عريضة يبكي على سفينة البعث في العلاوي ويتهم الروافض_ وانا افتخر اني رافضي ويشرفني_بأنهم خربو التراث والفن وبدلوا صورة بغداد الجميلة فهؤلاء اي شيا يوحي لهم شيطانهم أنه ضد أهل البيت يتمسكون به وشكرا
ابو هاني الشمري
2008-07-11
هناك تيار خبيث بين المسلمين يحاول تمجيد الطغاة كما في اوربا النازيون الجدد. اذا كان الدوانيقي(ابو جعفر) يبنى له تمثال لانه بنى بغداد وكان ملكا فعلينا ان نبني تمثالا للحجاج الطاغيه في مدينة الكوت لانه اسس واسط ولنبني تماثيلا للكثير من الطغاة والكفرة لا لشئ سوى لانهم اسسوا لبناء مدينة ما. صدقت اخي حميد هناك الملايين ممن لايريد لعقله ان يعمل بل يقول( انا وجدنا ابائنا على امة وانا على اثارهم مقتدون)وهؤلاء هم الذين يحرقون الارض كل يوم بافعالهم وافكارهم المنحرفه.
hameed ridha
2008-07-10
ثم وهكذا نخلد الاربعين حرامي وطغاة تسموا خلفاء للاسلام وهم شوهوا الدين كيزيد والوليد وهارون والمتوكل وامثالهم وقد قتلوا اشرف الخلق وطغوا وبغوا ثم دعونا عصورهم ذهبية وما الهدام مناببعيد وقددعوه قائد الحملة الايمانية وهو الرجس الاكبر وسموه المؤمن وهو مقبر وذباح المؤمنين والساطي على كل البشريه بدنسه ومخازيه ثم ليبتني مسجداباسمه عدد ركائزه عددسنوات عمره وارتفاع ماذنه الخ وما رايناه في صلاة جمعه ولا غيرهاالا امام الكاميرات ولم يعلم نجاسة دمه لكتابة كتاب الله فهل سنتعض ونجعل الحق حقا لنتبعه والعكس
hameed ridha
2008-07-10
بسمه تعالى في اجتماع لبحث حقوق الانسان في السويد علقت بأن التاريخ يجب ان يكتب ويدرس بواقع وتعبير يعكس قيمة الانسان وليس بتقديس اشخاص هتكوا البشريه فمن بنى سور الصين على اشلاء شعب عمل تحت السياط لا يسمى عظيما وحضارة ولا الفراعنة الذين هتكوا شعبهم وبني اسرائيل باشد العذاب وليسحبوا الاحجارالثقيلة من اسوان وغيرها تحت سياط جلادين ليشيدوا لهم قبورا تحت الاهرامات لندعوهم حضارة فرعونيه وهذا ما شجع طغاتنا اليوم على اتباع ذلك النهج فاذا كل المستشفيات صدام والمطارصدام والجوامع اعوذ بالله صدام ثم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك