بقلم: د.صباح حسين
عقب سقوط النظام الصدامي البائد وهزيمته في التاسع من نيسان من العام 2003 وهروب اعوانه وازلامه المجرمين بادر العديد من المواطنين العراقيين وخاصة المهنيين والاكفاء منهم الى استثمار عملية سقوط النظام وتنفس العراقيين لهواء الحرية الذي طالما حرموا منه من خلال تحويل مقرات الاجهزة الامنية الى منتديات ومؤسسات ثقافية واجتماعية تتولى القيام بمختلف الانشطة السياسية التي تهدف الى توعية ابناء الشعب العراقي وتثقيفهم وكذلك التنسيق مع مكتب الاعمار الامريكي في العراق وقتها والذي كان ارفع مؤسسة امريكية في العراق قبل مجيء بريمر من اجل تقديم الخدمات الى ابناء المنطقة بعد زوال الدولة وسقوطها . مقر المنظمة المدنية التي كنت اعمل بها كان بالواقع بالقرب من مكتب التيار الصدري وكان المكتب عبارة عن وكر للصوص ,حيث كان يتردد عليه السجناء السابقون ممن اطلق النظام الصدامي البائد سراحهم عقب العفو الذي اصدره قبل سقوطه وكان هؤلاء سجناء جنائيون متهمون بجرائم قتل وسرقة ولم يكن من بينهم سجين سياسي سابق واحد ,بينما كان الاكاديميون والمثقفون وطلبة الجامعات والكليات يفضلون التردد على مقر منظمتنا الثقافية .وكنت اجد مشاعر الحقد في داخل المسؤولين عن المكتب في تعاملهم معنا ورفضهم في كثير من الاحيان التماساتنا لهم بمساعدة المواطنين الذين ياتون الينا طلبا للمساعدة لكوننا مؤسسة ثقافية لا تتلقى دعما ماليا ضخما من احد ,بالعكس من مقر التيار الصدري الذي كان ممتلئا بالمساعدات الغذائية والادوية المسروقة من المستشفيات ومخازن الادوية الحكومية والسيارات واجهزة التكييف وغيرها ,فضلا عن الاموال ولقد حاولنا التنسيق مع المكتب بشان تشغيل ابناء المنطقة في اعمال رفع النفايات والتي تبرع بها مكتب الاعمار الامريكي في بداية عمله في العراق ,حيث رفضت عناصر المكتب التعاون وفضلت التعامل مع المكتب الامريكي وتحديد عدد العمال والمراقبين ووافق الامريكيون ,في الوقت الذي اخذ فيه المسؤولون في المكتب من اللصوص السابقين والمشايخ من الراسبين في الدراسة المتوسطة والذين ظهرو بشكل مفاجيء عقب السقوط وهم يرتدون العمامات بارتكاب اعمال التزوير منذ البداية من خلال كتابة اسماء وهمية في القوائم المقدمة الى المكتب الامريكي وتقاضي مبالغ كبيرة عن هذه الاسماء الوهمية . وتزايدت مشاعر الكراهية ضدنا مع مرور الايام وبدات الاحتكاكات والحساسيات من قبل المكتب الذي اخذ يعمل على ترويج الاشاعات ضدنا ومع اعلان تشكيل جيش المهدي في المنطقة بدات المواجهة تاخذ جانبا اخر فقد جاءت الينا في احد المرات عناصر مسلحة وطالبتنا برفع صور مقتدى على البناية التي كنا نشغلها ووضع شعارات اسلامية ايضا .تريثنا في الامر وناقشت الامر مع زملائي الذين وجدوا بان تقديم مثل هذا التنازل يعني استسلامنا وانصياعنا لارادة هؤلاء اللصوص الذين نعرف تاريخهم وماضيعهم وقررنا اللجوء الى عشائرنا لحمايتنا من تهديدات جيش المهدي وعناصره المسلحة وقد كان لتهديدنا الاثر في منع هذه العناصر من العودة ومطالبتنا باشياء كنا نرفضها ,لكنه ومع مرور الوقت ومع تزايد نشاط عناصر جيش المهدي وكميات السلاح الضخمة التي تدخل كل يوم الى مقراته اصبحنا في خطر .فجيش المهدي لا يرغب بوجود اية نشاطات اخرى غير انشطته وقام بتهديد اي شخص يحاول زيارتنا والمشاركة في انشطتنا واخذت هذه العناصر المسلحة بتهديدنا بالمباشر حتى قامت ذات ليلة بالسطو على مقرنا وسرقة محتوياته من الاثاث واجهزة الحاسوب وتفجيره من الداخل باستخدام رمانات يدوية مما كان بعني استعدادهم لقتلنا في اي وقت .لم يكن من المجدي الاستمرار مع عناصر جيش المهدي التي قامت بتهديد جميع الحركات والاحزاب الاخرى بضرورة اغلاق مقراتها في المنطقة بضمنهم نحن والبحث عن مناطق اخرى مما اضطرنا الى اغلاق المقر وتركه والذي اصبح لاحقا احد اوكتر التعذيب والاختطاف في المنطقة بعد ان كان مكانا لاشاعة مفاهيم المجتمع المدني واحترام القانون وبناء العراق الجديد على اساس الحكمة والسياسة وليس وفق منطق الفوضى و البندقية والمسدس .اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha